الرئيسية آراء وأقلام الطبيعة القانونية لعقد الشروع في المهمة التحكيمية

الطبيعة القانونية لعقد الشروع في المهمة التحكيمية

XW 1.jpg
كتبه كتب في 8 مارس، 2017 - 12:02 صباحًا

كريم الرود

باحث قانوني و وسيط في حل النزاعات

 

 

 

تحتل صلاحية المحكمين في قبول مهمة التحكيم اهتماما ملحوظا في التحكيم الداخلي حيث نظمها المشرع المغربي على غرار التشريعات المقارنة[1] في الفصل 6-327 من قانون 05-08 للتحكيم و الوساطة الاتفاقية الذي جاء فيه :

“لا يعتبر تشكيل الهيئة التحكيمية كاملا إلا إذا قبل المحكم أو المحكمون المعينون المهمة المعهود إليهم بها.. “.  

و يقصد بهذه الصلاحية أنه إذا اختير شخص محكما، سواء من الطرفين، أو من المحكمين،أو من القضاء [2] فإنه لا يلتزم بالقيام بالمهمة المسندة إليه إلا إذا قبل القيام بها، فإذا كان الاتفاق على التحكيم يصدر عن رغبة الأطراف المتنازعة، فإن قبول المهمة التحكيمية ينبع من الإرادة الحرة للمحكمين، و بالتالي يمتد هذا الطابع الاختياري لقضاء التحكيم ليشمل حتى الهيئة التحكيمية .

و منثم فإن هذا القبول من جانب المحكم يتطلب أن يكون ثمة علاقة تعاقدية أخرى تخضع لقانون الإرادة[3] و تختلف تماما عن اتفاق التحكيم و تستقل عنه فلا يمكن إجبار المحكم على القيام بالمهمة المسندة إليه حتى ولو كان تعيينه من قبل المحكمة المختصة، فهو ليس كالقاضي مجبر على قبول البت في النزاع تحت طائلة جنحة إنكار العدالة،[4] فقبول المحكمين شرط ضروري لالتزامهم بالمهمة و انعقاد خصومة التحكيم، لأنهم يشرفون على قضاء خاص لا يتصور أن يجبرهم أشخاص خاصون على القيام بها رغما عن إرادتهم[5].

فبعد ثبوت قبول المحكم للمهمة المسندة إليه ينعقد بينه و بين الأطراف عقد يطلق عليه اصطلاحا )محرر أو مستند المهمة(«acte mission»[6] و يمكن تسميته تميزا له عن عقد التحكيم[7] الذي يبرم بين طرفي النزاع بعقد المحكم أو عقد الشروع في مهمة التحكيم كما أشار إليه المشرع المغربي في الفقرة الثالثة من الفصل 6-327 الذي جاء فيه “يثبت قبول المهمة كتابة ..أو بتحرير عقد ينص على الشروع في القيام بالمهمة“.

و يعتبر عقد الشروع في مهمة التحكيم عقدا رضائيا لا يلزم لانعقاده شكل خاص و لا يشترط لإبرامه الكتابة بل يكفي أن يتم القبول بشكل صريح أو ضمني علما أن الكتابة المتطلبة في الفصل 6-327 هي شكلية إثبات و ليست شكلية انعقاد في التشريع المغربي، حيث يلزم فقط أن تتوافر فيه إرادة طرفيه المتجهة إلى إحداث أثره القانوني، على اعتبار أن هذا العقد لا يعد قائما إلا بتراضي أطراف النزاع على سلوك مسطرة التحكيم و تعيين المحكمين إضافة إلى الاتفاق حول الشروط التي يمكن أن يكون عقد الشروع في مهمة التحكيم محلا لها، فبتخلف تطابق الايجاب بالقبول تبطل مهمة المحكمين .

