الرئيسية آراء وأقلام حقوق المرأة رهينة بالقطع مع العقلية البطريريكية

حقوق المرأة رهينة بالقطع مع العقلية البطريريكية

263B5324 8B7A 439D 96C7 A308512FB272.jpeg
كتبه كتب في 13 أكتوبر، 2023 - 4:06 مساءً

ان تهميش المرأة في المجتمعات المتخلفة ومحاولة جعلها دائما تعيش تحت العقلية الذكورية التي تنبني غالبا على الحقد التاريخي إزاءها، قد لوحظ في النقاش والجدل حول مدونة الأسرة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي التي نرى من خلالها هجمة شرسة على المرأة سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة تعود لثقافة ذكورية. علما أن غالبية القوانين الوضعية او الشرعية المتعلقة بالمرأة تخدم في غالبيتها سيطرة سلطة الرجل وهيمنته عليها .
وقد يتضح أن المرأة عموما تختلف بناء على موقعها الاجتماعي ،السياسي، الإقتصادي ، الجغرافي، وهذه العوامل تحدد نسبة هيمنة الرجل عليها الشيء الذي يمكن فصله عن العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المرأة مع الرجل فهي تخضع لعملية قهر مركب بحيث تختلف درجة التأثر بالمناخ العام والتأثر به، لأن ما تعيشه المرأة في البادية ليس كالحاضرة ، ففي البادية تشارك الرجل في معظم أشغاله بذلك تخضع لسيطرة ضاغطة من قبله عكس ما يقع بالحواضر الذي يتأثر بالوضع المادي والثقافي الذي يحدد خضوعها للمنظومة القيمية الاجتماعية .
لقد حاولت المرأة اثبات وجودها والدفاع عن هويتها للحفاظ عن مكتسباتها التي حصلت عليها بفضل جهودها المضنية ،وكفاحها المستمر، لهدم الصورة لمجتمع ذكوري تطفو عليه أفكار دونية اتجاه المرأة وإنجازاتها،
و حققت إنجازات هامة وثقها التاريخ إلى جانب الرجل رغم المساعي الرجعية التي تعرقل مسيرتها وسطوة المجتمع الذكوري الذي لايؤمن اغلبه بالدور الذي تلعبه المراة في جميع المجالات .
ان دور الحركات النسائية حقوقية وديمقراطية قد لعبت دورا مهما في تكريس دور المرأة وما تم تحقيقه من خلالها، الا انه رغم ذلك لايزال النظر إليها بطريقة تهميشية وتعرضها للعنف احيانا من بينها احتدام الصراع بين بعض التيارات منها الإسلامية واليسارية مما أدى إلى التحكيم الملكي وإصدار مدونة جديدة للأسرة سنة 2004 وهي مكتسبات ناضلت المرأة من أجلها طويلا وذلك اعترافا لمكانتها في المجتمع المغربي والتي تم دعمها من طرف دستور 2011 الذي نص على المناصفة لا دماج النساء في السياسات العمومية والبرامج التنموية الشيء الذي كان معززا بتقديم مشروع قانون متعلق بمناهضة العنف ضد النساء .
انه على الرغم من هذه المكتسبات فإن المرأة لازالت تعاني من التهميش في عدة مجالات والتحرش والعنف وحرمانها من حقوقها المدنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتشريعية وتفعيل المبادئ الدستورية المتعلقة بالحرية بما في ذلك إنشاء هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز وقانون مكافحة العنف القائم على النوع والقانون الذي يمنع القاصرين من العمل المنزلي و…….و…..و
ان النقاش المتواصل حول التعديل الذي سيطرأ على مدونة الاسرة الذي دعا الية عاهل البلاد واعادة النظر في مضامينها بما يتوافق ويتماشى مع المستجدات القانونية والتشريعية المجتمعية وكذا الاجتهادات المدنية في هذا الصدد الشيء الذي من شأنه تعزيز مكانة المراة المجتمعية وهذا تفعيلا لخطاب العرش لسنة 2022 ملحا ان المغرب يتجه نحو حل ديمقراطي في تطبيق مدونة الاسرة لارساء دعائم دولة مدنية قائمة على المساواة بما يتفق مع الدولة الحديثة .
ان الجدل المطروح حول تعديل مدونة الاسرة بعد مرور زهاء عقدين من الزمن على اعتمادها والذي أدى إلى طرح عدة أسئلة حول نطاق التعديلات المرتقبة فإنها ستأتي في اطار تنزيل الدستور الذي يكرس المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات وينص على مبدأ المناصفة كهدف تسعى الدولة إلى تحقيقه لأسباب سوسيولوجية متعددة خاصة ان بعض الفئات لازالت تعتقد أن هذه المدونة خاصة بالنساء. إلا انه يجب ان يدرك الجميع انه من حيث المنهجية اكد الخطاب الملكي على اعتماد منهجية تعددية وتشاورية في اطار مقاصد الشريعة الاسلامية وخصوصيات المجتمع المغربي مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح والتشاور والحوار المشترك وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية .
ان النقاش المستفض حول التغيير الوارد في مدونة الاسرة ظاهرة صحية لأن كل هدوء تسبقه عاصفة رغم أن النقاش الفاعل والبناء هو الذي يجب ان يبتعد عن الحساسيات الأيديولوجية والحسابات السياسية الضيقة وأن يكون نقاشا هادئا وهادفا بعيدا عن أي غلو ديني او فكري يحتكر الحقيقة المطلقة وضمن فضاء يجمع جميع الفعاليات الدينية والمجتمعية وذوي الاختصاصات العلمية لإيجاد حلول ملائمة من داخل المرجعية الاسلامية ولمصلحة الوطن وخاصة الفئة الهشة التي تعاني في صمت على جميع المستويات وعلى رأسها المرأة والطفل .
انه علينا أن نطرح جميعا السؤال التالي الذي هو:لماذا نخاف من التغيير الذي هو الأصل في تحقيق الأهداف التي تطال حقوق المرأة والطفل والبعد عن فكر العقلية البطريريكية التي لازالت تعيق تقدم المجتمع المغربي الذي يقصي دور المرأة الفعلي والفعال بكل مكوناتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبالخصوص الحيف الذي يطال حقوق الطفل المرتبطة بحقوق المرأة التي يجب ان تكون فوق كل اعتبار؟

الموستني محمد.

مشاركة