جريمة الابتزاز الإلكتروني 

نشر في: آخر تحديث:

الباحث محمد الشريف العمري

حاصل على ماستر العلوم الجنائية و الأمنية 

يتابع دراسته في ماستر قانون الأعمــــــــــــــــــــــــــــــــال   

      لتكتمل الجريمة ويعتد بها قانونا ينبغي توافر ركن آخر حدده المشرع الجنائي المغربي في الركن المادي و يتكون من النشاط الإجرامي الذي يدخل فيه الفعل المادي للجاني المتمثل في جريمتنا من خلال قدوم الجاني على تهديد الضحية بأمور شائنة منسوبة لهذه الأخيرة بواسطة العالم الإفتراضي الإلكتروني كمواقع التواصل عن بعد، والنتيجة الإجرامية و هذه تعني النتيجة المتوصل إليها والتي قد تكون الحصول على المال أو من أجل الإستغلال الجنسي أو غير ذلك ثم العلاقة السببية التي يراد بها العلاقة التي تربط بين النشاط الإجرامي والنتيجة الإجرامية المتوصل إليها من الجريمة مباشرة، ونناقش الركن المعنوي الذي يعبر عنه بالقصد الجنائي أي النية الإجرامية التي يستند لها الجاني و التي تقوم على العلم والإرادة، والواضح أن لكل فعل جرمي عقوبة جنائية في مواجهة مرتكبه لتحقيق الردع العام والخاص من خلالها حسب الخطورة التي يوصم به المجرم وذلك من خلال التشريع الجنائي المغربي و التشريعات المقارنة لمعرفة مدى دقة التشريعات في تحديد العقوبات الخاصة بالجريمة موضوع دراستنا.

     ولتحقيق غاية العقاب من قبل القضاء وتحقيق الردع وجب علينا إستحضار الآليات و الجهود المبذولة على المستوى الوطني من خلال النصوص التشريعية والمؤسسات التي تعمل على مكافحة هذا النوع من الجرائم ثم ننتقل إلى ما جاء به التشريع الدولي من آليات و أجهزة خاصة بمكافحة الإجرام الإلكتروني الدولي من خلال الإتفاقيات و المعاهدات الدولية و معرفة مدى مساهمة هذه الجهود في قمع هذا النوع من الجرائم سواء على المستوى الداخلي الوطني والمستوى الخارجي الدولي.

المبحث الأول : مفهوم جريمة الإبتزاز الإلكتروني

       يستشف من خلال العنوان أعلاه على أننا سنقوم ببحث بعض التعريفات المعطاة لهذه الجريمة إذ في سياقنا نستحضر التعريفات المقدمة من المشرع الجنائي المغربي و التشريع الأردني و الإماراتي وكذلك بعض التشريعات المقارنة لبناء فكرة واضحة حول الدلالة التي يحملها مفهوم هذه الجريمة، حيث أن وضع التعاريف ليس بالأمر الهين خصوصا و أن هذه الجريمة حديثة العهد في الظهور وإن كانت بعض التشريعات استساغتها في تشريعاتها الجنائية وعاقبت على تلك الأفعال ولو دون وجود أي تعريف، وفي نظرنا المتواضع نجد بأن التعاريف سواء الفقهية أو التشريعية حينما يتم تفسيره و التدقيق في شرحها نجد على أن المجتمع يكون على بينة من أمره تجاه ما هو مجرما من عدمه والمساهم في بناء هذا الفهم قد يكون التشريع نفسه أو القضاء أو الفقه.

     بيد أنه من الواضح عدم وجود تعريف واحد متفقا عليه في جل التشريعات وهذا أمرا يكاد يكون مستحيلا في بعض الجرائم لتعدد المنظورات و اختلاف المصادر التي تعمل في ذات المجال كالفقه والإجتهاد القضائي والمشرع الذي قليلا ما يتدخل بوضع تعريف معين لإحدى الجرائم لأن ذلك ليس من إختصاصه بل دور الفقه والاجتهاد القضائي حيث أن هذه الجريمة وقصدنا هنا جريمة الابتزاز الإلكتروني حديثة الظهور إذ تفاقمت قبل العلم التام بها وقلت التشريعات التي تهتم بالمجال الإلكتروني، ليعمل المشرع على وضع تلك القوانين الزجرية بنوع من السرعة مما يجعلنا كباحثين أو متخصصين أو ممارسين نجد العديد من الهفوات والأخطاء التي قد تتحكم بحياة أشخاص رغم خطأ واضعها بكل موضوعية ومصداقية.

      فدائما ما نجد الفقه و الإجتهاد القضائي قائم على إعطاء المفاهيم و التفسيرات والشروحات الخاصة بظاهرة ما ولو كانت حديثة الظهور و البروز وغالبا ما يتم هذا الأمر من لدن متخصصين في مجال القانون حيث أن جل المواضيع القانوني تعرف تضاربا من حيث وضع المفاهيم الموحد ويتم ذلك بناء على معايير و خصوصيات كل مجتمع من خلال منظوره للخطر الذي يواجه تلك البيئة، وعليه و لبناء فكرة واضحة حول مفهوم الابتزاز الإلكتروني يتعين علينا دراسة مفهومها في التشريع المغربي ثم من خلال التشريعات المقارنة.

المطلب الأول: مفهوم جريمة الابتزاز الإلكتروني في التشريع المغربي.

