صوت العدالة-/تقرير:عبد السلام اسريفي
تعتبر باب سبتة حاليا ممر خاص لمصير مجهول للعديد من نساء امتهن حرفة “الحمالات” ما بين سبتة وتطوان والمضيق(معبر BIUTZ).فالهشاشة والفقر والحاجة سبب في توجه نساء في أعمار مختلفة نحو مصير قد ينتهي بموت محقق أمام أنظار الامن الاسباني.
موفدنا بالمنطقة ( حميد الحراق) ،أكد لنا أن سبب موت السيدتين الاثنين الأخير هو التدافع والازدحام بالمعبر،فيوميا تتوجه المئات من نساء منطقة الشمال الى سبتة لنقل السلع على ظهورهن في موكب رهيب يتعرض لأبشع صور الاستغلال والضرب والتنكيل على يد الاأمن الاسباني وأعوانه.وكل هذا مقابل مبالغ مالية لا تصل في أحسن الأحوال الى 300 درهم يقول موفدنا.
وكانت مجموعة من الجمعيات قد طالبت السلطات المغربية بالتدخل لحماية هذه الفئة من المواطنين، من خلال توفير آلية للمراقبة والتتبع لضمان مرور آمن بالمعبر ، على الأقل يضمن سلامة وحياة الحمالات.كما طالب سياسيون وحقوقيون ومهتمون بضرورة ايجاد بدائل لنساء هذه المناطق ،تعوضهن عن رحلة الموت والمعاناة.من خلال بعث دينامية جديدة في القاعدة السوسيو إقتصادية بالاقليمين تطوان/المضيق الفنيدق .هذا مع ضرورة ضمان استدامة للمشاريع التي تغطي الحاجيات الاجتماعية والاقتصادية بالإقليمين.
وحول هذا الموضوع اقترح عادل بنونة وهو قيادي بارز بحزب العدالة والتنمية بعض الحلول لمعالجة إشكالية التجارة حول مدينة سبتة ، وعلى رأسها البحث عن فرص للشغل الكريم والادماج الاجتماعي لهذه الفئات الهشة مع ضمان عنصر الاستدامة، حيث اعتبرها حلولا موضوعية للحد من هذه الإشكالات المزمنة.
كما أفادت تقاريرَ أنجزتْها جمعية توازة لمناصرة المرأة، أنّ أغلب النساء المُمتهنات للتهريب بمعبر باب سبتة ينتمين لشرائح فقيرة أو مُعدمة، ويتحدّرن من أسر مهاجرة، سواء من مدن الداخل أو من البوادي القريبة من إقليم المضيق والفنيدق وتطوان، وأغلبهن يشتركن في أسباب مرتبطة بوفاة الزوج أو عطالته أو ضعف مدْخوله. وتوضّح رئيسة الجمعية، مريم الزموري، أنّ هذه العوامل “فرضتْ على هؤلاء النساء الخروج للعمل الاضطراري بالمعبر الحدودي رغم كل الأهوال الموجودة به”.
موفدنا سأل بعض النساء اللواتي يشتغلن كحمالات فكانت الردود كالتالي:
(فاطمة .ل)،أرملة، لها ثلاثة أطفال، تشتغل في هذه الحرفة لأكثر من 12 سنة قالت ” أشتغل في هذه الحرفة لأكثر من 12 سنة،مات زوجي وترك لي ثلاثة أطفال،اضطررت للاشتغال هنا، لأوفر لقمة العيش لي وللثلاثة من أبنائي، لكننا نعاني الكثير سواء داخل سبتة مع التجار الكبار والسماسرة أو بباب سبتة بسبب الازدحام وسوء معاملة السلطة الاسبانية التي تحسبنا كالبهائم أو أقل،على الدولة أن تهتم لأمرنا وتوفر لنا فرص الشغل بالشمال حتى لا نضطر للاشتغال هنا بأقل الأثمان ومهددات دائما بالموت تحت أقدام نساء حمالات من أمثالي”.
