في حادث غامض ومثير للقلق، عاشت مدينة سطات، ليلة أمس، على وقع استنفار أمني غير مسبوق، عقب إفراغ حافلة لما يقارب 30 شخصا من المشردين والمختلين عقليا عند المدخل الغربي للمدينة، ما خلف حالة من الذهول في صفوف السكان، وأعاد إلى الواجهة ملفا شائكا طالما أثير دون معالجة جذرية.
الحادث الذي وقع على مستوى طريق أولاد سعيد، أثار موجة استياء واسعة في صفوف سكان المدينة، الذين عبروا عن غضبهم مما وصفوه بـ”الإغراق الممنهج لسطات بفئات هشة دون أي تكفل إنساني أو اجتماعي من طرف الجهات المسؤولة”.
ووفق مصادر محلية مطلعة، فإن الأشخاص الذين جرى التخلي عنهم، وهم خليط من مغاربة وآخرين منحدرين من دول جنوب الصحراء، تفرقوا في الحقول المجاورة للمنطقة، في حين توجه عدد منهم سيرا على الأقدام نحو وسط المدينة، دون ماء أو طعام أو أدنى رعاية طبية.
وهرعت إلى عين المكان عناصر من الدرك الملكي وممثل عن السلطات المحلية، لتأمين المنطقة ومنع أي تطورات قد تهدد الأمن العام، فيما استنفرت مصالح الأمن الوطني عناصرها داخل المدينة بعد تداول أنباء عن تسلل عدد من المختلين إلى مناطق مأهولة.
الحادثة أعادت إلى الأذهان سيناريوهات سابقة مشابهة، حيث سبق أن جرى نقل مشردين ومختلين عقليا من مدن كبرى كـالدار البيضاء وطنجة إلى مناطق مثل سطات وبرشيد، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول سياسة تدبير هذه الفئة، وحول مدى التنسيق بين الجهات الترابية والقطاعات الوزارية المعنية بالشؤون الاجتماعية والصحة.
وكانت عناصر الأمن الولائي بسطات قد اضطرت، قبل أيام، إلى استعمال السلاح لشل حركة مختل عقليا كان يحمل أسلحة بيضاء ويهدد سلامة المواطنين وسط موقف سيارات تابع لسوق ممتاز، ما يعكس خطورة ترك هذه الحالات دون رقابة أو تتبع طبي.
وتتزامن هذه التطورات مع استمرار التحقيقات في قضية “سفاح ابن أحمد”، التي تهز الرأي العام المحلي والوطني، ويشتبه في تورط مختل عقلي فيها، ما يسلط الضوء مجددا على غياب منظومة للرعاية النفسية في عدد من المدن.
كما سبق أن سجلت حوادث سير مميتة تورط فيها مشردون على مستوى الطرق المحيطة بسطات، ما يشكل خطرا مزدوجا على السائقين والراجلين على حد سواء.
وفي ظل هذا الوضع، تتعالى الأصوات الداعية إلى فتح تحقيق رسمي حول الجهات التي تقف وراء هذه العمليات، وضرورة تفعيل برامج حقيقية لإدماج هذه الفئة، بدل ترحيلها والتخلي عنها في ظروف لا إنسانية.