الرئيسية آراء وأقلام بين النقد البناء و تفشي ظاهرة التشهير مع الإفلات من العقاب .

بين النقد البناء و تفشي ظاهرة التشهير مع الإفلات من العقاب .

IMG 20240228 WA0073.jpg
كتبه كتب في 28 فبراير، 2024 - 10:54 مساءً


بقلم : المصطفى المصدوقي .
انتشرت في الآونة الأخيرة بدائرة الرماني كباقي ربوع المملكة ، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ، ظاهرة التشهير ،بشخصيات من أعضاء للمجلس الاقليمي أو الجهة ، و قبل الخوض في التفاصيل ، وجب تعريف النقد البناء ، فالنقد البناء سمة محمودة ،يسعى من خلالها الناقد تقديم آراء صحيحة حول عمل الآخرين ، ويتضمن تعاليق ايجابية بطريقة سلسة ، وودية ، وفي النهاية الارتقاء بمعايير الاداء والمحافظة عليها .أما الشتم والسب وتبادل التهم ، فهو تشهيرا و مساسا بشخص واتهامه دون حجة على ذلك ،خاصة إذا كان الفاعل لا علاقة له بمهنة الصحافة .
و الظفرة التكنولوجية التي حدثت في السنوات الأخيرة وسهولة الحصول على شريحة ،جعلت وشجعت أشخاص لاستغلال مواقع التواصل الاجتماعي من أجل التشهير ، والإساءة لأشخاص بسوء نية ، وبنية إثارة الراي العام ، وتشويه صورة الشخص دون دليل ولا حجة ، وحتى وإن توفرت الحجة ، فلا صفة للفاعل كونه ليس بصحفي مهني ، يخول له القانون جزء من القيام بتلك المهمة ، إن توفر على دليل ، وإلا أصبح متابعا أيضا .
وما يحدث من تشهير من طرف نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، يتم التطرق فيها للحياة الخاصة للأفراد ، جعل التشهير وسيلة للمساس بكرامة أشخاص ، لذا نص المشرع المغربي على عقوبة التشهير لحماية الأفراد من جميع أشكال التعبير الذي تجرح كرامة الشخص أو المؤسسة .
والتشهير ظاهرة تعاقب عليها كل دول العالم ، حسب نصوص قانونية تخص كل منها ،وعرف المشرع المغربي التشهير بأنه معلومات مكتوبة أو مطبوعة او مصورة تحتوي على أخبار كاذبة واتهامات باطلة لا اساس لها من الصحة ، ويتم تقديمه على أنه حقيقي وواقعي ، وأن البيان الكاذب يتسبب في مشاكل مالية ونفسية للشخص المنسوب إليه، ويمكن أن يرتكب التشهير بتزوير صور أو أفلام لا عِلاقة لها بالحقيقة ، عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكل من تعرض للتشهير عليه توجيه شكاية لوكيل الملك في الموضوع ، ورفع قضية ضد الشخص الذي أساء إليه وأفسد عليه حياته ، كما يمكنه تقديم مقال مدني للحصول على تعويضات مالية من جراء ما تعرض له من خسائر كان سببها التشهير ..
من هنا قام المشرع المغربي ، سنة 1962 في النص بخصوص عقوبة التشهير ضمه للقضايا الجنائية لحماية الحياة الخاصة ، كجرائم السب و القذف و غيرها من جرائم ذات الوضع الشخصي، و تمت به عده تعديلات و تتميمات و أيضا قانون الصحافة الذي صدر حينئذ في إطار ظهير الحريات العامة سنة 1958. لكن التشهير لم يكن معروفا وقتها في النصوص الجنائية المغربية ، وتم نص القوانين بمقتضى مدونة الصحافة و بمقتضى قانون محاربة العنف ضد المرأة الذي أكمل منظومة القانون الجنائي .
تلى ذلك القانون رقم 13/103 المتعلق بالعنف ضد النساء الفصل 2. 447 عقوبة التشهير في المغرب بالسجن من عام إلى ثلاث أعوام و غرامة من 2000 إلى 2000درهم كل من قام بفعل عمدا و بأي طريقة بما في ذلك الوسائل المعلوماتية ببثه أو توزيعة تشتمل على أقوال شخص أو صورته، دون موافقته، أو بث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة بقصد الإساءة بالحياة الخاصة للأفراد أو التشهير بهم ؛ وتكون عقوبة التشهير في المغرب للفرد من عمل قاصدا أو بأي وسيلة أخرى بتسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص في أثناء تواجده في مكان خاص من غير معرفته أو موافقته .
و نصت المادة 3-447 أن عقوبة التشهير في المغرب في القانون الجنائي بالسجن عام واحد إلى خمس أعوام وغرامة 5000 إلى 50000 دَرْهم إذا ارتكب الأفعال المنصوص عليها في حالة ارتكاب الجريمة من طرف الزوج أو الأقرباء أو شخص له ولاية أو سلطة على المجني عليها أو مكلف برعايتها أو ضد قاصر..
و أورد النص القانوني أن عقوبة التشهير في المغرب إذا ورد فيها عبارة التشهير تعتبر تدخلا في الحياة الخاصة تعرض أي فرد يمكن التعرف عليه و ذلك بواسطة بفرض ادعاءات أو إفشاء حقائق أو صور فوتوغرافية أو أفلام غير أخلاقية للأفراد، أو يتعلق بحياتهم الشخصية ما لم تكن لها عِلاقة بالحياة العامة أو تدبير الشؤون العامة، و لكن شريطة عدم موافقة الشخص المعني. وتصل عقوبة التشهير في المغرب بغرامة تبدأ 50000 درهم و أحيانا إلى 100000 درهم.
والطريقة القانونية للمتابعة هي القيام بعملية بمعاينة من طرف المفوض القضائي ، في إطار المادة في إطار المادة 15 من القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين بالمغرب تطبيقا لمقتضيات الظـهير شريف رقم 1.06.23 صادر في 15 من محرم 1427 (14 فبراير 2006) بتنفيذ القانون رقم03.81 بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين، وبعد الحصول على المحضر ، يتم بموجبه توجيه شكاية إلى السيد وكيل الملك بدائرة الاختصاص ؛ كما يحق للمتضرر تقديم مقال مدني للتعويض عن الخسائر التي لحقته من جراء التشهير به أو بالشركة أو ما شابه .
ويجأ عدد من المشهرين إلى استعمال طريق التضليل ، دون ذكر الاسم إلا همزا ، للإفلات من العقاب ، وهو الأمر الذي وجب الانتباه إليه ن حيث يعمد إلى نعت الشخص بأسماء لا يعرفها إلا الوسط الذي يعيش فيه ، وأثناء البحث ينكر ما نسب إليه ، كونه لا يقصد بذلك نفس الشخص الذي تقدم بشكاية .
صفوة الكلام : أن السيد وزير العدل الاستاذ عبد اللطيف وهبي استجاب للأمر ، حيث أكد أنه سيتم التعامل بنوع من “التشدد” مع ظاهرة التشهير عبر المواقع الإلكترونية ووسائط التواصل الحديثة، مؤكدا أن “كرامة الإنسان وحياته الحميمة مقدسة ولا يجوز المساس بها”.

.

مشاركة