(ترية.ن)، متزوجة، لها خمسة أبناء: 2 ذكور و3 إناث، تشتغل كحمالة لأكثر من تسع سنين تقول هي الأخرى لموفدنا “نضطر لقطع مسافات كبيرة على أرجلنا داخل سبتة، مهددات بالسرقة والتعنيف،ولما نصل الى باب سبتة للمرور يعاملنا الأمن الاسباني والمتعاونين معه بأبشع الطرق، ويسمعنا أوسخ الكلمات، كما يضطرنا للمرور من معابر ضيقة تتسبب في سقوط نساء غالبا هن كبيرات في السن وعلى ظهورهن حمولة ثقيلة جدا،وهذا غالبا ما ينتهي باختناق إحداهن كما يقع دائما، آخرها يوم الاثنين الأخير حينما اختنقت سيدتان بفعل التدافع والضغط،الدولة يجب أن تفكر في هذه الفئة ، من خلال مشاريع بالمنطقة تستطيع تشغيل النساء اللواتي لا يتوفرن على ديبلومات أو شواهد مثلي”.
كانت هذه عينة من النساء اللواتي تضطرهن لقمة العيش للاشتغال كحمالات ما بين سبتة ومناطق الشمال،والمعاناة التي يعانينها في رحلة قاسية جدا،سماها البعض برحلة الذل بسبب المعاملة السيئة للسلطات الاسبانية للحمالات، يقول مصدرنا تتنافى وحقوق الانسان في القانون الكوني.
وسبق للحسن اقبابو رئيس جمعية الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان بتطوان (شمال المغرب) أن أعلن عن أرقام مخيفة، حيث قال ” إن ما يناهز 15 ألف امرأة يعبرن يوميا باب سبتة في اتجاه المدينة المغربية (المحتلة من قبل الإسبان) تترواح أعمارهن بين 16 و 60 سنة، وتشكل النساء اللواتي يشتغلن في التهريب المعيشي ثلثهن، أي خمسة آلاف امرأة، فيما خمسة آلاف أخريات يعملن كعاملات منازل أو في المقاهي داخل سبتة، في حين أن الثلث الأخير أي خمسة آلاف امرأة أخرى تمتهن التسول.
وهذه أرقام على الدولة أن تتعامل معها بحذر شديد، لأنه لا يعقل أن نتعامل مع هذه الفئة الكبيرة باللامبالاة ونقصيها من كل البرامج التنموية التي كان من المفروض أن تعرفها مناطق الشمال المغربي،فالمعادلة خاطئة بكل المقاييس،والدولة ملزمة بإعادة التفكير في مناطق تتعرض للاقصاء والتهميش ،وتعتبر مشتل للفتن مستقبلا،وبالتالي فالحل هو تدشين مشاريع تنموية وخدماتية ،كفيلة بامتصاص العدد الكبير من المعطلات والمعطلين بالمنطقة، الذين يجدون أنفسهم مضطرون للاشتغال في التهريب أو الحمالة اليومية للسلع أو الاشتغال في المنازل عند الاسبان.
وفي انتظار الحلول الحقيقية لهذه الأزمة التي تكبدنا كمغاربة الكثير، تتوالى نداءات جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان بإغلاق المعبر الأخير، “الذي لا يتوفّر على الحدّ الأدنى من شروط السلامة وصوْن كرامة الحمّالين والحمالات”، حسبَ وصْف جمعية حقوق الإنسان بالأندلس، داعية إلى عدم السماح للحمّالات بنقْل حُزم يفوق وزنُها 20 كيلوغراما، كما دعتْ إلى فتْح معبر آخر يوفر شروط السلامة للحمالات.
هذا وتعتبر الجمعيات الحقوقية العاملة في مناطق الشمال، أن الحل ليس في توسيع المعابر ولا في فتح أخرى، بل الحل هو في ايجاد بدائل للاشتغال بالمنطقة،فتح مشاريع اقتصادية كفيلة بامتصاص العطالة وتوفير فرص الشغل لهذه الفئة الهشة التي تعتبر حاليا المحرك الاقتصادي الوحيد بالمنطقة.