الرئيسية أحداث المجتمع الفدرالية وسؤال التغيير-سيدي قاسم نموذجا-

الفدرالية وسؤال التغيير-سيدي قاسم نموذجا-

BNJ 7030
كتبه كتب في 8 فبراير، 2019 - 6:13 مساءً

صوت العدالة:ع.الحق افرايحة-سيدي قاسم

تختلف وجهات النظر من  شخص لآخر،وقد تتناقض أو تتماهي بلغة ما مع هذا الطرف أو ذاك،في فترة متقاربة أو متباعدة،لا هي محددة ومحدودة في الزمان ،ولا هي خاضعة لقانون طبيعي أو وضعي بشري،قد يتجلى فيها العقل عند كل ممارسة أو إخضاع هذه الوجهات النظر،أو من حيث الاستتار الحيواني  بالمفهوم السياسي ذي الطبيعة البشرية والمتعقل إن صح القول.

في الحقيقة لم يكن أبدا،أن يتصور أي ممن لهم انتماء إيديولوجي بالمفهوم التقليدي والتقليداني لليسار،أو أولئك الذين حلموا أو حملوا يافطة التغيير،أن تتغير صورة ذلك المستتر الحيواني المتعقل بمفهومه السياسي،إلى الحد الذي بتنا نتفرج على الصرح التقدمي وهو ينهار أمام من كان من المفروض فيهم التحرك لنجدته، عندما دق البعض منا ناقوس الخطر،لما استشعرنا أن الآخر يحرك الرمال من تحت أقدام هذا الصرح،تلك صورة انعكست وعكست واقعا مرا يعيشه اليوم اليسار على مستوى الفدرالية،التي هي ملك لكل اليساريين،مهما اختلفت زوايا الرؤية لديهم فيما يتعلق بمرحلة من مراحل تدبير وتسيير الشأن المحلي ،التي تبقى متباينة من مجلس الى آخر عبر التراب الوطني(تجارب ممكن مناقشتها أفقيا لو اقتضى الأمر).

فبعد فوز الفدرالية بمقعدين في سيدي قاسم،ظن الكثيرون،وأنا واحد منهم، أن الوقت قد حان لإعادة الثقة ،أولا الى العمل السياسي،وثانيا، بناء يسار محلي قوي ،قادر على إعادة بناء  وتشكيل المشهد السياسي بالمدينة،كل ذلك تبخر في ظرف ثلاث سنوات،وصار اليسار يجلد نصفه دون ذرة غيرة أو حتى نعرة سياسية تتحرك في دواخل هذ المكون،بل يحدث  العكس،أو لنقل الأسوأ، الذي ولد التفسخ بكل منافذه من جهة ،والاستبداد الداخلي من جهة ثانية،في تواطؤ لا نعرف ثمنه،بعدما فسدت النفوس التي تشجع على التسلط. صحيح أن أهل الدار أدرى بما يحدث،ورغم بعد المسافة عن أهل الدار،يحق لنا التساؤل ،لماذا أو كيف وصل الأمر إلى حد التخلي عن النصف من يسار مجلس المدينة؟

فالنقاش الدائر اليوم على مستوى محدود ومكشوف جزئيا،يغنينا حقيقة عن الغوص في التفاصيل التي بدأت تطفو على السطح ،من خلال مواقف النصف من اليسار،وهذا راجع الى ركون القلة من اليسار التي رفضت الحجر عن عقولها و عن التفكير وعن النقاش المسؤول،ومع ذلك نحملها جزء من المسؤولية،لما تركت العابثين يعبثون بتوجه يحمل يافطة توحيد اليسار،الذي يبقى حلما في اليقظة مع مثل النصف من اليسار في مجلس المدينة،والذي تم إغراقه في مستنقع ملذات السلطة وما يليها من متع الحياة؟

يقول عبدالله العروي في كتابه  من ديوان السياسة:”السياسة هي المُلك،ومن طبيعة الملك التفويض،والتفويض يكون بالضرورة لعدد محدود من الناس ” فإذا كانت كذلك ،أعتقد أن من خولناهم تمثيل اليسار في مجلس المدينة،عليهم أن يتقبلوا نقدنا المبني على قواعد،لأننا منحناهم أصواتنا التي تبقى أمانة في أعناقهم،ومن حقنا محاسبتهم حتى ولسنا بينهم ،وأن يعوا بهذا التفويض،وأن يضعوا في الحسبان أن من ارتكنوا إلى الخلف،ليس جبنا منهم ،بل لرفضهم التسلط والاستبداد في الراي ،وهؤلاء قادرون، وفي مرحلة معينة قد تطول أو تقصر،وبإرادة صادقة متزنة منفتحة،أن تعيدهم من حيث أتوا،لأن وقتهم ونضالهم المزعوم ،قد استنفذ ،ودخل مراحل الخريف السياسي،وأن التاريخ سيحاسبهم حتى وهم يحتضرون اليوم سياسيا ،بعدما فقدوا حصيلة نضالهم المقنع.

لقد كان بالإمكان قراءة هذه التغيرات قبيل أو حتى زمن تشكيل التحالف الثلاثي،وبعدها الرباعي بعدما قبلت الفدرالية بالحاق العدالة والتنمية ضد قرار الهيئة التنفيذية لفدرالية اليسار،انطلاقا من هرولة اليسار بشكل غريب وغير مفهوم ،نحو هذا التحالف،مع العلم أن الغاية لم تكن الدخول في لعبة التسيير،إلا من باب إمكانية تحقيق مبدإ التغيير والعودة الى القواعد في كل خطوة لتحقيق هذا المبتغى،كما كان بالإمكان- أوهمنا أنفسنا أن الأمر مجرد تكهنات وهلوسات أصابت الكثير منا في وقتها- الوعي بذلك انطلاقا  من مكان وزمان التحالف الذي لخص واقع ومستقبل الحالة هاته،وعلى أي حال ،وحتى من منظور ضيق في اعتقاد البعض،فالصورة اتضحت للمشككين فيما يقوله الشارع اليوم،ولم يتبقى سوى التوقيع النهائي لنهاية حتمية ومنطقية لمن باعوا اليسار ب “شربة”ماء الحياة،ولا حجة لديهم تؤول وتدافع عن معتقد ،تبنيناه جميعا في مرحلة التأسيس والبناء، إيمانا منا أننا فعلا نناضل ،ولكن كنا فقط نرفع أسهم االبعض في بورصة الصراع السياسي المفتعل،وهي نفس الأسهم التي بدأت تنهار اليوم في سوق السياسة.

ومهما كان أو مهما ما سيقوله المتبركون لا مسو الأحذية فيما قيل،نهمس في آذانهم بأن الانتقادات لا تقوم إلا على أساس سليم،والأساس السليم هو واقع حال الفدرالية اليوم بمجلس المدينة،وإن كنتم في ريب مما يقال،فاسألوا أهل الدار إن كنتم للحقيقة راغبين،وتحسسوا ما تلوكه ألسنة الشارع في كل ركن من المدينة إن كنتم فاعلين.فاليسار للجميع….!؟

مشاركة