بقلم: عبد السلام اسريفي
في المغرب، لم تعد السياسة في نظر الكثيرين وسيلة لخدمة الصالح العام أو أداة لتدبير الشأن المحلي والوطني، بل تحولت إلى مهنة مربحة، يلهث وراءها الطامعون في المناصب والامتيازات. يكفي أن نراقب كيف يتشبث بعض السياسيين بالكراسي، وكيف يستعملون كل الوسائل، القانونية وغير القانونية، من أجل البقاء في مواقعهم.
المعضلة الأكبر أن القانون المغربي لا يشترط حداً أدنى من المؤهلات أو المستوى العلمي لممارسة السياسة. وهكذا نجد برلمانيين ومسؤولين محليين يجهلون أبجديات القانون التنظيمي للجماعات، ويتلعثمون عند إلقاء أسئلتهم في البرلمان، بل أحياناً يعبثون باللغة العربية في لقاءاتهم وتصريحاتهم.
ومع اقتراب كل استحقاق انتخابي، تعود نفس المشاهد: تحالفات هجينة، ولائم، ولقاءات في الغرف المغلقة، حيث يلتقي الأعداء قبل الأصدقاء، لا من أجل صياغة حلول واقعية لمشاكل المواطنين، بل فقط لضمان مقعد انتخابي يمدد لعبة النفوذ.
هذا الوضع جعل كثيرين يطالبون بضرورة تقنين الفعل السياسي بشكل جدي، فلا يُعقل أن يُسلَّم تسيير جهة أو إقليم أو جماعة لمسؤول يفتقد للحد الأدنى من الكفاءة والمعرفة. فالسياسة، في جوهرها، ليست لعبة كراسي، بل مسؤولية كبرى، إما أن تؤدي إلى بناء الثقة وتحقيق التنمية، أو إلى إعادة إنتاج نفس الأعطاب التي أنهكت الوطن والمواطن.