و لا يربط هذا العقد المحكم بالطرف الذي عينه فحسب بل بكل أطراف الخصومة و هو ما يفسر عدم جواز عزل المحكم بإرادة أحد الأطراف فقط، بل يشترط موافقة جميع الأطراف طبقا للفصل 324 من قانون 05-08 الذي جاء فيه :

“لا يجوز عزل محكم ما إلا بموافقة جميع الأطراف مع مراعاة الفصل 320 أعلاه.. “. 

و في المقابل لا يجوز للمحكم بعد إبرامه هذا العقد أن يتخلى عن مهمته بدون عذر مقبول تحت طائلة دفع تعويضات للأطراف، و في الواقع فإن هذا الحكم يمثل جزاء لعدم تنفيد عقد الشروع في مهمة التحكيم دون سبب مشروع و هو ما يدعم فكرة خضوع هذا العقد للأحكام العامة المتعلقة بالمسؤولية العقدية،[8]حيث أسس المشرع المغربي لهذا المقتضى من خلال الفقرة الأخيرة من الفصل 6-327 التي جاء فيها:

“يجب على كل محكم أن يستمر في القيام بمهمته إلى نهايتها. و لا يجوز له، تحت طائلة دفع تعويضات أن يتخلى عنها دون سبب مشروع بعد قبولها، و ذلك بعد إرساله إشعارا يذكر فيه أسباب تخليه”.

و ما يمكن أن يلاحظ بخصوص هذا الفصل أن المشرع المغربي لم يأخذ مسلك الاتجاه الفقهي الرافض لإقرار مسؤولية المحكمين سواء كانت مدنية أو جنائية، من أجل تدعيم استقلاليتهم و تمكينهم من الاشتغال في جو هادئ بعيد عن التهديد بالمسؤولية[9] و في هذا الصدد يقول الفقيه دومكي «Domke» “أن إخضاع المحكمين للمسؤولية سوف يؤدي إلى إحجامهم عن قبول مهام التحكيم، إضافة إلى تأثير ذلك على جودة المقررات الصادرة عنهم نتيجة توزيع مجهوداتهم بين أدائهم للأعمال التحكيم و بين التصدي لدعاوى المسؤولية المرفوعة ضدهم” [10].

وقد لاقى هذا الاتجاه مساندة قوية من بعض التشريعات و الاتفاقيات الدولية[11] و أنظمة التحكيم[12] والتي منحت للمحكم حصانة مطلقة تحول دون إقامة دعوى المسؤولية عليه بشكل مشابه لحصانة القاضي.

بينما فضل المشرع اختيار مسلك تقرير مسؤولية المحكم العقدية جراء عدم احترامه للمهمة التي قبلها بإرادته الحرة على غرار أغلب التشريعات[13]، و بمقارنة قانون 05-08 مع القانون الملغى، يلاحظ أن المشرع اتجه نحو التشديد نوعا ما في مسؤولية المحكمين المدنية حيث اشترط عليهم عدم الانسحاب دون سبب معقول، مباشرة بعد قبول المهمة بغض النظر عن شروعهم في أدائها تحت طائلة دفع تعويضات مدنية للأطراف، عكس ما كان عليه الحال قبل صدور هذا القانون حيث كان الفصل 113 من القانون الملغى يثير المسؤولية فقط بعد شروع المحكمين في أداء المهمة المنوطة بهم[14].

و بالتالي يولد هذا العقد)عقد الشروع في مهمة التحكيم( حقوق و التزامات متبادلة بين أطرافه،[15] فيثبت للمحكم الحق في الحصول على أتعاب و ممارسة كل الصلاحيات ذات الطبيعة القضائية التي خولها القانون له و اتفاق التحكيم. و في المقابل يلتزم المحكم بالنظر في القضية التحكيمية التي قبل التحكيم بشأنها و بأن يصدر حكما منها للخصومة في الميعاد القانوني أو الاتفاقي للتحكيم تحت طائلة عزله[16] كما يلتزم المحكم بأن يراعي القواعد الإجرائية و الموضوعية التي حددها الأطراف باتفاق التحكيم مع مراعاة الضمانات الأساسية للتقاضي،[17] كما ينبغي عليه أن يفصح عن كل الظروف التي من شأنها إثارة الشكوك حول حياده و استقلاله و التي تعد إحدى الالتزامات القانونية لصحة قبوله للمهمة[18]، و إعمالا لهذا المبدأ نص قانون 05- 08 في الفقرة الثانية من الفصل 6-327 على أنه:

“و يجب على المحكم الذي قبل مهمته أن يفصح كتابة عند قبوله عن أي ظروف من شأنها إثارة شكوك حول حياده و استقلاله”.

