الرئيسية آراء وأقلام الغلاء…أو الكابوس اليومي للمواطن المغربي

الغلاء…أو الكابوس اليومي للمواطن المغربي

620cf464d0cd1.jpg
كتبه كتب في 14 ديسمبر، 2023 - 3:49 مساءً

بقلم:عبد السلام اسريفي/رئيس التحرير

ما إن يستيقظ المواطن المغربي، حتى يجد نفسه أمام مصيره اليومي ومعاناته مع “القفة”،والارتفاع غير المسبوق في أسعار  مواد الاستهلاك، الأساسية منها والثانوية. ولأن موجة الغلاء استفحلت بالتدريج منذ سنتين، فقد مسّت جيوب جل الشرائح الاجتماعية، فحتى الميسورة منها لا تتردد في الجهر بالتغيير الحاصل، وإن كان لديها من الإمكانيات ما يجعلها بعيدة عن الإحساس بضيق اليد وعُسر الإمكان كما هو حال مجمل الناس، بمن فيهم أبناء الطبقة الوسطى.

المغاربة من ابناء الفئات الفقيرة، يجتهدون في إيجاد تفسيرات مُقنعة لمصادر الغلاء، فانقسموا بين من يرجع الأمر إلى عوامل خارجية، وهم أقلية، بقولهم إن أزمة الطاقة والحرب الروسية الأوكرانية، وانكماش الاقتصاد العالمي، كلها عوامل كانت في أصل ارتفاع معدلات الغلاء في المغرب، وهذا هو تفسير الحكومة ومن ينتصر لمواقفها. وهناك في الطرف الموازي، وهم الأغلبية، من يُرجعون المصادر الحقيقية لظاهرة الغلاء إلى السياسات الحكومية المعتمدة منذ سنوات، لا سيما في القطاعات الإنتاجية ذات الصلة، كالفلاحة والزراعة، وتربية المواشي، وتدبير الثروة السمكية، وآليات استغلال الطاقة، واستيراد المحروقات وتوزيعها وإعادة الاتجار فيها.

ورغم أن الحكومة،تحاول وضع المساحيق على وجه المشكل الحقيقي، فإن الحياة اليومية للمواطن، تعري ذلك، بشكل واضح، فلا الحرب الروسية الاوكرانية، ولا الانكماش الاقتصادي ولا الجفاف، أسباب هذه الموجة الخطيرة، التي تضرب جيوب المغاربة، فالأمر يتعلق بسياسة الحكومة،التي تحاول خلق التوازنات فيما بين القطاعات، دون مراعاة خصوصية كل قطاع على حدة، ما يتسبب في تراجع بعض القطاعات وافلاس أخرى، وبالتالي، المواطن، يكون هو المنقذ ولو غلى حساب استقراره الغذائي.

لذلك، فلا بد من وجود سياسة اقتصادية واضحة المعالم، لا تتأثر بالمناخ العالمي أو الوطني، ولا بد خطوات داعمة للقدرة الشرائية والتخفيف من ارتفاع الأسعار والغلاء، فالحكومة بتقديمها للدعم المباشر للمواطن على ضعفه، لن تستطيع تحقيق التوازن،وتعويض الخصاص،لأن الأسعار لا تخضع لمعايير محددة، وتتبع سياسة المضاربة العشوائية،الغير الخاضعة لسياسة السوق والمراقبة، ما يستوجب إجراء عملي من شأنه إبراز متابعتها لظاهرة الغلاء، وتأكيد مساهمتها في التخفيف من وقعها على جيوب المواطنين.

السؤال الذي سيبقى عالقا، هو هل الحكومة الحالية تجتهد في إيجاد معالجات مبتكَرة للتخفيف من ضغط أزمة الغلاء والحدّ من آثارها على أوضاع المواطنين، أم بالعكس لم يكن في الإمكان أكثر مما كان، وأن النتائج التي راكمها المغرب في مجالات التنمية لم يكن بإمكانها إبعاد المغرب والمغاربة عن الشعور بالضيق الذي ألمّ بمجمل فئات المجتمع؟ ثم إن الحكومة بطبيعة تركيبتها، ونوعية توجهاتها، وهوامش المبادرة والفعل والإقدام، لن تقدر على اعتماد معالجات وحلول للتحوّط من أزمة الغلاء وارتفاع الأسعار، وتجنب أضرارها على مستوى معيشة المواطنين.

مشاركة