بقلم: حسن نطير
يعتبررشيد قدراوي واحد من الوجوه السياسية التي سطع نجمها في عالم السياسة خلال السنوات الأخيرة رغم تجربته الفتية ،لكن شخصيته الرزينة وأخلاقه النبيلة وحنكته الإدارية ،جعلت الأغلبية تلتف حوله ويرون انه المنقذ لجماعة البراشوة التي عانت طوال السنوات الأخيرة من الإهمال والتهميش الذي عشعش فيها على كل المستويات إلى درجة أن حل مشاكل البراشوة باتت من سابع المستحيلات في نظر الكثير من المتتبعين للشأن المحلي في ظل التعقيدات التي تطوق الكثير من القضايا وكان أكبرها تنمية المركز الجماعي وحل مشكلة إعادة هيكلة الأحياء الصفيحية إذ لا تمر أي زيارة عاملية للجماعة دون أن تواجه بالاحتجاجات والصراخ ورفع المطالب برفع التهميش عن المنطقة .
قبل الخوض في المسار السياسي لرشيد قدراوي لابد أن نراجع سيرته الذاتية منذ انخراطه في صفوف المعطلين مع بداية التسعينيات، لكنه لم يكن معطلا فاشلا ،ينتظر التوظيف، بل كان فاعلا جمعويا نشيطا وقادرا على إثبات وجوده كمثقف وفاعل اجتماعي عمل على احتواء شباب المنطقة ودفعهم للانخراط في العمل الثقافي ، إذ يعد من مؤسسي جمعية الشعاع للثقافة والمسرح البراشوة عام 1991 إلى جانب ثلة من الفنانين والفاعلين في الحقل الثقافي وبفعل الأنشطة التي كانت تقوم بها الجمعية سواء على مستوى الجماعة ومحيطها أو على الصعيد الوطني ،ذاع صيتها وأصبحت تستقطب نجوم الدراما المغربية من جيل عبد الكريم برشيد ومحمد بسطاوي رحمه الله ومحمد خيي الذي شارك في مسرحية “خبز وحجر ” كما كانت جماعة البراشوة بفضل عمل الجمعية محط زيارة فرقة مسرح محمد الخامس مطلع التسعينيات ،بإشراف وتأطير،عميد المسرح المغربي السيد عبد الكريم برشيد .
لم يقف المسار الجمعوي لرشيد قدراوي عند هذا الحد ولم ينحصر في مجال الفن المسرحي فقط بل بادر إلى تأسيس جمعية النهضة البراشوة للكراطي التي نظمت عدة ملتقيات وطنية بعد انخراطها في عصبة الوسط حيث حققت نتائج مشرفة في البطولات الوطنية والمسابقات الجهوية اذ حازت على العديد من الميداليات والجوائز كما كانت هذه الجمعية مشتلا لإنتاج الأبطال وتحفيز الشباب على الرياضة وإنقاذه من عوالم الانحراف كما أسس جمعية للقنص خلال سنة 2004 ولازال ينشط فيها لحد ألان حيث يجمع القدراوي ما بين الفن والرياضة والإدارة والسياسة .
شاءت الأقدار بفضل الحضور القوي لرشيد قدراوي في الساحة الفنية والرياضية بشكل مثير أن يلج الوظيفة العمومية خلال فترة العامل بنالضراوي حيث اشتغل في عدد من الإدارات العمومية إلى جانب ثلة من المناضلين امثل السيد محمد الكبراوي مدير المصالح حاليا بجماعة مجمع الطلبة والسيد عزيز الملحق حاليا بديوان عامل إقليم الخميسات ،إلى أن استقر به الوضع حاليا بجماعة البراشوة ,
عمله كموظف بجماعة البراشوة، مكنه من فهم واقع المنطقة والحاجيات الأساسية للسكان والسبل الكفيلة لإيجاد الحلول وإخراج المنطقة من حالة الإهمال والتهميش التي تعانيها ، عوامل كلها أثرت في نفسية القدراوي وقرر خوض غمار السياسة لعلها تكون المفتاح المؤدي إلى تحقيق التنمية وحل مشاكل السكان وكان أول انخراط له في العمل السياسي سنة 2008 حيث ترشح باسم حزب الأصالة والمعاصرة الذي تأسس أيام قليلة قبل الانتخابات ، بعد جولات حركة لكل الديمقراطيين التي كان يقودها آنذاك المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة إلى جانب شخصيات وطنية وازنة أمثال وزير التعليم السابق احمد اخشيشن ،على اعتبار انه حزب النخبة ، لكن تلك التجربة كانت غير موفقة إذ لم يفز بالمقعد ،لكنها كانت انطلاقة جديدة اكتسب خلالها ثقة الناس وذاع صيته وشرع يتعلم معنى السياسة وتقوت لدية الفكرة وزاد طموحه في بلوغ درجات عليا وفي سنة 2015 عاود الترشح، لكن هذه المرة تحت يافطة حزب الوردة بعد التصدي له في حزب الأصالة والمعاصرة في اطار حرب التزكيات ، ولم يفز ومع ذلك لم يمل ولا يكل كونه موظف بنفس الجماعة وله غيرة على المنطقة ،فعاود الترشح في انتخابات سنة 2021 برمز الجرار وظفر بالمقعد في دائرته الانتخابية ، وبما أن الحزب كانت له أغلبية مريحة وبفضل أخلاقه النبيلة وتواصله الدائم والمستمر بالسكان وفئة الناخبين وداخل الوسط السياسي بالمنطقة ، تسلم مشعل الرئاسة بطواعية وبإجماع أغلبية الأعضاء .