و إذا كانت استقلالية المحكم[19] كأمر مفترض يمكن الوقوف على توافرها أو انعدامها من خلال معطيات مادية و موضوعية تمكن من إثبات علاقة تربط المحكم بأطراف الخصومة و التي من شأنها أن تكون سببا لتجريحه.[20] فإن الحياد والنزاهة هما حالة ذهنية ونفسية لهما طابع ذاتي أكثر مما هو موضوعي. يكون من آثارها أن إثبات الحياد والنزاهة أمر صعب، وإثبات عكسهما أمر سهل للغاية، ذلك لأن خروج المحكم عن الحياد والنزاهة لا يظهر مسلكه إلا في حالات استثنائية.[21] و هذا ما أكدت عليه محكمة استئناف القاهرة في تحديدها لحيدة المحكم الواجب أن يفصح عنها كتابة للأطراف في حالة ثبوت ما يمس بها بعد قبوله للمهمة، وذلك بأنها[22] :

“ميل نفسي أو دهني للمحكم لصالح أو ضد أحد أطراف النزاع بحيث يرجح معه عدم استطاعته الحكم بغير ميل أو هوى لأحد أطراف النزاع أو ضده، بيد أنه يجب أن تكون العداوة أو المودة شخصية، و من القوة بحيث يستنتج منها قيام خطر عدم الحيدة عند إصدار الحكم”.

و انطلاقا مما سبق تظهر لنا الطبيعة التعاقدية لانعقاد قضاء التحكيم الذي يتم بموجب عقدين، أولهما اتفاق التحكيم الذي يكون للأطراف المتنازعة الحرية في إبرامه أو اللجوء إلى القضاء، بينما العقد الثاني فيكون للمحكم دور محوري لانعقاده عبر تفعيله لصلاحيته في قبول مهمة التحكيم.

فإذا كان عقد الشروع في مهمة التحكيم الذي يكون أطرافه المحكم والأطراف المتنازعة واضح المعالم إذا جاء في عقد مستقل عن عقد التحكم [23] فإن الأمر يتعقد إذا قبل المحكم مهمة التحكيم من خلال الاكتفاء بتوقيعه على عقد التحكيم حيث نكون أمام عقدين في محرر واحد، مما يثور معه التساؤل عن كيفية اعتبار هذا التوقيع يعد بمثابة عقد مستقل في صلب عقد التحكيم؟

يرى أحد الباحثين[24] أن عقد الشروع في مهمة التحكيم أو (محرر أو مستند المهمة) أو  )وثيقة أو مستند التفويض) يختلف عن عقد التحكيم ولو ورد قبول المحكم بتوقعه على هذا الأخير فقط، و ذلك راجع للفوارق الجوهرية بين العقدين و التي يمكن إجمالها فيما يلي :

– إن الأطراف في اتفاق التحكيم سواء كان شرطا أو عقدا هم أطراف النزاع الذين اختاروا التحكيم وسيلة لحله، أما عقد الشروع في مهمة التحكيم فأطرافه المحكم و من اختاره من الخصوم أو سلطة التعيين.

– يوقع عقد قبول مهمة التحكيم عادة بعد نشوء النزاع و بعد تشاور و تفاوض مع المحكمين ينتهي بالتوقيع على العقد المذكور، أما اتفاق التحكيم فيأتي سابقا على توقيع عقد الشروع في مهمة التحكيم.