    أضحت الجريمة ظاهرة اجتماعية وجدت في الماضي و لا تزال موجودة حتى يومنا هذا لذلك ففهم الجريمة في أي مجتمع يتطلب اكتشاف المعاني الاجتماعية لها في أي مجتمع ولفظ الجريمة واسع غالبا ما يكون استخدامه غير قاطع لأن الجريمة نسبية نظرا لكونها تتغير دائما كما أن المجتمع يتغير باستمرار، و لعل تعريف علماء الاجتماع للجريمة قد اتخذ نهجا مخالفا للتعريف القانوني حيث ذهب بيرجس burgess” في تعريفه للمجرم بأنه الشخص الذي يعتبره المجتمع مجرما و يعتبر نفسه كذلك، أما تعريف “سذر لاند Sutherland” للجريمة فيشير إلى أنها السلوك الذي تحرمه الدولة لما يترتب عليه من ضرر على المجتمع والذي تتدخل لمنعه بعقاب مرتكبه.

   و نستحضر في البداية ما ورد في الفصل 110 من مجموعة القانون الجنائي المغربي الذي أكد في تعريفه للجريمة على أن ” الجريمة هي عمل أو امتناع مخالف للقانون الجنائي و معاقب عليه بمقتضاه ، حيث يحدد التشريع الجنائي أفعال الإنسان التي يعدها جرائم بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي و يوجب زجر مرتكبها بعقوبات أو تدابير وقائية ولا يسوغ مؤاخذة أحد على فعل لا يعد جريمة بصريح القانون ولا معاقبته عليه بعقوبات لم يقررها القانون.

و الملاحظ أن الفصل 110 من مجموعة القانون الجنائي المغربي الذي يعرف الجريمة يتضمن ركنين هما ركن الشرعية و الركن المادي أما الركن المعنوي فقد أغفله ولم يشر إلى ضرورة توافر الإدراك و التمييز وحرية الإختيار المسائلة الفاعل جنائيا و بيان المعايير الفصل 110 من مجموعة القانون الجنائي المغربي .

   المستند إليه في تحديد نية الفاعل و هذا الأمر يطرح جملة من الإشكالات أهمها كيفية الإفصاح عن نية عميقة بالنفس البشرية المتقلبة والمتشعبة.

    وعليه اعتمادا على الفصل 1 و 110 و 132 و 134 من مجموعة القانون الجنائي يمكن تعريف الجريمة بكونها كل فعل أو إمتناع جرم المشرع إتيانه في نص من النصوص الجنائية وقرر له عقوبة أو تدبير وقائي بسبب ما يحدثه من إضطراب اجتماعي و يكون هذا الفعل أو الإمتناع صادرا عن شخص أهل للمسؤولية الجنائية.

   إذ يتعين علينا في هذا المقام إعطاء تعريفا للجريمة الإلكترونية بما أن هذه الجرائم إحدى السبل المؤدية لارتكاب الابتزاز الإلكتروني رغم وجود مجموع من التعريفات المختلفة و المتشعبة، حيث عرفها الأستاذ جون فورستر” بكونها فعل إجرامي يستخدم الكمبيوتر في ارتكابها كأداة رئيسية، وكذلك الدكتور هاشم فريد رستم” بأنها أي فعل غير مشروع تكون المعرفة بتقنية المعلومات السياسية لمرتكبيه.

   وبه نجد أن للجريمة الإلكترونية أو المعلوماتية أو السيبرانية أو الجرائم الرقمية…. وغيرها من التسميات المختلفة والمتنوعة التي جعلت هذا النوع من الجرائم المستحدثة يأخذ اتجاهات مختلفة في وضع تعريفات متنوعة، وعليه فإن المستفاد من جل التعريفات المعطاة للجريمة الأنفة الذكر على أن هذه الجريمة ترتكب في فضاء إفتراضي على شبكة عنكبوتية للاتصالات يتلاقى فيها القريب بالبعيد و الغني بالفقير و الأمي بالمثقف يحث يسهل على الجاني إكتشاف الضحية التي يمكن أن ينفذ عليها مخططه الإجرامي.

    فالجريمة الإلكترونية ظاهرة إجرامية جديدة يقترفها مجرمون أذكياء يمتلكون أدوات المعرفة التقنية وتطال اعتداءاتها المعلومات المخزنة و المنقولة عبر نظم و شبكات المعلومات و تمس الحياة الخاصة للأفراد و تهدد الأمن القومى والسيادة الوطنية و أيضا تشجيع فقدان الثقة بالتقنية وتهدر إبداع العقل البشري.

   وتعرف الجريم الإلكترونية بأنها ذلك النوع من الجرائم الذي يتطلب إلماما خاصا بتقنيات الحاسب الآلي ونظم المعلومات لارتكابها أو التحقيق فيها و مقاضاة فاعليها، كما تعرف بأنها الجريمة التي يتم ارتكابها إذا قام شخص ما باستخدام معرفته بنظم المعلومات بعمل غير قانوني و هناك من عرفها بانها أي غير قانوني يستخدم فيه الحاسب كأداة أو موضوع الجريمة.

   بيد أن جريمة الابتزاز الإلكتروني ” من الجرائم الناعمة التي لا يكاد يحس بها سوى الضحية التي تعرضت لذلك الفعل و اليوم أضحى المجال الإلكتروني يشغل كل المستويات و القطاعات صغيرتا كانت أم كبيرة حيث يستعين الجاني بإحدى وسائل التقنية كالكومبيوتر للتواصل مع الضحية و لنية إجرامية منه ينصب فعله الجرمي على ضحية إمرأة غالبا من أجل ابتزازها حيث يعمل على تشكل نوعا من الروابط التي تكتسي طابع الثقة من الضحية لتعطي هذه الأخيرة كل الأسرار والخفايا للمجرم عن طريق إرسالها في رسائل أو صور أو مقاطع بالصوت والصورة أو تقديمها على شكل مستندات فالجاني يستغل هذه الثغرة لتنفيذ الفعل الجرمي بواسطة تهديد الضحية بنشر أو إرسال تلكالأسرار المتعلقة بهذه الأخير في مواقع أو للعامة أو غير ذلك من الأفعال التي يستدل منها على أن الجريمة واقعة بالفعل وليس مجرد إدعاء كاذب صادر من الضحية.

