الرئيسية آراء وأقلام جــفــاف مـن نـوع آخــر

جــفــاف مـن نـوع آخــر

IMG 20180620 WA0102.jpg
كتبه كتب في 21 يونيو، 2018 - 12:01 صباحًا

 

صوت العدالة : محمد حق طالب بسلك الدكتوراه .

 

ترتبط ظاهرة الجفاف عموما بقلة التساقطات وندرتها داخل مجال جغرافي معين، ممايسبب تراجعا على مستوى الإنتاج الفلاحي والحيواني. لكن، ماذا يمكن القول عن منطقة تزخر بمؤهلات طبيعية قل نظيرها وتتموقع بسفوح جبلية شامخة وتتلقى نسبة لابأسبها من التساقطات، إلا أن جفافها يكمن في التساقطات الكثيفة، إذ كلما كانت هناك تساقطات كثيرة كلما كانت خسائر الفلاح كبيرة؟

IMG 20180620 WA0103
يتعلق الأمر بالجماعة القروية راس القصر التي تتموقع بسفوح الأطلس المتوسط الشمالي الشرقي، تمتد على مساحة 549 كلم2، بساكنة مهمة بلغت 10515 نسمة، حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014. تقع ضمن الجهة الشرقية، وتابعة إداريا لدائرة تادارت، عمالة جرسيف.
تمتد الجماعة داخل مجال متنوع بالموارد الترابية القابلة للاستثمار. في سفوح سلسلة الأطلس المتوسط الشمالي الشرقي التي تعرف تساقطات ثلجية مهمة، وتغطي فيها الغابة مساحات شاسعة، وتعتبر خزانا للمياه، نظرا لطبيعتها الصخرية الكلسية الجوراسية. فهي تغذي أهم الدوائر المسقية في المناطق المنخفضة ( حوض ملوية، و حوض جرسيف)، وتضمن الحد الأدنى الضروري لحقينة السدود المجاورة.
ونظرا لكون الجماعة يخترقها وادين هما : واد البارد المعروف بواد امللوا، وواد زبزيط فان الماء يعتبر المادة الحيوية التي يرتكز عليها الاقتصاد بالمنطقة، حيث تعتبر الفلاحة بمثابة النشاط الرئيسي لسكان الجماعة. هذا النشاط يتم غالبا على طول ضفاف الأودية السالفة الذكر. حيث تمثل المساحة المسقية 1511 هكتار فقط بنسبة 36% ، و هي عبارة عن ولجات منتشرة على طول ضفاف واد مللو و واد زبزيط أو على شكل مدرجات يتم سقيها انطلاقا من العيون عن طريق تجميع الماء بطرق تقليدية على شكل أحواض (ماجن) بعدها تتم عملية السقي كل حسب حصته .
غير أن هذا القطاع لازال يتخبط في عدة مشاكل تحد من تطوره كضيق المشارات الزراعية الناتج عن نجخ ضفاف الأنهار (LE SAPEMENT DES BERGES). وهذا ماساهم في السنوات الأخيرة من تقلص المساحات الزراعية المسقية بهذه الجماعة مماخلف خسائر كبيرة لدى غالبية الفلاحين. إذ كلما تزايدت شدة التساقطات المطرية كلماتضاعفت معاناة الفلاحين بسبب ارتفاع منسوب الأودية وتزايد نشاط التعرية المائية L’EROSION HYDRIQUE)) على طول ضفاف الأودية. مما يسبب في إتلاف المحاصيل الزراعية من حبوب وأشجار…حيث يتم جرفها مع التربة المتآكلة.

ويعزى هذا إلى كون المنطقة تعرف بمنحذرات قوية خصوصا جنوب الجماعة مما يزيد من سرعة جريان المياه وفي ظل التراجع الكبير للغطاء النباتي أصبح الصبيب غيرمنتظم وهذا ما يساهم في الرفع من كمية التربة المتآكلة.
كما أن التدخل البشري في تغيير مجاري الأودية من خلال عمليات التهيئة التي قامت بها الدولة، كما هو الشأن عند بناء السدود الصغيرة للرفع من صبيب مياه السواقي والذي ساهم بشكل كبير في الرفع من سرعة صبيب المياه داخل مجاري الأودية مما ضاعف من مشكلة انجراف التربة ونجخ الضفاف.
كل هذه العوامل السالفة الذكر ساهمت في تقلص المساحات الزراعية المسقية على طول كل من وادي امللوا وزبزيط بجماعة راس القصربنسبة تقدر ب50 % ، مما جعل الفلاح الصغير في حيرة من أمره لكونه يعتمد على هذا النوع من الزراعة المعاشية في تحقيق متطلباته.

مشاركة