الرئيسية آراء وأقلام بين عائشة الشنا و مهسا اميني هناك مريم

بين عائشة الشنا و مهسا اميني هناك مريم

IMG 20220509 WA0014.jpg
كتبه كتب في 25 سبتمبر، 2022 - 8:29 مساءً

بقلم:سناء حاكمي

لا أعرف من اين ابدأ هذا المقال، و لا كيف اجمع كلماتي المبعثرة، تسألت قبل ان ابدأ الكتابة هل اتطرق للموضوع ككاتبة صحفية و احاول ان ابقى موضوعية في طرحي، ام اكتب بصفة امراة تتقاسم معكم كم المعاناة،سوف احاول ان أجمع بينهما لاني لا اقدر ان اتجرد من واحدة منهما.
احداث عدة جعلني انثر الغبار عن قلمي و اكتب اليوم، اولها تلك المهزلة الايرانية التي تسببت في ثورة انسانية و نسائية في ايران و خارجه، مقتل (مهسا_اميني) على يد سلطة تسمى بشرطة الاخلاق، مجرد النطق باسم هذه السلطة اصاب بمتلازمة المضحك المبكي، اما زلنا نعيش في عصر تضع فيه السلطات شرطة للاخلاق، و عن اي اخلاق نتحدث على الحياة الخاصة للنساء ، شعر المرأة و لبس المرأة و جسم المرأة… ظلم و قهر و سيطرة مغلفة بإسم الاخلاق البريئة منهم، قتلو بإسم الاخلاق شابة في عمر الزهور لمجرد غرة تناثرت من تحت خرقة فرضت عليها و لم تختارها. قامت ثورة نسائية تحت عنوان سوف نقص ذلك الشعر الذي بسببه سنقتل سوف نقصه و نحلقه و نواجه هذه السلط بدونه حتى نرى ماذا بقي يستحق القتل.
لكن في بلادي ايضا ماتت فتاة صغيرة، طفلة لم ترى و لم تفهم معنى الحياة بعد انها (مريم) ذات 14 سنة، قتلها مغتصبها و قتلتها امها و قتلها القانون…
مريم ماتت بعدما حاولت والدتها تخليصها من حمل فرض عليها نتيجة اغتصاب، حاولت ان تجعلها تجهض بطريقة سرية غير امنة ، فقدت مريم حياتها و فقدت امها فلذة كبدها و حريتها، كل هذا لان المجتمع و القانون يدينون كل من حاولت الاجهاض و كل من ساعدها.
يقول القانون المغربي بخصوص الاجهاض الذي يعتبره جناية ، و هذا ما تنص عليه المادة 449 من القانون الجنائي المغربي على أنه “من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك، برضاها أو بدونه، سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة مالية. أما إذا نتج عن عملية الإجهاض موت السيدة، فعقوبة الفاعل تصبح السجن من 10 إلى 20 سنة”
أما المادة 454، فتعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة مالية “كل امرأة أجهضت نفسها عمدا، أو حاولت ذلك، أو قبلت أن يجهضها غيرها، أو رضيت باستعمال ما أعطي لها لهذا الغرض”.
وكما يجرم القانون المغربي كل من ساعدة امراة على الإجهاض بعقوبة تتراوح بين 6 أشهر و5 سنوات سجنًا، و ايقاف عن مزاولة المهنة كل طبيب او ممرض قام بعملية الاجهاض او ساعد على ذلك.

غير أنه في يونيو 2016، أقرت الحكومة المغربية، مشروعًا لتعديل القانون الجنائي، يتم بموجبه وضع قيود على الإجهاض. تزامنا مع الوقت الذي كانت تواصل فيه لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، دراسة مشروع قانون يدخل تعديلات على القانون الجنائي، ويتجه المشروع نحو إباحة الإجهاض في حالات معينة، وفق دراسة خلصت إليها لجنة خاصة، كلّفها ملك البلاد صاحب الجلالة محمد السادس بدراسة الموضوع من جوانبه الدينية والاجتماعية والقانونية.
و تم تحديد الحالات المحدد التي يسمح على اثرها الاجهاض مثل وجود خطر يمثله الحمل على حياة أو صحة الأم، وفي حال الحمل الناجم عن اغتصاب، أو الحمل الناجم عن زنا المحارم، أو تأكد وجود أمراض جينية أو تشوهات خلقية لدى الجنين، أو في حال كانت الحامل مختلة عقليا.
لكن للاسف هذا المقترح لم يرى النور بعد و لا نعرف هل حسم الجدل ام ستبقى الامور على ما هي عليه، خصوصا ان الاجهاض السري الغير الامن يتم يوميا و في ظروف غامضة تنتج عنها حالات و فاة او تشوهات في الرحم، بمعنى ان القانون لم يحد من ظاهرة الاجهاض، لانه واقع معاش فرض نفسه ، هل سنقبل بان نفقد كل يوم مريم و كل يوم قاصر و كل يوم امرأة بسبب قانون لا يسمح لفتاة تم اغتصابها من التخلص من هذا العار الذي فرض عليها و ظل يلاحقها.
لو لا مجهودات ايقونة الحقوق المغربية ام الاطفال و ام الامهات السيدة العظيمة “عائشة الشنا ” التي استيقظنا على خبر وفاتها، لكان الاطفال المغاربة الذين جاؤو للحياة نتيجة اغتصاب امهاتهن، مازالوا يعانون من وصمة العار و من اصابع الاتهام لمجرد انهم يجهلون اباؤهم الذين تخلوا عن مسؤولياتهم اتجاه هاؤلاء الابناء، “عائشة الشنا” ناضلت بكل ما تملك من قوة حتى يحق لهؤلاء الاطفال ان يعيشوا بكرامة في مجتمع لطالما لحاقهم و نعتهم بأبشع النعوت، اطفال مبرئين من تهم لم يقومو بها، اطفال كانو يمنعون من مقاعد المدارس لمجرد انهم لا يحملون اوراق رسمية، و امهات اغتصبن او غرر بهن من طرف وحوش بشرية ، كان و مازال يلومهم المجتمع و الأسر و القانون، الان اصبح اسمهن امهات عازبات يحق لهن تربية ابنائهم دون اي متابعة او ملاحقة.
رحمك الله سيدتي و سيدة المغربيات فلترقدي في سلم و سلام، كنا مازلنا في حاجة اليك حتى لا تموت مريم و حتى لا تقتل امراة كما قتلت مهسا في ايران ، كنا و مازلنا في حاجة الى نساء ك”عائشة الشنا” لا يبحثون عن مقاعد برلمانية و لا يمسحنا احذية السلطة السياسية، و لا يخفنا من توابع و اصابع اتهام العرف و المجتمع.
لم تنتهي الرحلة بعد ستظلين في قلوبنا و بين اعيننا و سيظل اسمك في كل مادة قانونية انصفت المرأة و الطفل في بلادنا ، وداعا “عائشة الشنا” و داعا “مريم” و داعا ” مهسا اميني” .

مشاركة