   و تأسيسا على ما سبق يمكن إستحضار ما ورد في الفصل 538 من مجموعة القانون الجنائي المغربي الذي تجاوز إعطاء تعريف صريح لجريمة الابتزاز الالكتروني و أكتفى في أحكام هذا الفصل بالإشارة إلى الابتزاز في صورته التقليدية بقول نص الفصل على أن ” من حصل على مبلغ من المال أو الأوراق المالية أو على توقيع أو على تسليم ورقة مما أشار إليه في الفصل السابق ، وكان ذلك بواسطة التهديد بإفشاء أو نسبة أمور شائنة سواء كان التهديد شفويا أو كتابتا يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى ألفى درهم، حيث أنه من الظاهر أن المشرع حينما وضع هذا النص كان المجتمع المغربي بعيد كل البعد عن جرائم التقنية لأن هذا القانون تم دخوله حيز التنفيذ سنة 1962 إذ كان المجتمع لا يزال في بداية صياغة القوانين التشريعية الخاصة به و قلت التقنية في هذه الفترات.

المطلب الثاني: مفهوم جريمة الابتزاز الإلكتروني في التشريعات المقارنة.

     لا شك أن وضع تعريفا واحد لجريمة الابتزاز الإلكتروني ليس بالأمر السهل لأنه وجب علينا في البداية إعطاء تعريفا شاملا للجريمة الإلكترونية بالشكل الواسع ثم في خضم هذه المناقشة نستحضر أهم المفاهيم الواردة على جريمة الابتزاز الإلكتروني، حيث نستدل بالتعريف اللغوي للجريمة الإلكترونية بحيث أنها تأتي بمعنى الجناية أو بمعنى الذنب وجاء في لسان العرب ” وجرم إليهم وعليهم جريمة و أجرم جنى جناية “، والجريمة بشكل عام كل أمر إيجابي أو سلبي يعاقب عليه القانون سواء أكان مخالفة أو جنحة أو جناية، أما الإلكتروني في اللغة فهي المنسوب إلى الإلكترون ومنها الكومبيوتر وأجهزة الإتصال الحديثة التي تعتمد على الإلكترون لتشغيلها وكما جاء في معجم المعاني هي آلة الحاسوب تعتمد على مادة الإلكترون لإجراء أدق العمليات الحسابية و بأسرع وقت ممكن ويسمى أيضا كومبيوتر.

   يستشف من خلال ما سبق أن الجريمة الإلكترونية يمكن ارتكابها بواسطة وسائل إلكترونية يتلاقى فيها الجاني مع الضحية داخل مجال إفتراضي حيث قد تقع هذه الجريمة داخل مجال جغرافي واحد أو قد تتعدى ذلك من خلال تواجد الجاني أو الضحية في مجال خارج نفس الرقعة الجغرافية مما يجعل الأمر معقدا في معرفة كافة الوقائع وتحديد مرتكب الفعل الجرمي وتحديد الجهة القضائية المختصة في معاقبة الفاعل، وكذلك مسرح الجريمة الذي هو جهاز يمكن للفاعل إتلافه بسهولة مما يجعل الطريق مسدودا أمام المحققين والخبراء للوصول إلى الفاعل بسهولة كما في الجرائم العادية التقليدية التي تمنح فرصا أكثر من أجل الكشف عن الجاني، وذكاء مرتكب هذه الجرائم يلعب دورا مهما في محو الآثار التي يستدل منها أنه الفاعل الأصلي للجريمة.

   أما فيما يخص التعريف التشريعي للجريمة الإلكترونية فنستحضر التشريع الأردني حيث لم يضع المشرع الأردني تعريفا للجريمة في قانون العقوبات الأردني شأنه في ذلك شأن معظم المشرعين، لأن وضع تعريف عام للجريمة في صلب القانون أمرا ليس منه فائدة تذكر، وتطبيقا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات يصنف الأفعال المجرمة و دون الحاجة لتعريف عام للجريمة لاعتبارات كثيرة منها تنوع الجرائم و ظهور جرائم مستحدثة أو بوجود تعديلات على القانون تخص التخفيف أو التشديد و ليس من مهمة التشريع وضع تعريف محدد للجريمة لأن محاولة وضع مثل هذا التعريف يحد من إضافة أنماط جديدة من الجرائم في المستقبل من جهة أخرى، كما سلك المشرع الأردني نفس النهج في قانون الجرائم الإلكترونية رقم 27 لسنة 2015، فلم يعرف الجريمة الإلكترونية و إنما قام بتجريم بعض الأفعال التي تقع على الأنظمة المعلوماتية والمواقع و الشبكات الإلكترونية وكذلك استخدام الوسائل الإلكترونية في ارتكاب بعض الجرائم في المواد -3-12 من قانون العقوبات الاردني.

  أما النظام السعودي فعرفها في المادة 1- من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بكونها أي فعل يرتكب متضمنا استخدام الحاسب الآلي أو الشبكة المعلوماتية بمخالفة أحكام هذا النظام، أما القانون الأمريكي لولاية تكساس رقم 1213 لعام 1986 الخاص بمواجهة جرائم الكومبيوتر على أنها الاستخدام غير المصرح به الأنظمة الكومبيوتر المحمية أو ملف البيانات أو الاستخدام المعتمد الضار الأجهزة الكمبيوتر أو ملف البيانات.

