الروائي أحمد المديني وهو بغوص في دروب “لعبة الكراسي”كان يعلم، أن القارئ، سوف يتبع هو الآخر بين الصور الجمالية والممكن داخل الأحداث المتداخلة والمتباينة أخيانا، لذلك تعمد ادخال أساليب عتيقة وأجهزة للاستهلاك الأدبي.
1. الفانتازيا والواقع في الرواية
تُبرز الرواية استخدام الفانتازيا ليس كنقيض للواقع، بل كوسيلة محايثة له، تخترقه وتُظهر مفارقاته وعبثه. الفانتازيا هنا ليست هروبًا، بل “لعب” مع الواقع، مما يجعل القارئ يكتشف عمق التناقضات والغرائب التي تحكم الحياة الاجتماعية والسياسية.
2. الأساليب الفنية المستخدمة
- الإضحاك والتغريب والمحاكاة الساخرة:
الرواية تعتمد على أساليب فكاهية وساخرة، مثل اللعب بالأسماء الغريبة والمركبة (المعهد العالي للصورولوجيا والدراماتولوجيا البانورامية، الجامعة الوطواطية)، وأسماء الشخصيات التي تحمل دلالات رمزية (عليلو، زيزو، مولاي الشريف الأول والثاني). - التصوير الغروتسكي:
تصوير الشخصيات بشكل مبالغ فيه، مثل وصف عليلو بجسمه الغريب، يخلق جواً من السخرية والغرابة.
3. التناص والتصادم مع مسرحية “Les Chaises” ليونسكو
الرواية تستلهم مشاهد من مسرحية “Les Chaises” (الكراسي) ليونسكو، لكنها تعيد صياغتها بطريقة فكاهية ومحوّرة، مما يضيف طبقة من العمق الرمزي حول موضوع الكرسي، الذي يمثل السلطة، المكانة، أو حتى الموت (كرسي-الجنازة).
4. لعبة الكراسي كرمز
الكرسي في الرواية ليس مجرد قطعة أثاث، بل رمز مركزي للسلطة، الترقية، والهيمنة. اللعبة التي تُدار حول الكراسي تعكس الصراعات السياسية والاجتماعية، وأحيانًا الفساد والمحسوبية.
5. موقع “لعبة الكراسي” في مسار أحمد المديني الإبداعي
- الرواية تمثل استمرارًا لتقنيات وأفكار سبق أن تناولها المديني في أعماله السابقة مثل “العجب العجاب”، “هموم بطة”، و”بلاد نون”.
- لكنها تصعد هذه الإبدالات إلى مستوى جمالي وفني أعلى، من خلال كتابة الرواية بجملة واحدة وبنفس واحد، مما يعكس مهارة فريدة في التحكم بالخطاب السردي.
- الرواية هي مشروع كتابة متكامل عن مدينة الرباط، تعكس واقعها المحلي من خلال رؤية أدبية عالمية، وتوظف البنية السردية والتلفظية المركبة لتقديم ملهاة سردية فريدة.
خلاصة
رواية “لعبة الكراسي” لأحمد المديني هي عمل فني متميز يجمع بين الفانتازيا والواقع، السخرية والعمق الرمزي، ليقدم نقدًا اجتماعيًا وسياسيًا من خلال لعبة رمزية حول الكراسي والسلطة. الرواية تمثل قفزة نوعية في مسار المديني الإبداعي، حيث يستخدم تقنيات سردية مبتكرة لتقديم رؤية فريدة عن مدينة الرباط وحياتها السياسية والثقافية.