الرئيسية آراء وأقلام المقعد البرلماني المسروق

المقعد البرلماني المسروق

IMG 20220804 WA0025.jpg
كتبه كتب في 4 أغسطس، 2022 - 2:34 صباحًا

وليد بهضاض

نزل خبر خسارة المقعد البرلماني كالصاعقة على الدكتور “عبد الرحيم بوعيدة”، وأنصاره ومعه المغاربة المهتمين، بعد تأَخُّرٍ غير بريئ في الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية في الثامن من شتنبر الماضي،بجهة “گلميم واد نون” جنوب المغرب، يتم الإعلان عن فوز خصمه نائبا برلمانيا في مشهد سريالي أجبر الناس على الخروج للإحتجاج.

يحصد الدكتور بوعيدة ملايين المشاهدات في فيديوهات يتواصل من خلالها مع المواطنين،أستاذ جامعي شهير حاصل على باقة من الشهادات العلمية العالية،سياسي مغربي من أصول صحراوية، ذو علم ونزاهة ومصداقية، دفعته المضايقات الممتالية الى الإنسحاب من رئاسة مجلس جهة “گلميم واد نون”،كما خرج من حزب التجمع الوطني للأحرار، المُسيِّر الحالي للحكومة المغربية بعدما تعرض للضغوطات جراء تضارب المبادئ واختلاف المواقف.

توجه الدكتور “المغضوب عليه” صوب حزب الاستقلال، الذي منحه التزكية لخوض غمار الاستحقاقات البرلمانية، بعدما اكتسح الساحة السياسية المحلية والجهوية الوطنية، وذاع صيته لدى مغاربة الوطن والمهجر والمنابر الإعلامية المغربية والدولية،فشعبيته الكبيرة تؤهله للفوز بمقعد رئيس الحكومة،لا بمقعد برلماني في مدينة قاحلة منكوبة.

اتهام الداخلية بتزوير نتائج الانتخابات

تحولت أهازيج وزغاريد الاحتفال بفوز الدكتور “عبد الرحيم بوعيدة” الى احتجاج،بعد تأخير الكشف الى اليوم الموالي عن نتائج الاقتراع المشبوه،حيث اتهم الدكتور ومناصريه بشكل مباشر “والي جهة كلميم واد نون”،بضلوعه في تزوير النتائج الإنتخابية لصالح غريمه، تصفية منه لحسابات شخصية، اتهامات صادرة عن أستاذ جامعي ودكتور في القانون وسياسي محنك، سحق بفكره ومصداقيته إدعادات وزارة الداخلية وجعل منها محط اشمئزاز المواطنين.

في الواقع كما المواقع، حملة تعاطف واسعة شهدتها واقعة الأستاذ الجامعي المحارب للفساد،خرج الناس بمدينة “كلميم” الصحراوية في مسيرات،رافعين شعارات تندد بالظلم الواضح الذي طال مرشحهم، وإنزال أمني يُطوّق المتجمهرين تحت ذريعة حفظ النظام، كأنما ولاية “جهة كلميم واد نون” تقول للعالم ان المغرب لاعلاقة له بالديمقراطية ولا حتى بحقوق الإنسان.

انتشر خبر تزوير ممثل وزارة الداخلية لنتائج الانتخابات التشريعية بمدينة گلميم كالنار في الهشيم،كما طلب الدكتور “عبد الرحيم بوعيدة” من المحتجين تهدئة الأوضاع وعدم التورط مع السلطات في أي صراع،إذ قرر مغادرة المدينة صوب مراكش الحمراء،بينما تكلف محام بهيئة “أگادير” نيابة عنه في التوجه صوب القضاء لتقديم الطعن في نتائج الاستحقاقات المشكوك في صحتها.

استرجاع المقعد المسروق

وفي الأيام القليلة الماضية قضت المحكمة الدستورية المغربية، بعد الطعن الذي تقدم به دفاع الدكتور “عبد الرحيم بوعيدة” ، بإعادة الطاعن الى قبة البرلمان، وإعلانه فائزا بنتائج الانتخابات، متقدما على منافسه بفارق 56 صوتا، بعدما اعتبرت المحكمة ان عملية الإحصاء شابتها خطاء فعملت على تصحيحها.

لم تكن المرة الأولى التي يتم فيها توجيه سهام اللذع واللدغ لوزارة الداخلية، فيما يخص طريقة تدبيرها للعملية الإنتخابية، فقد احتد الخصام في الآونة الاخيرة بين “أم الوزارات” وبعض منتمين الى أحزاب سياسية، ابزرهم رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام لحزب العدالة والتنمية “عبد الإله بنكيران”، والذي قال ان التزوير طال الانتخابات الجزئية في كل من مدينتي الحسيمة ومكناس، مادفع وزير الداخلية للرد عليه في بلاغ رسمي.

وبعد استرجاع الدكتور “عبد الرحيم بوعيدة” لمقعده البرلماني المسروق مستعينا بالقضاء،بدأت علامات الإستفهام والتعجب والإستغراب تظهر على المغاربة المتتبعين لشأنهم السياسي،بين من اعتبر الحكم القضائي جرأة من المحكمة الدستورية، خاصة وان الطاعن في مواجهة حزب رئيس الحكومة والوزارة الداخلية، وبين من يتسائل ما اذا كانت الأفعال المرتكبة من طرف والي جهة گلميم واد نون وزبانيته، إجرامية، وتستوجب المعاقبة الادارية والمتابعة القضائية، فالتزوير يوصف بجناية طبقا لمقتضيات القانون الجنائي المغربي.

الداخلية والأحزاب منبع للفساد

كانت ولازالت وزارة الداخلية ومعها الأحزاب من أكبر عمالقة الفساد في المغرب، دون ان تَقتلعهم يد العقاب، فلا فضيحة سقطت من السماء او انبثقت من الأرض إلا وستجد وراءها سياسيا او مخزنيا او هما معا، بل حتى المواطن المغلوب على أمره يُشرعن الفساد الإداري والانتخابي اقتداء بالداخلية والمؤسسات الدولة، والتي اصبحت منابعا للافساد وملاجئ للإفلات من الحساب،بعد ان تعمد الفاسدون التوغل في دواليب العدالة، وحاولو جاهدين إضعاف القضاء.

ففي التقرير السنوي الصادر عن رئاسة النيابة العامة المغربية برسم سنة 2020، كشف كيف احتل أبناء الداخلية، من رجال السلطة المرتبة الاولى وطنيا في قائمة المرتشين، كما جاءت قطاعات الأمن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية والدرك والملكي والمياه والغابات والتابعة أغلبها لوزارة الداخلية في الرتبة الثانية،انه الجهاز السيء السمعة الذي أحرج وأضعف المؤسسة القضائية، وزارة الداخلية الجهاز المكروه الذي يسيء بشدة للقانون والديمقراطية في المملكة المغربية.

مشاركة