    و في نفس الصدد نستحضر التعريف الفقهي للجريمة الإلكترونية وذلك لما يقدمه الفقه من اجتهادات في سبيل تسهيل فهم الواقعة المفسرة، حيث نجد أن الفقه إختلف في وضع تعريفا شامل فبعضهم ذهب في تعريفها استنادا إلى الوسيلة التي ترتكب بواسطتها الجريمة الإلكترونية، فعرفها البعض بكونها هي كل أشكال السلوك غير المشروع الذي يرتكب باستخدام الحاسب.

   في حين ذهب اتجاه آخر في تعريفه للجريمة الإلكترونية إلى ضرورة أن يكون الفاعل ملم بتقنية المعلومات الإلكترونية و بكونها أي فعل غير مشروع تكون المعرفة بتقنية المعلومات أساسية لمرتكبه والتحقيق فيه، وملاحقته قضائيا.

   حيث نجد أن الفقه في الأردن كان قاصر على مجموعة من الوسائل التي يستعين بها الجاني من أجل تنفيذ الفعل الإجرامي كالهجوم على المواقع الإلكترونية وكذلك شبكة المعلومات ووسائل الإتصال ومعه يمكن القول بأن التعريف الفقهي للجريمة الإلكترونية لم يواكب التطور الحاصل في المجتمعات حيث أن المجال الإلكتروني أصبح عبارة عن بقعة خاصة و خصبة بارتكاب الجرائم بكافة أطيافها من تزوير وتشهير ونشر الكراهية والابتزاز والسب والقذف وتنفيذ الأفعال الإرهابية وتحويل إتجاه الطائرات…. وغيرها من الأفعال الخطيرة والمحظورة.

   و لا ننسى بالذكر التعريف القضائي في هذا المجال حيث أن قرار محكمة التمييز الأردنية عرفت “الجريمة الإلكترونية بكونها ذات طبيعة خاصة مع التطور العلمي و التكنولوجي بحيث أصبح من الممكن أن يتم عمل صور ومقاطع فيديو مدبلجة وبالتالي للوصول إلى الحقيقة التي تسعى المحكمة للوصول إليها، كان لا بد من إجراء الخبرة التقنية اللازمة بمعرفة قسم الجرائم الإلكترونية، ولما لم تقم النيابة العامة بإجراء هذه الخبرة المطلوبة فإنها قد عجزت عن إقامة الدليل القانوني القاطع الذي يثبت ارتكاب المتهم للجرم المسند إليه جرم هتك العرض خلافا لأحكام المادة 1/296 و معه يتعين إعلان براءة المتهم “.

      و بعد أن أعطينا التعريف الخاص بالجريمة الإلكترونية وذلك من خلال ما قرر المشرع الأردني مرورا بالفقه وصولا إلى القضاء الأردني، إذ يتعين علينا في حينه التفصيل في المفهوم الخاص بجريمة الابتزاز الإلكتروني لغويا ثم فقهيا.

المبحث الثاني: صور الجريمة الإلكترونية في القانون الجنائي و القوانين الخاصة

    غنيا عن البيان أن الفكر الإنساني تطور مع مرور الزمن لما عرفه العالم من تطورا وانتشار العلوم حيث عرف العالم نوعا من الإزدهار الفكري و التطور المعرفي جيلا بعد جيل فبعد إن كان الإنسان يعاني في قضاء الضروريات الخاصة به و التي يحتاجها بشكلا شبه دائم ومعه كان لزاما عليه التنقل عبر وسائل النقل و الإنتظار لوقتا طويل من أجل تنفيذ تلك المهمة التي يهدف إلى قضائها.

    فلا ننكر فضل التكنلوجيا التي سهلت جل الأمور التي كان على الإنسان قضائها في زمنا قد يطول وقد يقصر فمزاياها كثيرة لا تقع تحت حصر فهي قادرة على بناء مجتمعا ذو حضارة و تمدن في أسرع الأوقات دون أي انقطاع ولا توقف، لكن حينما تصبح التكنولوجيا و المجال الإلكتروني مسرحا لأبشع الجرائم وأخطرها تصورا من الجرائم التقليدية العادية التي أصبح المجتمع يتأقلم معها نظرا لشيوعها رغم خطرها، لكن الجرائم الإلكترونية ذات طابع خاص حيث نجد المجتمع لا يسمع بها ولا يعرفها رغم إقترافه لها بشكل شبه يومي كالدخول إلى مواقع محظورة و إستعمال بعض التطبيقات المحظورة أو القيام بنشر أفكار أو التشجيع على القيام بأمور من شأنها أن تسبب خطرا على الغير.

    وعليه فإن المشرع الجنائي المغربي في غالب الأحيان ومع كل ضرورة نجده يخرج بمجموعة من القوانين المتفرقة و الكثيرة التي تعمل على الحد من كل ما من شأنه أن يزرع الوسوسة و القلق في النفوس ويدعو القضاء و الأجهزة الساهرة على البحث والتحري في مجال الجرائم كالشرطة القضائية وغيرها من أجل إعمال تلك القوانين و ضبط مرتكب تلك الأفعال أو من يمتنع عن تلك الأفعال المحظورة وهي كثيرة ومتعددة، حيث قال البعض بأن تلك النصوص الجنائي المتفرقة تفقد القانون الجنائي ذاتيته بدعوى أنه ينبغي في كل وقتا وحين القيام بإدخال تعديلات على مجموعة القانون الجنائي.

   و الضغط والتهديد والإذعان والتكرار، والابتزاز المادي يتخذ شكل يهدف إلى تحقيق كسب مادي مالي في الغالب حيث يحاول المبتز الحصول على ما هو مادي عن طريق الإكراه مستغلا ضعف الضحية، وفي ختام هذه الإشارة إلى الصور نجد الابتزاز المعلوماتي حيث تتم بواسطة قيام الجاني بسرقة المعلومات عن طريق الوصول الغير المشروع للبيانات أو ما يعرف بـ التهكير وتعني الدخول إلى قاعدة بيانات لشركة أو لمنظمة و يقوم بإحداث تغير عليها كالإعلان عن البغاء وممارسة الفجور أو التحريض على ممارسته أو عن طريق الإستغلال الجنسي.