– يعتبر اتفاق التحكيم هو الأصل و الأساس في عملية التحكيم، بينما يمثل عقد الشروع في مهمة التحكيم، الفرع و التابع لاتفاق التحكيم و لا يحل محله و لا يقوم مقامه كما أن هيئة التحكيم لا تستطيع مباشرة إجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها في حال عدم وجود اتفاق التحكيم و تعتبر تلك الإجراءات و الحكم الصادر في نهايتها باطل ولو كان هناك عقد الشروع في مهمة التحكيم.

– يحدد في عقد الشروع في مهمة التحكيم واجبات و حقوق و مسؤوليات المحكمين في عملية التحكيم و هو بمثابة اتفاق مكتوب على التحكيم بين طرفي أو أحد أطراف النزاع و بين المحكم للقيام بمهامه في الوصول إلى حكم في النزاع وفق أحكام القانون و اتفاق التحكيم، بينما اتفاق التحكيم لا يعد سوى ترشيح المحكم للقيام بالمهمة، لا يفعل إلا بتلاقي الايجاب و القبول بين الطرفين.

و انطلاقا مما سبق يمكن القول أن انطلاق العملية التحكيمية يكون من خلال عقدين مرتبطين حيث يبرم الأول بين الأطراف المتنازعة و يعين فيه المحكم أو المحكمين لتولي المهمة التحكيمية في النزاع القائم بين الطرفين ويسمى هذا العقد باتفاق التحكيم كما لا يمكن أن تنطلق العملية التحكيمية برمتها بهذا العقد فقط بل يلزم قبول المحكمين للمهمة المستندة إليهم عبر عقد الشروع في المهمة التحكيمية الذي يعتبر منطلق بداية عمل الهيئة التحكيمة و إشرافها على النزاع المعروض عليها.

[1]كما هو الحال بالنسبة للشرع الجزائري في المادة 1015 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الذي نص على ما يلي “لا يعد تشكيل محكمة التحكيم صحيحا، إلا إذا قبل المحكم أو المحكمون المهمة المسندة إليهم”.

وتنص المادة 11 من مجلة التحكيم التونسية على ما يلي “يثبت قبول المحكم لمهمة التحكيم كتابة أو بتوقيعه على اتفاق التحكيم أو بقيامه بعمل يدل على شروعه في المهمة”. يراجع في هذا الشأن : نور الدين قارة :”قانون التحكيم (مقدمة عامة – التحكيم الداخلي) “، المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية، د. ط.، تونس، 2007، ص 113. و أيضا : جارد محمد :”دور الإرادة في التحكيم التجاري الدولي”، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الدولي الخاص، جامعة أبي بكر بلقايد، كلية الحقوق و العلوم السياسية، تلمسان، السنة الجامعية 2009- 2010، ص 35.

[2]ينص الفصل 5- 327 من قانون 05- 08 على أنه :”إذا لم يتم تعيين الهيئة التحكيمية مسبقا و كيفية و تاريخ اختيار المحكمين أو لم يتفق الأطراف على ذلك، تتبع الإجراءات التالية :

  • إذا كانت هيئة التحكيم تتكون من محكم واحد يتولى رئيس المحكمة المختصة تعيين المحكم بناء على طلب أحد الطرفين.
  • إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين يعين كل طرف محكما و يتفق المحكمين المعينان على تعيين المحكم الثالث، فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال 15 يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف الآخر أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال 15 يوما التالية لتاريخ تعيين آخرهما، تولى رئيس المحكمة المختصة تعيينه بناء على طلب أي من الطرفين، و تكون رئاسة هيئة التحكيم للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي عينه رئيس المحكمة.
  • تتبع الإجراءات المذكورة في الفقرة 2 أعلاه من هذه المادة إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من ثلاثة محكمين… “.

