الرئيسية آراء وأقلام حتى لا تجعل من نفسك متطرفا !!

حتى لا تجعل من نفسك متطرفا !!

IMG 20191005 WA0017 1.jpg
كتبه كتب في 5 أكتوبر، 2019 - 3:57 مساءً


عبد الكريم زهرات / صوت العدالة

تناول سكينا وهو يتجه إلى صلاة الفجر، متسترا تحت ظلام الليل، ومترصدا لجاره الذي يؤدي معه الصلاة في نفس المسجد، وبعد انتهاء الصلاة والخروج من المسجد طعن جاره بالسلاح الأبيض طعنة أفقدته الوعي.

ليست هذه بداية درامية لقصة أو رواية، لكنها الحقيقة المؤلمة فالحادثة وقعت في بلادنا وبالضبط بمدينة مكناس خلال شهر شتنبر المنصرم، وفي وقت مبارك تتفرق فيه الأرزاق ويعم فيه الأمن والسكينة، فالجاني لم تعجبه طريقة صلاة جاره ليقرر الاجهاز عليه وتصفيته جسديا. والحمد لله نجى الضحية من الموت المحقق، في حين تمت معاقبة الجاني بأربع سنوات سجنا بتهمة محاولة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والضرب والجرح العمديين بواسطة سلاح أبيض.

ومن خلال هذه الحادثة الخطيرة التي تنبئ بأن التطرف لازال قابعا في أفكار بعض المغاربة، مما يستوجب الوعي بخطورة هذا الفكر المنحرف والعمل على حماية العقل منه. ورغم المجهودات التي تقوم بها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والتي أثبتت نجاعتها في التصدي للفكر المتطرف، وحماية المغرب من المخططات التي تستهدف أمنه واستقراره، رغم هذه المجهودات الجبارة، يظل العمل على حماية الذات من أثر هذه الأفكار المنحرفة ضرورة ملحة، لكي يحصن كل مغربي نفسه من الفكر المتطرف.

وأود هنا أن أستعرض بعض المؤشرات التي تنبئ الإنسان بأنه على حافة الفكر المتطرف.

فعندما ينهاك من يشرف على تربيتك أو تعليمك عن حوار ومناقشة المخالفين، بدعوى أن ماعنده هو الصواب وأن ما عند الاخرين خطأ وضلال، فانتبه فإنه يحاول أن يجعل منك شخصا متطرفا أسهل ما يمكن أن تصير عليه هو أن تعتدي على الناس بحجة تغيير المنكر، في حين أن هذا الاعتداء هو عين المنكر.

عندما تكره إنسانا خالفك في الفكر أو الدين وتغضب لذلك وتنعته بأبشع النعوت، دون أن تحاول البحث ومناقشته بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالحب، فانتبه فأنت تجعل من نفسك متطرفا.

عندما تمنعك نفسك من قراءة كتب المخالفين في الدين أو الفكر وتكتفي بترديد ما قاله الآخرون في حقهم، وتضيف اتهامات من عندك لا أساس لها من الصحة فأنت تجعل من نفسك متطرفا.

عندما تحضر مجلسا، وترى الناس في المجلس يتهمون بعض الناس بالضلال والفسق، لأنهم خالفوهم في الفكر وفي فهم بعض النصوص الشرعية، فانجو بنفسك فهم يحاولون أن يجعلوا منك متطرفا.

عندنا تقرأ أحداث الماضي بعقلية انتقائية، ولاتقبل إلا ما تماشى مع هواك، وتضرب عرض الحائط ما خالف هذا الهوى، بل وتصر على أن هذه الأحداث كذب وبهتان، دون أن تكلف نفسك عناء البحث والتقصي عن الحقيقة فأنت تجعل من نفسك متطرفا.

عندما تعمم في إطلاق الأحكام على الناس، ولا تستثني أحدا من أحكامك فأنت تجعل من نفسك متطرفا.

عندما تعجز عن المواجهة بالفكر والحوار والجدال بالتي هي أحسن ، وتنتقل إلى السب والتكفير والتفسيق فأنت تجعل من نفسك متطرفا.

إن حماية النفس من الفكر المتطرف يتطلب العمل على الذات، ومراقبة الأفكار التي تحاول أن تغزو العقل وطرد الفاسد منها، واتباع تعاليم الإسلام الحقيقية المبنية على الوسطية واحترام الآخرين والايمان الجازم بأن الاختلاف سنة كونية لاتقبل التغيير.

مشاركة