المخروبي حفيظ- صوت العدالة
في قلب جبال إقليم الخميسات، وعلى بُعد حوالي 70 كيلومترا جنوب غرب العاصمة الرباط، ينتصب سد “تيداس” كواحد من أبرز الإنجازات الحديثة في مجال البنيات التحتية المائية بالمغرب. بسعة إجمالية تُقدَّر بحوالي 507 ملايين متر مكعب، يُعد هذا السد من أكبر المنشآت على مستوى حوض أبي رقراق، ومن بين المشاريع الكبرى التي تجسد الطفرة التنموية التي عرفها المغرب في مجال تشييد السدود خلال العقدين الأخيرين.
ويأتي إنشاء هذا السد ضمن رؤية استراتيجية شاملة لتعزيز الأمن المائي الوطني وتدبير الموارد الطبيعية بشكل مستدام، حيث تمكنت المملكة خلال السنوات العشرين الماضية من بناء أكثر من 60 سداً جديداً، كان من أبرزها سد “تيداس”، الذي دخل حيز الخدمة سنة 2022، مُحدثاً نقلة نوعية في تدبير الموارد المائية، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تفرضها التغيرات المناخية.
وقد صُمم سد “تيداس” لتلبية مجموعة من الحاجيات الأساسية، في مقدمتها تزويد السكان المجاورين بالماء الصالح للشرب، وتأمين الري لفائدة المساحات الزراعية، بالإضافة إلى حماية المناطق المنخفضة على ضفاف وادي أبي رقراق من خطر الفيضانات. كما يُعد السد بنية تحتية استراتيجية تتماشى مع الطابع الجغرافي للمنطقة، إذ يحمل اسم “تيداس” الذي يعني بالأمازيغية “مجموعة من التلال”، في دلالة على تناغمه مع تضاريس المكان.
ويتميّز هذا المشروع الهندسي بعلو يفوق 100 متر، وقد بُني باستخدام الخرسانة المسلحة، في موقع استراتيجي مرتفع عن سد سيدي محمد بن عبد الله، ما يجعله عنصراً حاسماً في تنظيم تدفق مياه نهر أبي رقراق، لاسيما خلال فترات الأمطار الغزيرة التي تُحوِّل السيول إلى كميات هائلة من المياه.
ولا يُنظر إلى سد “تيداس” على أنه منشأة مائية ضخمة فحسب، بل يُعد مشروعاً تنموياً متكاملاً يجسّد الرؤية المغربية في استشراف المستقبل، وضمان استدامة الموارد الطبيعية، في انسجام تام مع أهداف التنمية المستدامة، مما يعزز مناعة البلاد في وجه التحديات البيئية والمناخية.