بقلم :ذ.نورالدين بوصباع
ثورتان لحد الآن لم يوفق العالم العربي والاسلامي في إنزالهما إلى أرض الواقع والانتفاع بثمارهما وهو يبحث لاهثا عن الحداثة والخروج من كهف الانحطاط ألا وهما الثورة الدينية والثورة الثقافية، يحدثنا في هذا الصدد المفكر هاشم صالح قائلا” تجربة الحداثة تثبت أن الإصلاح الديني يسبق الإصلاح السياسي ويحتضنه و يفتح له الطريق” مثل هذا الإصلاح الديني لم يعرفه نسقنا العربي والإسلامي والعربي بل بقينا ولقرون طويلة نجتر الدين كطقوس اقل ما يقال عنها أنها طقوس عبودية وطاعة واستسلام ولم تستطع هذه الطقوس أن تمنحنا رؤية وافقا لصناعة الحداثة ومن خلالها صناعة المستقبل، وكنا غالبا ما نرى باندهاش كيف يصنع الكافر مستقبله بفكره الحر وبجهده وعرقه وعندما ينجح نذهب نحن في اتجاه الحديث عن أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو احق بها.
الدين أو التدين الذي لزمناه لقرون طويلة وتشددنا في اتباعه وكما ألزمنا الفقهاء على اتباعه، كثيرا ما يتحدث عن التقوى والورع و أركان الحج وكيفية غسل الميت وكيف نتطهر من الجنابة، ولكنه لم يحدثنا أن الدين في أصله ثورة ضد الظلم وعدم مهادنة الظالمين، ولم يحدثنا على ضرورة تجاوز التواكل وفكرة الخيرية والوصاية على الناس والشفاعة لهم، كي ننهض من سباتنا ونحاول بدورنا التفكير في صناعة المستقبل.
ثورة أخرة لم نفكر فيها قط في عالمنا العربي والاسلامي ألا وهي الثورة الثقافية بكل ما تعنيه الثقافة من وعي متجدد بإمكانيات العقل وفتاوحاته اللامحدودة في صناعة المستقبل، عكس ما تشيعه أنظمتنا من ثقافة قبورية و فلكلورية وصنمية تمعن في تقديس الماضي، ثقافة تزمر وتطبل من اجل استمرارية الواقع وتأبيده.
الثورة الثقافية التي قام بها ما تسي توتغ في الصين هي التي تتنفع الصين بثمارها اليوم كعملاق اقتصادي رهيب على وشك ازاحة امريكا من التحكم في العالم. الثورة الثقافية التي قام بها ماوتسي تونغ في الصين خلال مسيرته الطويلة في جميع أنحاء الصين هي من مكنت الصين اليوم ومن خلال مشروعها العملاق طريق الحرير أن يغير مجمل استراتيجيات المتحكمين في العالم. ماتسي تونغ الذي اعتمد في تفكيره على كيفية جعل العنصر البشري في صميم عملية النهضة والتقدم وجعل ثقافة التضامن والتفاني في العمل و الالتزام بروح الجماعة وحب العمل هو لم يفكر في آبار النفط كما عندنا والذي تحول من نعمة على نقمة لم يستفيد منها المواطن العربي أو الاسلامي بأي شيء، ويشير إلى هذا الرأي المفكر اللبناني الكبير أمين معلوف قائلا” أنا على يقين بأن من سيكتبون التاريخ بعد مئة عام سيقولون إن النفط لم يحقق الثروة للعرب إلا التعجيل في هلاكهم”.
بتغاضينا على فهم مشكلة بؤسنا التاريخي وانحطاطنا الحضاري وعدم فهم آليات التغيير الحقيقية و انهماكنا في طرح آليات إصلاح ترقيعية لن يفيد في شيء مالم نفهم أن التغيير اساسه إصلاح شامل للدين و انشغال دائم بتكريس الثقافة الحقيقة..