[3]القبول هو التعبير الصادر عن الشخص الموجه إليه الإيجاب كدلالة على أنه راغب في العرض الذي اقترحه الموجب عليه، و يكمن التعبير عنه صراحة من طرف القابل أو يتم استخلاصه من الأساليب الضمنية التي تؤكد عزم الشخص الموجه إليه الايجاب على أنه قابل للعرض الموجه إليه، للمزيد من التفاصيل أنظر : عبد القادر العرعاري :”نظرية العقد”، دار الأمان، الرباط، ط. الثالثة، 2013، ص 76 و ما بعدها.

[4]جارد محمد، م . س، ص 40.

[5]فتحي والي :”قانون التحكيم في النظرية و التطبيق”، منشأة المعارف، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2007، ص 225.

[6]ماهر محمد حامد : “النظام القانوني للمحكم في التحكيم التجاري الدولي”، دار الكتب القانونية ، القاهرة، طبعة 2011، ص130.

[7]يعرفه الفصل 314 من قانون 05- 08 بأنه :”عقد التحكيم هو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف نزاع نشأ بينهم بعرض هذا النزاع على هيئة تحكيمية.. “.

[8]نور الدين قارة، م . س، ص 115- 116.

[9]«  ..Elle s’explique certes en quelque mesure par la peur, non dénuée de fondement, de voir se multiplier

a l’avenir, outre les cas de récusation plus ou moins téméraires et les recours contre sentences, les mises en cause directs de la responsabilité de l’arbitre. Tous les observateurs ou presque de la ‘ scène arbitrale ‘ s’accordent a constater le climat de confrontation toujours plus marqué de nombreuses procédures arbitrales Les cause en sont diverses et ne peuvent être analysées ici.. »

Pierre Lalive , Etudes de Procédure et d’arbitrage en l’honneur de J.-F Poudret, Faculté de Droit de l’université de Lausanne, 1999, sur l’irresponsabilité arbitral, P 2, site web , date de visite 09-05-2016  http://www.lalive.ch/data/publications/pla_irresponsabilite_arbitrale_melanges_Poudret.pdf.

[10]ناصر بلعيد:”وضعية الهيئة التحكيمية في التشريع المغربي-  دراسة تحليلية في ضوء قانون 05/08 – “، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية سلا، السنة الجامعية 2007- 2008، ص 145.

[11]مثل قانون ولاية كالفورنية الأمريكية لعام 1985 و الذي يقرر إعفاء المحكم من أي مسؤولية عن الأخطاء التي يرتكبها لتمتعه بذات الحصانة التي يتمتع بها القاضي، و كذا اتفاقية البنك الدولي لتسوية منازعات الاستثمار في مادتها 1/24. حازم المرابط، م . س، ص 101.

[12]و كمثال نذكر نظام محكمة لندن للتحكيم الدولي، إذ تنص المادة 31 منه على ما يلي :

” 1-31 – لا تكون محكمة لندن للتحكيم الدولي )و تشمل هذه العبارة الرئيس، و نوابه، و الأعضاء(، و لا الكاتب، أو نائب الكاتب، أو محكم أو خبير عينته أي محكمة تحكيمية مسؤولين تجاه طرف عن أي عمل أو إغفال يتعلق بأي تحكيم حاصل وفقا لهذا النظام، باستثناء إذا أثبت الطرف المعني أن العمل أو الإغفال جاء نتيجة لتصرف خاطئ من قبل أحد الأشخاص المذكورين و ذلك بعلمه و إدراكه فيكون عندها مسؤولا عن هذا العمل تجاه الطرف المعني .. ” ناصر بلعيد، م . س، هامش رقم 3، ص 145- 146.

[13]على سبيل المثال لا الحصر :

ذهب المشرع التونسي في نص المادة 11 من مجلة التحكيم إلى أنه “يثبت قبول المحكم لمهمته كتابة أو بتوقيعه على الاتفاق على التحكيم أو بقيامه بعمل يدل على شروعه في المهمة. و لا يجوز له التخلي بعد القبول دون مبرر و إلا كان مسؤولا بغرم ما عسى أن يكون قد تسبب فيه بذلك من ضرر للأطراف”للمزيد من التفاصيل أنظر :حازم المرابط :”مهمة المحكم” ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس السويسي، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية سلا، السنة الجامعية 2008- 2009، ص 99- 100.

