الرئيسية آراء وأقلام الصين وروسيا أصدقاء ولكن

الصين وروسيا أصدقاء ولكن

received 3038040853191994
كتبه كتب في 2 مارس، 2022 - 2:25 صباحًا

مشكلة التداخل الحدودي استغرقت أكثر من 40 عاما بين روسيا والصين، فمنذ 1964 تجري بين البلدين مفاوضات معقدة توقفت أكثر من مرة حول اطول حدود برية وسادس أطول حدود دولية في العالم.
تتكون الحدود الصينية الروسية من قسمين غير متجاورين مفصولين: الجزء الشرقي الطويل بين منغوليا وكوريا الشمالية والجزء الغربي الأقصر بكثير بين كازاخستان ومنغوليا، واستقر بها عدد من المعاهدات من القرن السابع عشر حتى يومنا هذا.
إلى أي حد سيساهم التوتر والمناوشات لسنوات حول المجال الجغرافي في تقارب أيديولوجيات وسياسة البلدين؟
لقد استغرق الأمر أكثر من عقد لروسيا والصين لحل القضايا الحدودية بشكل كامل وترسيم الحدود، بعد أن شهدت العلاقات صراعا بين الصين والاتحاد السوفياتي ثم بعد ذلك روسيا والصين. وقد تمت تسوية آخر قضية إقليمية عالقة بين البلدين بموجب الاتفاقية التكميلية لعام 2004.
منذ ذلك الحين يستطيع المراقب للعلاقات الصينية-الروسية المتنامية ملاحظة وجود تنسيق استراتيجي متزايد بين الطرفين، يشمل العديد من القضايا ومنها: التسلح العسكري، التنسيق السياسي والدبلوماسي في القضايا الدولية، التعاون المشترك في مجالات البحث والتطوير، بالإضافة إلى التجارة المتبادلة.
ولمواجهة العقوبات الغربية، لجأت روسيا إلى الصين لدعمها ضد المعسكر الغربي، عن طريق ابرام شراكة استراتيجية بين البلدين، تتميز بالصداقة مع عدم وجود مجالات تعاون محظورة، لعل أبرزها اتفاقيات طاقة مهمة تمتد لـ 30 عاما تشمل تصدير الغاز والنفط الروسي إلى السوق الصيني، وزيادة التبادل التجاري بينهما.
ثم دعم متبادل حيث يؤكد بوتين عن دعمه لمعارضة الصين لاستقلال تايوان، فيما يؤيد شي جين بينج مطلب روسيا بعدم توسع الناتو شرقا والمقصود بالطبع أوكرانيا، كما يتفقون على التأثير السلبي لنفوذ واشنطن على الاستقرار والسلام العادل بالعالم وتحالف أوكوس الذي قد يهدد آلية عدم الانتشار النووي. الشيء الذي يجعلنا نطرح التساؤل هل تستطيع روسيا الهروب من عقوبات أمريكية من خلال توفير أسواق بديلة لها في الصين التي قد تواجه هي الأخرى عقوبات مماثلة؟ وهل سعت روسيا لاختلاق هذه الأزمة للحصول على مكاسب من الولايات المتحدة والغرب؟ وهل تلتزم الصين بدعم روسيا بعد العقوبات الناتجة عن حرب أوكرانيا؟
الواضح هو أن الصين وروسيا تبحثان خلق نظام بديل لمواجهة العقوبات الأمريكية والأوروبية، هناك تعاون تكميلي، ومصالح استراتيجية لكلا البلدين، الصين كأقوى حلفاء روسيا تشكل قوة متزايدة يوما بعد يوم سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية
صحيح أن الطرفين يرغبان في تدعيم قوتهم مقابل الولايات المتحدة الأميركية، وأن محور بكين-موسكو آخذ في الصعود والتمكن. إلا أن متابعة إنجازات الصين الاقتصادية والسياسية والتحليل العلمي لذلك تبين أن الصين ستظل ساكنة إلى حين انتهاء خطط التطوير السياسي والاقتصادي خصوصا وأن الصين تبقى متشككة دائما من سياسات بوتين تجاه الولايات المتحدة، أوروبا وحلف الناتو
المضمون الرئيس للاتفاقيات بين بكين وموسكو هو انتقال الصداقة بين البلدين والشعبين من جيل إلى جيل، وعدم تحويل الآخر إلى خصم إلى الأبد. ثم في حال وجود تهديد أو عدوان، يقبل الطرفان على الاتصال ببعضهما البعض بأسرع وقت ممكن ويتم إجراء مشاورات لإزالة هذا التهديد أو العدوان. وعدم استخدام أي من الطرفين القوة أو التهديد باستخدامها أو أي وسائل ضغط أخرى، وعلى حل النزاعات ثنائيا بشكل حصري وبطرق سلمية، وعدم توجيه أو استخدام الأسلحة النووية ضد بعضهم.
في انتظار ما ستكشفه لنا الأيام تبقى علاقة الصين وروسيا أصدقاء ولكن.

يوسف الحفيرة
طالب باحث بســلك الدكتـوراه جامعة محمد الخامس

مشاركة