    ففي ذات السياق سنعمل على التفصيل في الفقرة الموالية على الحديث عن الجرائم التي أدرجها المشرع في مجموعة القانون الجنائي و التي لها إرتباط بالمجال الإلكتروني و بعده نفصل في الصور التي أوردها في القوانين الخاصة.

المطلب الأول: جريمة التجسس

   يفيد معنى التجسس الذي جرمه المشرع لما له من خطر بالمساس بأمن الدولة من جهة الخارجي أو الداخلي بمعنى داخل التراب الوطني أو من خارجه حيث من الناحية اللغوية استقصاء الآثار و الأخبار أو الإطلاع عليها بكيفية غير مشروعة و القرآن الكريم نهى عن فعل ذلك ومن هنا منطلق شرعية هذه الجريمة بقوله تعالى ولا تجسسوا أي الإطلاع على أسرار الفرد كما في الإطلاع على المراسلات أو الحصول على معلومات خاص بأشخاص ينتمون إلى الأحزاب السياسية كتحركاتهم مثلا.

   وقد يكون على مستوى الدولة فيكون مجال التجسس ، هو جمع المعلومات المختلفة عن دولة من دول أخرى وتقصي أسرارها بقصد تسليمها للدولة ما عدولة للدولةالمتجسس عنها، وعلى المستوى الدولي نجد المادة 29 من الإتفاقية الدولية التي أبرمت بلاهاي في 18 أكتوبر 1907 التي نصت على أنه ” لا يعتبر جاسوسا إلا ذلك الشخص الذي يعمل في الخفاء أو متنكرا بذرائع كاذبة يستقصي أو يحاول استقصاء المعلومات في منطقة العمليات الحربية التابعة لأحد الفريقين المتحاربين بقصد نقلها إلى الفريق الآخر “.

     أما بالنسبة لموقف القانون الجنائي الإسلامي من جريمة التجسس فالمعروف أن الله سبحانه و تعالى قد أمرنا في القرآن الكريم بعدم التجسس ولكن الثابت سواء من الكتاب أو السنة النبوية المطهرة أن جريمة التجسس ليست من جرائم الحدود ولا القصاص و إنما تدخل في باب الجرائم التي يجب فيها التعزير و في حدود ما يراه الإمام من الردع اللازمة لها باعتبارها معصية من المعاصي المنهي عنها في القرآن صراحة، و نظرا لما يمكن أن يترتب على التجسس من آثار خطيرة على مسيرة الدولة الإسلامية فإن الفقهاء المسلمين متفوقون على ضرورة عقابه عقابا شديدا قد يصل لحد القتل فهكذا عند الإمام مالك، يقتل الجاسوس مسلما كان أو غير مسلم إذا تعود على التجسس كما قال سحنون من يكتب لأهل الحرب بأخبارنا يقتل و لا يستتاب ولا دية لورثة الجاسوس كالمحارب وقيل يجلد نكالا، ويطال حسبه و ينفى من المكان الذي فيه وقيل يقتل إلا أن يعذر بجهله وقيل يقتل إن كان معتاد التجسس وهذا رأي الإمام مالك”.

    حيث نص الفصل 181 من م. ق.ج الذي يبين الأفعال التي تدخل ضمن جريمة التجسس بقوله ” يؤاخذ بجناية الخيانة ويعاقب بالإعدام كل مغربي ارتكب في وقت السلم أو في وقت الحرب أحد الأفعال الآتية:

– حمل السلاح ضد المغرب.

– باشر اتصالات مع سلطة أجنبية بقصد حملها على القيام بعدوان ضد المغرب أو زودها بالوسائل اللازمة لذلك إما بتسهيل دخول القوات الأجنبية إلى المغرب واما بزعزعة إخلاص القوات البرية أو البحرية أو الجوية واما بأية وسيلة أخرى.

– سلم إلى سلطة أجنبية أو إلى عملائها إما قوات مغربية وإما أراضي أو مدنا أو حصونا أو منشآت أو مراكز أو مخازن أو مستودعات حربية أو عتادا أو ذخائر أو سفنا حربية أو منشآت أو آلات للملاحة الجوية مملوكة للدولة المغربية.

– سلم إلى سلطة أجنبية أو إلى عملائها بأي شكل كان وبأية وسيلة كانت سرا من أسرار الدفاع الوطني أو تمكن بأية وسيلة كانت من الحصول على سر من هذا النوع بقصد تسليمه إلى سلطة أجنبية أو إلى عملائها.

– أتلف أو أفسد عمدا سفنا أو آلات للملاحة الجوية أو أدوات أو مؤنا أو بنايات أو تجهيزات قابلة لأن تستعمل للدفاع الوطني أو أحدث عمدا في هذه الأشياء تغييرا من شأنه أن يمنعها من العمل أو يسبب حادثة سواء كان ذلك التغيير قبل تمام صنعها أو بعده. 

