الرئيسية آراء وأقلام بالمختصر…ومن “ماء الحياة”ما قتل

بالمختصر…ومن “ماء الحياة”ما قتل

mahia.jpg
كتبه كتب في 7 يونيو، 2024 - 8:59 صباحًا

صوت العدالة- عبد السلام اسريفي

لسبب من الأسباب ،يرتمي الشباب بشكل خاص في أحضان المخدرات، اعتقادا منهم،أن تناول كمية من الكميات كفيلة بمساعدتهم على نسيان متاعب الحياة، وهروبا من واقعهم اليومي.

ولعل ما نراه اليوم في الحدائق والمنتزهات العمومية من شباب يتمايل في خطوات ثقيلة بائسة لخير دليل الى ما نرمي اليه،وهو بشكل من الأشكال قراءة مأسوف عليها لواقع الأسرة المغربية والتعليم بشكل عام.

غير بعد عنا، وبالمجال الترابي لسيدي علال التازي،التابع لإقليم القنيطرة، تسبب الكحول المحلي “ماء الحياة” ، وبشكل دقيق مادة “الميثانول” إحدى مكوناته السامة في إصابة 114 شخصا بالتسمم، للأسف وفاة 8 أشخاص، تم تسجيل وفاتهم على مستوى المركز الاستشفائي الإقليمي الإدريسي بالقنيطرة،ومنهم من فقد بصره و القائمة مرشحة للزيادة.

الظاهرة هاته صورة من صور كثيرة تعيشها المدن المغربية يوميا، شباب يموت يوميا بسبب هذه السموم، تعاطيه لها يعتقد أنها ستخلصه من واقعه اليومي،متناسيا عن عمد، أنه يرتكب جريمة في حق نفسه وفي حق المجتمع، بشكل يؤثر على التوازن داخل الأسرة الواحدة والمجتمع بشكل عام.

السوسيولوجيون يعتبرون الظاهرة مرض اجتماعي ، يجب محاربته داخل الأسرة قبل المدرسة، فلا يعقل أن تسلم أن المراهق (ينحرف) او يسوء سلوكه دون أن تكون هناك عوامل دافعة، مسببة لذلك،سواء الصراع الأسري ما بين الزوجين، الطلاق، انحراف أحد الوالدين، أو الغياب المستمر لأحدهما دون مراقبة ومرافقة يومية لهذا الطفل/الشاب،الذي غالبا ما يكون في حاجة ماسة لمرافقة ، لتجاوز بعض مشاكله البسيطة،التي قد تتطور إلى انحراف أو سلوك شاذ.

هذا ، مع العلم ،أن المدرسة تخلت عن دورها التربوي، ولم يعد من برامجها تأهيل التلميذ نفسيا، بل بالعكس، جعلت منه “روبوت” يبحث عن أي وسيلة للنجاح والانتقال إلى فصل آخر، بسبب مقررات تغيب الواقع اليومي للمواطن، تقدم قراءة مغلوطة للحضارة والتاريخ والمجتمع، تجعل من التلميذ آلة لنسخ الأفكار والجمل دون أن ينعكس ذلك على سلوكه وحياته اليومية.

لذلك، فقبل أن نعاقب المتعاطي لهذه المواد الكحولية والمخدرات بشكل عام، علينا أن نحاسب أنفسنا كأشخاص ومجتمعات،فالحل يكمن في توفير الأسرة السليمة والمدرسة المواطنة، فلا يمكن أن نقضي على الثعبان بقطع ذيله،ولا يمكن أن نعطي الشمس بالغربال، فالحل الوحيد لمواجهة الظاهرة،أو على الأقل التقليل منها، هو أن تقوم الأسرة بواجبها في التربية والمرافقة الايجابية والمدرسة في التربية والتكوين والتوجيه،والمراكز الاجتماعية في التحسيس، دون ذلك، ستبقى الظاهرة، بل قد تستفحل داخل شبابنا ،عماد المستقبل ،وما ينتج عن ذلك من أضرار للمجتمع والدولة بشكل عام.

مشاركة