الرئيسية آراء وأقلام “اللغاط” والجامعة

“اللغاط” والجامعة

fraiha.jpg
كتبه كتب في 13 يناير، 2019 - 9:47 مساءً

عبدالحق افرايحة

لم نتوقع أبدا والخبر السعيد الذي نزل بردا وسلاما على ساكنة سيدي قاسم بإحداث نواة جامعية،تابعة لابن طفيل بالقنيطرة ،هذه المنشأة إن كتب لها ذلك ،ستغير المدينة والاقليم وتقلب الموازين رأسا على عقب ، وفي كل المجالات(الثقافي،الاقتصادي،الاجتماعي …)،بعدما رزحت هذه المدينة المنسية لعقود تحت وطأة التهميش والحكرة،التي هجرها   البعض من أبنائها إلى الجوار أو إلى خارج الوطن،لم يكن أبدا أي منا يتوقع هذا اللغط الذي صاحب الاعلان الرسمي عن إحداث الجامعة الذي اعتبره البعض في وقت سابق من أحلام اليقظة،لغط غير مفهوم ،يعبر بجلاء عن الشعبوية التي أصابت الكل،والكل يتغنى بليلاه،هذا ينسبها إلى نفسه والآخر إلى حزبه والبعض إلى رؤسائه وهلما جرا،وحال لسانهم يقول “صبعي تم”،مواقف تعبر في الحقيقة عن مستوى بعض أشباه السياسيين الذين ابتليت بهم هذه المدينة،جاؤوا في زمن العزوف ،في زمن تسلط البرجماتيين الجشعين،زمن “الحملة” قبل أوانها،لغط أبان عن ضيق الصدر  للفاعل السياسي ، الذي رأى في الأمر تنقيص من عمله ومجهوداته، ولا يريد من الآخر السياسي المندس أن يركب على الحدث،لقد كان من الأنسب للذي يفهم قواعد اللعبة السياسية،أن يترك الأمور تسير وفق ما تقتضيه  هذه القواعد،وكان لزوما على الكل ،أن يتخلصوا ولو نسبيا من أنانيتهم وآناتهم التي تقتل يوما بعد يوم، وفي كل نازلة ما تبقى من مصداقية للعمل السياسي في هذه الرقعة من الأرض،فنحن لا نكترث لصراعاتكم وخلافاتكم وحروبكم المعلنة، ولا حميميتكم المستترة التي ترى النور في باريس أو ماربيا ،ولربما الرباط والدار البيضاء، وانتم ترتمون في مخملية صالونات “الأبهة”،تحاولون طمس صورة مدينة ،تلاعبت بها الأقدار بأيديكم وبأيادي بعض الأشرار،فعلى هؤلاء أن يدركوا أن زمن الضحك على الذقون قد ولى، وأن بيع القرد والضحك على من اشتراه، لم يعد تجارة رائجة في مدينة تسمى سيدي قاسم. نقول لهؤلاء “اللغاط” -بضم اللام-لن تتمكنوا من من اختزالنا في أدوات تنمحي مع سلطة ذواتكم بوعي أو بغير وعي،ولن ننجر وراء تهافتكم لتحقيق السبق في رسم صورة من خيالكم الواسع ،لإخضاع من هو متمنع لدخول فلك كويكباتكم التي تحول محورها، كلما اقتربت ساعة محاسبتكم.فلكل مقام مقال.

في الحقيقة وكل الحقيقة ،وإن كنت على يقين، بأن الحقيقة لا تقول أكثر من نصفها،التاريخ هو الفيصل في كل” اللغط” الذي صاحب إحداث الجامعة أو النواة،التاريخ هو المنصف والعادل،التاريخ هو الذي يعري من لم يعريه الزمن،النواة أو الجامعة أو سميها ما شئت، قائمة الذات،انسبوها  لكم ،وستكون ملكا لأبناء هذه المدينة المنسية،وعلى كل مسؤول في هذه المدينة، في هذا الاقليم، في هذه الجهة، في هذا الوطن،أن يختزل نفسه في كل مواطن بسيط ،بساطة المدينة المتعوسة،مواطن يمني النفس أن تركب سيدي قاسم قطار التنمية ،قطار التقدم ،قطار التغيير الذي تطل علينا بشائره،ونشتم ونتحسس نسماته،لا يهمنا زيد او عمرو او حتى المهدي المنتظر،في هذا الأمر ،بل من يطفء نار الغضب المشتعلة في صدورنا لسنوات خلت،والمدينة تموت “عرق بعرق”،ألا وهو إخراج المدينة  وساكنتها من هذا الانحباس في كل شيء.

باراكا من اللغيط”،المدينة اليوم في حاجة إلى أكثر من نواة جامعية،هي في حاجة إلى شركات واستثمارات،إلى  فضاءات ترفيهية،إلى مركبات سوسيوثقافية،إلى ملاعب للقرب ،إلى حدائق مفتوحة وإلى أشياء كثيرة ،وليس إلى ” احفر ليا نحفر لك”،ما نريده منكم أيها “اللغاط” أن تتنافسوا لتحققوا السبق في تحريك عجلة قطار التنمية بالمدينة،سنصفق لكم جميعا كيفما كان لونكم أو قبعاتكم السياسية،وإن اقتضى الأمر،سنحملكم على أكتافنا حتى لو اختلفنا معكم ،إلى حيث تحققوا أحلامكم،لأن في تحقيق أحلامكم، تتحقق أحلامنا نحن الأوراق الانتخابية.

أتساءل كما تساءل الكثيرون من أبناء بلدتي،ما السر وراء هذه الخرجات الهوجاء العرجاء من هذا الطرف أو ذاك،خرجات تزعمتها تارة فئة تدعي “لفهامة” السياسية،وتارة فئة تدعي الوعي باللحظة وقوالب هذه “لفهامة “السياسية،كل هذا أثار الاستغراب والدهشة،وكأن بك أفرغت الماء في “الغيران”،لتخرج لك “الفيران” من كل حدب وصوب لتتناطح مثل “الثيران”،فأين كانت الأولى لما ظلت الإرادات المعلنة والخفية تسعى إلى إعادة ترتيب صورة المدينة؟أعتقد لا جواب لديها سوى لغة الخشب،أما الثانية، فأعتقد أنها  تنفست أسلوب الانفعال عوض فن إدارة الاختلاف بعيدا عن الدوغمائية،فهي التي كانت أقرب إلى ملف الجامعة، حتى وإن كانت هناك مزايدات سياسية.

على كل حال ليس بدعا أو إيمانا  فيما يتداول ،أن ننقص من قيمة أي عمل ومن قيمة صاحب هذا العمل،كيفما كان لونه السياسي،فظاهر العمل نابع من قوة وعظمة كنهه،وجوهر الفعل يتجلى في طقوسه والأفكار التي  تبني أسس هذا الفعل لتحقق تطلعاته،كما ليس بدعا أو إيمانا أن ننزع إلى الغلبة والتفوق في هذا العمل، الذي لا نريد ان تفسده السياسة المشوشة،حتى لا تتناسل التشوهات المسكونة برهاب الآخر،أن يسحب البساط من تحت أقدامه،مصحوبة باتجاهات وأهواء واستقطابات قد تصيب هذا الجنين في مقتل.وباراكا أ “اللغاط”.

ملحوظة:

اللغط:كلمة مشتقة من فعل لغط،وتعني الاصوات المبهمة  والجلبة التي لا تفهم،(قاموس المعجم العربي)

وقد يلاحظ القارئ انني استعملت كلمة “اللغاط” وهي كلمة دارجة وهي جمع  بضم حرف “اللام”.

مشاركة