     واستمرارا في مناقشة جريمة التجسس التي غالبا ما يستند فيها الجاني بالوسائل الإلكترونية كالكاميرات و مسجلات الصوت والهواتف وكذلك الحاسوب للتواصل مع أشخاص أخرين أو تابع لقوى خفية لكن لا يمكنه بحالا من الأحوال الإستغناء على هذه الوسائل من أجل إتمام تنفيذ العملية وذلك من خلال العمل بواسطة الحاسوب أو بالفيروسات التي تكون عبارة عن روابط إلكترونية أو مقاطع فيديو أو صور وبهذا يكون الجاني قد أحاط الضحية بسياج الجريمة دون علم الضحية لأن الجاني ينفذ الجريمة بواسطة الهواتف و الشبكة المعلوماتية وكذلك منصات التواصل الاجتماعي التي يسهل فيها على الجاني العمل على الاختراق بواسطة ما سبق ذكره وبذات الكيفية حيث يسمع الصوت و يرى الصورة و يمكنه كذلك البحث في المعلومات المخزنة في ذلك الجهازالإلكتروني و المشرع المغربي لم يتفطن لذكر الوسائل التي يتم الإعتماد عليها في تنفيذ فعل التجسس.

    و المشرع الجنائي المغربي عاقب من خلال الفصل السابق بعقوبة الإعدام دون أي تردد في وضع العقوبة و في نظرنا نجد على أن هذه الجريمة خطيرة بالفعل على التراب الوطني لكونها تخدم مصالح أجنبية و تبرز عدم وطنية الشخص مرتكب الفعل إذا كان مغربيا لكن أخر عقوبة إعدام تم تنفيذها بالمغرب كانت سنة 1993 لكن القضاء وغالبا ما يحكم في مثل هذه الجرائم بعقوبة السجن المؤبد، ففي جريمة التجسس يعمل الجاني على جمع معلومات تخص مؤسسات أو أجهزة أو أفراد و تقصى حقائق هذه الأمور تقديمها الدولة غالبا ما تكون عدوة الدولة المتجسس عليها.

   أما فيما يخص التشريع الفرنسي فأن المشرع الفرنسي تناول التجسس عبر الوسائط الإلكترونية في المواد 6-411 إلى 4419 من القانون الجنائي حيث يتضح من خلال هذه المواد أن التجسس يمكن أن يتم عبر الوسائط الإلكترونية وذلك من خلال تسليم أو تسهيل تسليم أو جمع أو إتلاف بيانات معلوماتية من شأنها المس بأمن وسلامة الدولة إلى دولة أجنبية أو إلى أحد عملائها.

و يتحقق التجسس عبر الوسائط الإلكترونية باستخدام عدة أساليب على سبيل المثال لا الحصر أهمها :

    الأساليب التقليدية كالسرقة أو نسخ الوسائط الممغنطة أو الضوئية التي تختزن فيها المعلومات أو تجنيد موظفين في مقار عملهم للحصول على بيانات من الأجهزة الخاصة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات سواء برشوتهم أو تهديدهم و ابتزازهم.

   استخدام وسائل فنية أو برامج مساعدة للتجسس أو أجهزة عالية التقنية تسمح بذلك أي بالتنصت و التدخل و الاختراق كشبكة إيكيلون echehon و التي هي عبارة عننظام عالمي لرصد البيانات و اعتراضها ونقلها و يتم تشغيلها من قبل مؤسسات استخبارية في خمس دول كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا و أستراليا ونيوزلندا ويقوم النظام إيكيلون بجمع كافة الاتصالات التي تشمل على كل المكالمات الهاتفية و اتصالات الإنترنت وانتهاء بالاتصالات التي تتم عبر الأقمار الاصطناعية دون تمييز و من ثم تصفيتها باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي لإنشاء تقارير استخبارية ومن المعتقد أن اسم إيكيلون هو التسمية الخاصة بجزء من النظام يقوم باعتراض الاتصالات التي تتم عبر الأقمار الاصطناعية.

   التجسس الإلكتروني على الأفراد عن طريق الهواتف المحمولة التي تستخدم أنظمة تشغيل متطورة مثل نظامSymbian الذي يسمح بتطوير برامج خارجية وتشغيلها على الجوال فقد ظهرت لهذه الأنظمة برامج تجسس يستخدم فيها الهكر برامج خارجية مبنية على أساس العميل أو الخادم أو ما يعرف بـ client و server يشترط في هذه العملية أن يكون برنامج الخادم يعمل في النظام المستهدف ليقوم بعد ذلك الهكر بالاتصال من خلال برنامج العميل ليبدأ عملية التجسس وهذا النوع من برامج التجسس تعمل على الكومبيوتر الشخصي و قد ظهرت برامج كثيرة من بينها netbus و sup7.

     ومن خلال العودة إلى العمل القضائي نجد القرار الصادر عن محكمة الاستئناف ببني ملال بتاريخ 2011/03/10 بمؤاخذة المتهم بجناية تزييف خاتم الدولة و استعماله و اختلاس أموال و سندات اولتمن عليها بسبب وظيفته والدخول إلى نظام المعالجة الآلية للمعطيات عن طريق الاحتيال و تغيير معطيات مدرجة بالنظام وحذفها وإحداث اضطراب في سير نظام معلوماتي يتضمن معلومات سرية تهم الاقتصاد الوطني و إحداث 7 برامج معلوماتية طبقا للفصول 242 و 241 و 353-3 و 3-607 و 4-607 و 5-607 و 607 وحكمت عليه بعشر سنوات سجنا.

المطلب الثاني: الصور بمقتضى قانون 103.13 والقانون 53.05

    عانت المرأة على مر السنين من قهر الرجال و ذوي السلطة عليهم لضعف القوة الجسمانية لها لكن الله جعل من المرأة أساس ونواة الحياة فلو لها لما كتبنا هذه السطور و لولها لما أصبح المجتمع على حاله اليوم، لكن و بسوء نية المجرم الذي يصاب بعمى الجريمة فلا سبيل أمامه في تحديد الضحية لأنه و غالبا ما نجد الجاني ينصب فكره الإجرامي على الضحية السهلة المنال كالأطفال والنساء والعجزة وغيرهم ممن لا طقة له للمقاومة لكن التشريعات الجنائية الدولية والوطنية انصب إهتمامها على حماية الإنسان و أمنه وسلامة ممتلكاته من كل ما يمس بحقه ذاك كالقانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والقانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية الذي جاء حمايتا للتجار والأشخاص الذي يقومون بممارسة الأنشطة التي تحتاج إلى السرعة في إبرام العقود وتبادل المعطيات الشخصية من دولة إلى أخرى بدورها لم تسلم من المساس بها والإستفادة من مزياها من قبل المجرمين.

القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.

    يقتضي منا تحليل صور الجرائم الإلكترونية من خلال القوانين الخاصة من أجل تحليل مقتضياتها والتفصيل فيها حيث وضع المشرع الجنائي المغربي العديد من القوانين رغم عدم وجودها سابقا نظرا لحداثة الجريمة وإستنادها على وسائل لم تكن موجودة في الماضي، فالقانون 103.13 جاء بعدما عانت المرأة من القساوة والظلم من قبل المجتمع و إعتبارها في بعض المجتمعات مجرد عبدا أو خدم يجوز ممارسة كافة أشكال القساوة و القهر من لدن الرجال عنهن لكن وبعد مناداة بعض الهيأة والجمعيات الخاص بالدفاع عن حقوق الإنسان أخذت المرأة مكانة لم تكن تملكها من قبل خصوصا بعد تحضر المجتمعات و تطور القوانين كمدونة الاسرة مثلا التي تنظم كافة الروابط الأسرية لكن لم يكن ذلك كافيا لحماية المرأة وضعفها من ظلم المجتمع إذا وضع المشرع القانون السالف الذكر و الذي سنخضعه للتحليل.

   حيث وافق مجلس النواب على القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء بتاريخ 20 يوليوز 2016 حيث يحتوي هذا القانون على 17 مادة موزعة على خمسة أبواب إذ نجد الباب الأول الخاص بالتعريف من خلال المادة الأولى منه عرفت بأن ” العنف ضد المرأة هو كل فعل مادي أو معنوي أساسه التمييز بسبب الجنس و يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة.

   فالعنف الجسدي كل فعل أو امتناع يمس أو من شأنه المساس بالسلامة الجسدية للمرأة أيا كان مرتكبه أو وسيلته أو مكان إرتكابه.

   والعنف الجنسي كل قول أو فعل أو استغلال من شأنه المساس بحرمة جسد المرأة الأغراض جنسية أو تجارية أيا كانت الوسيلة المستعملة في ذلك.

   و العنف النفسي كل اعتداء لفظي أو إكراه أو تهديد أو إهمال أو حرمان سواء كان بغرض المس بكرامة المرأة وحريتها وطمأنينتها أو بغرض تخويفها أو ترهيبها.

    والعنف الاقتصادي كل فعل أو امتناع عن فعل ذي طبيعة اقتصادية أو مالية يضر أو من شأنه أن يضر بالحقوق الاجتماعية أو الاقتصادية للمرأة “.

   و من هذا المنطلق فقد خصص المشرع هذا القانون من أجل النهوض بحقوق المرأة و الحفاظ على كرامتها من المساس بها والحيلولة دون وقوع الجريمة على المرأة من لدن المجرمين وذلك من خلال إستغلال الجانب العاطفي، كما عبر المشرع عليه في المادة السالفة الذكر بالعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي أو الاقتصادي بأي وسيلة و في أي مكان كان به الجاني.

   كما أن الباب الثاني من هذا القانون خصصه المشرع للحديث عن الأحكام الزجرية من خلال المواد من 2 إلى 5 من القانون رقم 103.13 إذا نجد المادة الأولى تشير إلىالفصل:

  404و 431 و 446 و 481 و 503-1 من مجموعة القانون الجنائي التي تم تعديلها و تغيرها من خلال القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد المرأة و من أهم الفصول التي تهمنا في هذا الباب الفصل 404 من م. ق.ج الذي جاء في أحكامه على أنه ” يعاقب كل من ارتكب عمدا ضريا أو جرحا أو أي نوع آخر من العنف أو الإيذاء ضد أحد أصوله أو ضد كافله أو ضد زوجه كما يلي:

1- في الحالات المنصوص عليها في الفصلين 400 و 401 ، ضعف العقوبة المقررة لكل حالة، حسب التفصيلات المشار إليها فيهما.

2- في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 402، السجن من عشر إلى عشرين سنة أما في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية، فهي السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة.

3- في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من الفصل 403، السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة أما في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية، فهي السجن المؤبد “.

       واستمرارا في سياق الحديث عن هذا القانون نجد الباب الثالث الذي عنونه المشرع بالأحكام المسطرية وخصص له المشرع الجنائي المغربي المواد 6 إلى 8 من القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد المرأة حيث يحيلنا على القانون رقم 22.01 المتعلق بقانون المسطرة الجنائية الصادر بتاريخ 3 أكتوبر 2002 ، إذ نجد المادة 302 من ذات القانون تنص على أنه ” إذا اعتبرت المحكمة أن في علنية الجلسة خطرا على الأمن أو على الأخلاق، أصدرت مقررا بجعل الجلسة سرية وإذا تقررت سرية الجلسة للأسباب المذكورة سلفا، فإنها تشمل أيضا تلاوة أي حكم يبت في نزاع عارض طرأ أثناء البحث أو المناقشات.

القانون 53-05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية .

   إستفاد العالم بأسره من التطور التكنولوجي الهائل خصوصا بعد الثورة الفرنسية حيث أصبحت التكنولوجيا عمود وقطب راحة في بعض المجالات كالتجارة والصناعة والأمن و الفلاحة وغيرها من الميادين الحساسة كمؤسسات الدولة و الإدارة العمومية فجل مؤسسات الدولة تستند في عملها على التكنولوجيا الحديثة كالحواسيب و الهواتف وكذلك الفاكس وغيرها من الأجهزة والوسائل، حيث جاء الظهير الشريف رقم 1.07.129 صادر في 30 نوفمبر 2007 بتنفيذ القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية.