تحقق حلم القدراوي واعتلى كرسي الرئاسة ليبدأ معركة الجهاد الأكبر في مواجهة الخصم الشرس المتمثل في تنمية الجماعة وتحقيق مطالب السكان وحل مشاكل البنية التحتية والقطاعات الأساسية وبفضل تماسك المجلس والإرادة القوية للمجلس الجماعي البراشوة وبتعاون وتنسيق مع عامل الإقليم السيد عبد اللطيف النحلي ، استطاع القدراوي ومجلسه، حل عدد من المشاكل المستعصية التي كان تفكيكها يبدو في نظر المتتبعين للشأن المحلي من سابع المستحيلات ،منها إخراج تصميم النمو الخاص بالجماعة ،بناء محطة للتصفية بمواصفات حديثة ،تأهيل وإصلاح الصرح التاريخي لمؤسس الدولة المرابطية دفين منطقة اكريفلة عبد الله ابن ياسين حيث تم إصلاح المسجد والضريح والطريق المؤدية إليهما، ، انجاز ملاعب القرب،،دار الولادة مجهزة بمعدات حديثة ومواصفات عالية تم تدشينها مؤخرا ، إصلاح الأزقة والطرقات داخل الأحياء الناقصة التجهيز في إطار برنامج تهيئة مركز البراشوة بالإضافة إلى كهربة مجموعة من الدواوير،من ميزانية الجماعة وإصلاح وتأهيل السوق الأسبوعي وإصلاح المركز التجاري الذي توقفت الأشغال به منذ سنة 2009 لحل مشكل الباعة الجائلين،وعلى مستوى الإدارة تم إخراج القرار الجبائي إلى حيز الوجود والعمل على استخلاص الاكرية و إحداث مرفق سيارة الإسعاف ناهيك عن تحسن وتجهيز الإدارة واقتناء شاحنة مجهزة لجمع النفايات لتحسين البيئة الحاضنة للسكان كما انخرطت الجماعة في برنامج مدرستي المتعلق بتدبير أسطول النقل المدرسي وإحداث محطة خاصة به كما استفادت الجماعة أيضا من شاحنة معدة برشاش لمحاربة الحشرات المضرة ومعالجة البرك المائية والمياه الراكدة والضايات .
وبخصوص المشاربع المستقبلية شرعت جماعة البراشوة في إعداد جيل جديد من المشاريع التنموية لتظهر المراكز بمواصفات حديثة وفي حلة جديدة منها تثنية الطريق الرابطة بين عين عودة والبراشوة وتقوية منعرجات كريفلة وإحداث وحدة صناعية لتحقيق فرص الشغل للشباب ووحدة سياحية ايكولوجية
المتتبعون للشأن المحلي في البراشوة يرون أن رشيد قدراوي بعد توليه مسؤولية رئاسة جماعة البراشوة التابعة لدائرة الرماني بإقليم الخميسات استطاع في ظرف وجيز تحقيق ما عجزت عنه المجالس السابقة طيلة 20 سنة أو أكثر ويعد من الوجوه السياسية الشابة التي أعطت الكثير بسرعة فائقة وبتجربة سياسية فتية ، تتماشى مع متطلبات العصر وفق الرؤية الملكية السديدة والأهداف التنموية المنشودة لتحقيق مغرب السرعة الواحدة في تواز بين المدينة والقرية .
قد يعاود القدراوي الترشح في الانتخابات المقبلة وقد لا يفوز بالرئاسة لكن الظرفية الراهنة تحتاج إلى طاقات شابة قادرة على المزيد من العطاء والتضحية أمثال القدراوي ومجلسه كافة ، لان الحاجيات أكثر والصعوبات اشد ولا يتغلب عليها إلا حاملي الإرادة القوية والنضج السياسي والادراي اللازم للتعامل مع كل الإشكالات بما يلزمه القانون وتتطلبه العدالة الاجتماعية …ولله الأمر من قلل ومن بعد ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
