حين يتحوّل النقاش إلى ورش إصلاحي حقيقي..
شهدت لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، اليوم الاثنين، واحدة من أكثر الجلسات نضجاً في مسار مناقشة مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، حيث هيمن خطاب المسؤولية والهدوء على أجواء الحوار، في لحظة فارقة أعادت ترتيب منسوب الثقة داخل النقاش العمومي حول مستقبل المهنة.
في هذا السياق، قدّم وزير الشباب والثقافة والتواصل، المهدي بنسعيد، عرضاً متماسكاً ودقيقاً كشف عن إحاطة واسعة بتفاصيل الملف، وعن مقاربة هادئة تترفّع عن كل أشكال الاصطفاف أو المزايدات. فقد بدا واضحاً أن الوزير يتعامل مع المشروع باعتباره ورشاً إصلاحياً مؤسسياً لا مجال فيه للربح والخسارة، بل لبلورة إطار مهني يهم الجسم الصحفي ككل.
وأكد بنسعيد منذ بداية مداخلته أن المشهد الإعلامي الوطني يعيش تحولات عميقة تفرض تجديد منظومة التنظيم الذاتي وآليات الضبط المهني، مشيراً إلى أن بعض المواقف ما تزال حبيسة قراءات قديمة تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، بينما فرضت الرقمنة واقعاً جديداً لا يسمح باستعمال قاموس “التحكم” أو “الهيمنة” في تفسير كل نقاش.
وأبرز الوزير أن الخلاف حول بعض التفاصيل يظل طبيعياً وصحياً، لأن الحقل الصحفي يضم آلاف المهنيين، ولكل واحد تجربته ورؤيته، غير أن الاتجاه العام للمشروع، كما قال، يسعى إلى تقوية المؤسسة المهنية، تحسين أوضاع الصحافيين، وتجاوز أعطاب التجربة السابقة.
وكشف بنسعيد عن تضمين الحكومة لـ 80 في المائة من توصيات مؤسستين دستوريتين، معتبراً ذلك دليلاً على جدية التشاور وعلى رغبة واضحة في صياغة نص متوازن يعكس احتياجات المهنة ومتطلبات الإصلاح الحقيقي.
واختتم الوزير مؤكداً أن نجاح المجلس الوطني للصحافة ليس انتصاراً للحكومة ولا لأي هيئة تمثيلية، بل هو مكسب مهني وأخلاقي يعيد الاعتبار للصحافيين ولمستقبل الممارسة الإعلامية في المغرب. فالمرحلة المقبلة، على حد قوله، ستكون مرحلة ترسيخ المهنية، وضبط المعايير، وتجويد الأداء بما ينسجم مع طموحات المغرب وهو يخطو نحو آفاق 2025 وما بعدها