   فمن الملاحظ أن هذا القانون يحتوي على قسمين فنجد المشرع عنون الأول بصحة المحررات المعدة بشكل إلكتروني أو الموجهة بطريقة إلكترونية فنجد الفصل 1-65 والفصل 652 من القانون السالف الذكر يتناول الحديث عن الأحكام العامة في الباب الأول المكرر المعنون بالعقد المبرم بشكل إلكتروني والموجه بطريقة إلكترونية، و الفرع الثاني منه المخصص للعرض في الفصول من 3-65 إلى 4-65 من القانون 53.05 فنجد الفصل 3-65 الذي ذكرناه للتو ينص في أحكامه على أنه ” يمكن استخدام الوسائل الإلكترونية لوضع عروض تعاقدية أو معلومات متعلقة بسلع أو خدمات رهن إشارة العموم من أجل إبرام عقد من العقود.

    و أضاف على أنه يمكن توجيه المعلومات المطلوبة من أجل إبرام عقد أو المعلومات الموجهة أثناء تنفيذه عن طريق البريد الإلكتروني إذا وافق المرسل إليه صراحة على استخدام الوسيلة المذكورة و يمكن إرسال المعلومات إلى المهنيين عن طريق البريد  الإلكتروني ابتداء من الوقت الذي يدلون فيه بعنوانهم الإلكتروني، إذا كان من الواجب إدراج المعلومات في استمارة تعين وضع هذه الأخيرة بطريقة إلكترونية رهن إشارة الشخص الواجب عليه تعبئتها “.

   و الجدير بالذكر أن المشرع قرر لمن يقترح بصفة مهنية و عن طريق الوسائل الإلكترونية توريد السلع أو تقديم الخدمات أو القيام بتفويت الأصول التجارية و بطريقة يمكن الاحتفاظ بها وإستخدامها ويظل صاحب العرض ملزم به طيلة المدة المحددة ويتعين أن يتضمن العرض بيان ما يلي ذكره

1- الخصائص الأساسية للسلعة أو الخدمة المقترحة أو الأصل التجاري المعني أو أحد عناصره.

2- شروط بيع السلعة أو الخدمة أو شروط تفويت الاصل التجاري أو أحد عناصره. 

3- مختلف المراحل الواجب اتباعها لإبرام العقد بطريقة إلكترونية ولاسيما الكيفية التي يفي طبقها الأطراف بالتزاماتهم المتبادلة.

4- الوسائل التقنية التي تمكن المستعمل المحتمل قبل إبرام العقد من كشف الأخطاء المرتكبة أثناء تحصيل المعطيات وتصحيحها. 

5- اللغات المقترحة من أجل إبرام العقد.

6- طريقة حفظ العقد في الأرشيف من لدن صاحب العرض و شروط الاطلاع على العقد المحفوظ إذا كان من شأن طبيعة العقد أو الغرض منه تبرير ذلك. 

7- وسائل الاطلاع بطريقة إلكترونية على القواعد المهنية والتجارية التي يعتزم صاحب العرض الخضوع لها عند الاقتضاء 

   تأسيسا على ما سبق يمكن القول أن المشرع الجنائي و من خلال ما للجريمة الإلكترونية، من خطر على أمن وسلامة المجتمع فقد عمل في سنة 2007 على حماية المعاملات المدنية المالية بين المتعاقدين إلكترونيا حيث وضع القانون السالف الذكر من أجل تقنين المعاملات التجارية والتفويتات أيضا و أبرام الصفقات في مدد قصيرة الأمد وذلك سعيا منه كهدف إلى جلب الاستثمار نظرا لتوفر الأمن والإستقرار المجتمعي والإقتصادي، لكن تبقى غاية المجرم تحقيق الربح دون عناء ولا شقاء و ذلك عبر الإختلاس و التزوير والتزييف وغيرها من الأفعال التي دعت بنا الضرورة إلى وضع هذا القانون ضمن صور الجرائم الإلكترونية في قوانين خاصة.

   في حين أشار الفصل 55 من القانون 53.05 إلى الطريقة الشكلية الخاصة لإبرام العقد الإلكتروني حيث يجب على صاحب العرض الإشعار بطريقة إلكترونية و دون تأخير غير مبرر بتسلمه قبول العرض الموجه إليه، حيث يعتبر قبول العرض و تأكيده و الإشعار بالتسلم متوصلا بها إذا كان بإمكان الأطراف المرسلة إليهم الولوج إليه.

   وقد خصص المشرع الفرع الثاني من القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية الذي يندرج هذا ضمن الباب الأول من القسم السابع من الكتاب الأول من قانون الإلتزامات و العقود فقد خصص هذا الفرع من أجل الإثبات بالكتابة عبر الدعامة الإلكترونية ونجده يحيلونا إلى الفصل 443 من ق.ل. ع الذي ينص على أن ” الاتفاقات وغيرها من الأفعال القانونية التي يكون من شأنها أن تنشئ أو تنقل أو تعدل أو تنهي الالتزامات أو الحقوق، والتي يتجاوز مبلغها أو قيمتها عشرة آلاف درهم، لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود. ويلزم أن تحرر بها حجة رسمية أو عرفية، وإذا اقتضى الحال ذلك أن تعد بشكل إلكتروني أو أن توجه بطريقة إلكترونية ، رغبتا من المشرع بقطع الطريق أمام تجاوز القانون وحرصا على حماية المعاملات.

اقرأ أيضاً: