الرئيسية آراء وأقلام العلاقات المغربية الإسبانية : شراكة استراتيجية مستمرة في ظل جوار صعب

العلاقات المغربية الإسبانية : شراكة استراتيجية مستمرة في ظل جوار صعب

IMG 20251209 WA0066
كتبه كتب في 10 ديسمبر، 2025 - 8:43 صباحًا

علي وطلحة : باحث في العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس

تكتسي العلاقات المغربية -الإسبانية أهمية خاصة في حقل العلاقات الدولية، نظراً لطابعها المركب الذي يجمع بين إرث تاريخي ثقيل وتقاطعات جيوسياسية معاصرة. فرغم ما يميز هذه العلاقة من دورات مد وجزر، فإنها تستند إلى منظومة مصالح استراتيجية تجعل من التعاون بين الجانبين ضرورة موضوعية لا مجرد خيار دبلوماسي. ويُبرز الموقع الجغرافي على ضفّتي مضيق جبل طارق، إضافة إلى تشابك الملفات الأمنية والاقتصادية والهجرية، طبيعة التحديات البنيوية التي تواجه البلدين في إدارة جوار إقليمي شديد الحساسية. وفي هذا السياق، تتيح دراسة تطور العلاقات المغربية-الإسبانية فهماً معمّقاً لكيفية بناء الشراكات الثنائية في محيط دولي متغير.
إن التطورات الأخيرة التي عرفتها العلاقة بين المغرب وإسبانيا، بداية من المساندة القوية للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في أقاليمه الجنوبية، ثم أخيرا من خلال الاجتماع الرفيع المستوى بين البلدين في دورته الثالثة عشرة، هذا الأخير الذي عرف التوقيع على مجموعة من الإتفاقيات على كافة المستويات الاقتصادية والإجتماعية والثقافية، وكذلك الدبلوماسية، من خلال الإشادة بالقرار الأممي 2797 الذي صادق عليه مجلس الأمن في 31 أكتوبر 2025، تعكس الرؤية المشتركة لمعالجة التحديات الراهنة وتعزيز التعاون المستدام بين الدولتين.
تعكس التطورات الراهنة في العلاقات المغربية-الإسبانية دينامية جديدة تقوم على إعادة تنشيط قنوات التعاون وتغليب منطق الشراكة الاستراتيجية، بما يعكس توجّه البلدين نحو تدبير أكثر عقلانية وواقعية لملفات الجوار والتحديات المشتركة، إن هذه التحولات تستدعي الوقوف على مجموعة من الملاحظات:
أولا: التحول الواضح في طبيعة العلاقة بين الدولتين، من إدارة الأزمات إلى إدارة الشراكة الإستراتيجية، الأمر الذي تؤكده مخرجات الاجتماع الرفيع المستوى الأخير.
ثانيا: الإرادة المشتركة للمغرب وإسبانيا في تعميق شراكتهما الإستراتيجية وتوسيع تعاونهما ليشمل افاقا جديدة، خدمة للتنمية المشتركة والإستقرار الإقليمي.
ثالثا: التطورات التي عرفها ملف الصحراء من خلال القرار الأممي رقم 2797، له تأثير كبير في إعادة رسم التوازنات الإقليمية في المنطقة الأورومتوسطية، وهو الأمر الذي تأخده إسبانيا بعين الإعتبار من خلال العمل على تحسين شراكتها الإستراتيجية مع المغرب.
رابعا: إن استمرار العداء الجزائري للمغرب لم يؤثر على العلاقات المغربية الإسبانية، سواء الدبلوماسية أو الاقتصادية. بل الأكثر من ذلك ساهمت هذه التفاعلات الأخيرة في تقوية هذه العلاقات، فالمغرب كان وسيبقى دائما الشريك الإستراتيجي الأساسي والأول في المنطقة بالنسبة لإسبانيا.

مشاركة