[14]ينص الفصل 313 من ق م م قبل التعديل أنه :”لا يمكن للمحكمين أن يتخلوا عن مهمتهم إذا شرعوا في عملياتهم تحت طائلة تعويض الأطراف عن الضرر الذي أحدثة خطأهم”.

[15]جاء في قرار لمحكمة النقض )المجلس الأعلى سابقا( ما يلي:

” إن المحكم كقاعدة يستمد سلطته من العقد الذي تم الاتفاق فيه على التحكيم، و عليه فإنه يكون مقيدا بما اتفق الأطراف على عرضه عليه، و يكون ملزما بالنظر في الحالات المتفق عليها في شرط التحكيم فقط على ألا يتعداها” قرار عدد 362 الصادر بتاريخ :26/03/2008 في الملف التجاري عدد : 697/2/2006. مشار إليه : مصطفى بونجة و نهال اللواح، التحكيم التجاري من خلال العمل القضائي، المغربي، مطبعة اسبارتيل،طنجة، الطبعة الأولى، 2014، ص 554.

[16]ينص الفصل 325 من قانون 05- 08 في فقرته الثانية أنه “إذا تعذر على المحكم أداء مهمته أو لم يباشرها أو انقطع عن أدائها بما يؤدي إلى تأخير غير مبرر لإجراءات التحكيم و لم يتنح و لم يتفق الأطراف على عزله، يجوز لرئيس المحكمة الأمر بإنهاء مهمته بناء على طلب أي من الطرفين بقرار غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن”.

[17]فتحي والي، م . س، ص 277 – 278.

[18]و تجدر الاشارة إلى أن عدم قيام المحكم بواجب الإفصاح عن ما يمس استقلاليته و حيدته قد يترتب عنها مسؤوليته المدنية،  ففي قضية تحكيمية لشركة « Annahold BV » حيث علمت هذه الشركة بتاريخ 25 يونيو 1990 بأن المحكم الوحيد المعين من قبل الأطراف في 22 دجنبر 1979، و في نفس الوقت مستشار مالي لرئيس المجموعة الخصم، و بأن التحقيق أفاد بأن هذا المحكم تلقى أتعابا بمعدل كل 3 أشهر تقدر ب 125.000 فرنك فرنسي غير مؤداة عنها ضرائب الدخل إلى غاية متم سنة 1989، و في 26 يونيو 1990 طلبت شركة Annahold من المحكم الانسحاب من مهمته بسبب عدم استقلاليته و عدم قيامه بواجب الإخبار بعلاقته مع الخصم و رفعت بخصوص ذلك دعوى إلى القضاء تطالب من خلالها ببطلان تحكيمه، إلا أن المحكم أصدر حكمه في 27 يونيو 1990، إلا أن محكمة باريس العليا أبطل الحكم المذكور على جملة من الأسباب أهمها عدم اعترافه بالروابط الموجودة بينه و بين طرف الدعوى الآخر، و عليه أسست مسؤوليته بناء على أحكام الفصل 1382 من القانون المدني الفرنسي، و ألزمته بتعويض الضرر الاحق بالشركة من جراء الحيل التدلسية التي قام بها، و بذلك طالبت المحكم بإرجاع مبلغ 600.000 فرنك فرنسي الذي كان قد تلقاه كأتعاب في الدعوى مصحوبة بفائدة من تاريخ التسليم. حازم المرابط، م . س، ص 97- 98.

[19]و إن كان معنى الاستقلالية في التحكيم يختلف عنه في القضاء ذلك خصوصا إذا كانت الهيئة التحكيمية مشكلة من ثلاثة محكمين فما فوق، فكما هو معلوم أن كل طرف يعين محكمه و يختار المحكمون المعينون المحكم الرئيس و إذا اختلفوا يرجع الأمر لرئيس المحكمة لتعيينه )الفصل5- 327( حيث أن المحكم الرئيس هو من يتمتع باستقلالية مماثلة إلى حد ما لاستقلالية القاضي، بينما المحكمون المعينون من الأطراف فمن الصعب أن يكتسبوا ذات الاستقلالية، لكن في المقابل يشترط في جميعهم ألا يتوفروا على أسباب التجريح المحددة على سبيل الحصر )الفصل 323( و التي يترتب عن عدم الإفصاح عليها إمكانية تجريحهم.عبد الكبير العلوي الصوصي :”رقابة القضاء على التحكيم – دراسة في القانون المغربي و المقارن- “، دار القلم، الرباط، الطبعة الأولى، 2012، ص58 .

[20]لم تحدد بعض التشريعات أسبابا لتجريح المحكم فاتحة المجال للأطراف في تحديد الأسباب التي تراها جدية و من هذه التشريعات نجد قانون تحكيم سلطنة عمان و قانون التحكيم المصري كذلك الشأن بالنسبة لاتفاقية عمان للتحكيم التجاري و من التشريعات التي سوت بين المحكم و القاضي فيما يخص أسباب الرد نجد القانون الليبي (المادة 749) القانون السوري(المادة 516) القانون اللبناني (المادة 770) أما القانون الجزائري فقط حددها بموجب المادة (1016) بينما فضل الشرع المغربي تحديدها في الفصل 323 الذي جاء فيه :يمكن تجريح المحكم إذا :

1- صدر في حقه حكم نهائي بالإدانة من أجل ارتكاب أحد الأفعال المبينة في الفصل 230 أعلاه.

2- كانت له أو لزوجه أو لأصوله أو لفروعه مصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة في النزاع.

3- كانت قرابة أو مصاهرة تجمع بينه أو زوجه و بين أحد الأطراف إلى درجة أبناء العمومة الأشقاء.

4- كانت هناك دعوى جارية أو دعوى منتهية في أقل من سنتين بين أحد الأطراف و المحكم أو زوجه أو أحد الأصول أو الفروع.

5- كان دائنا أو مدينا لأحد الأطراف.

6- سبق أن خاصم أو مثل غيره أو حضر كشاهد في النزاع.

7- تصرف بوصفه الممثل الشرعي لأحد الأطراف .

8- كانت توجد علاقة تبعية بين المحكم أو زوجه أو أصوله أو فروعه و بين أحد الأطراف أو زوجه أو أصوله أو فروعه.

9- كانت صداقة أو عداوة بينه و بين أحد الأطراف،

حدادن طاهر :”دور القاضي الوطني في مجال التحكيم التجاري الدولي”، مذكرة لنيل شهادة الماجستير فرع قانون التنمية الوطنية، جامعة مولود معمري، كلية الحقوق و العلوم السياسية قسم القانون ، تيزي وزو، الجزائر، السنة الجامعية، 2012، ، ص 55.

[21]عبد الحميد الأحدب ، حياد المحكم و استقلاليته في النزاعات الدولية، مقال منشور بجريدة الحياة، عدد 13810، ص 13، عبر موقعها الالكتروني http://www.alhayat.com/ تاريخ حصر الموضوع 19/03/2016.

[22]استئناف القاهرة- دائرة 91 تجاري – 30/3/2004 في القضية 78 لسنة 120 ق. تحكيم . مشار إليه : فتحي والي:”التحكيم في المنازعات الوطنية و التجارية الدولية علما و عملا”،منشأة المعارف، الاسكندرية، د . ط، 2014، ص 309.

[23]الذي يبرم بين طرفي النزاع و الذي على أساسه يلتزمان باللجوء الى التحكيم.

[24]رضوان عبيدات : “تشكيل هيئة التحكيم التجاري وفق أحكام قانون التحكيم الأردني و المقارن”. مقال منشور بمجلة دراسات: علوم الشريعة و القانون، المجلد 35، العدد 1، 2008، ص 113.

مشاركة