الرئيسية أخبار القضاء الرميد : شرط بيان هوية المشتكي أمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية مجحف

الرميد : شرط بيان هوية المشتكي أمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية مجحف

1491158431.jpg
كتبه كتب في 11 سبتمبر، 2017 - 2:16 صباحًا

في تدوينة له على صفحته على الفايسبوك صرح وزير العدل و الحريات السابق و وزير حقوق الإنسان الحالى مصطفى الرميد بما يلي

السلام عليكم…من المعلوم ان الدستور نص في الفصل116 على ان تتظيم سير المجلس الاعلى للسلطة القضائيةوالمعايير المتعلقة بتدبير الوضعية المهنية للقضاةومسطرة تاديبهم يحددها قانون تنظيمي، وبالفعل فقد تم اصدار قانون تنظيمي يتعلق بالمجلس الاعلى للسلطة القضاءية ، كما تم اصدار قانون تنظيمي يتعلق بالنظام الاساسي للقضاة وفق مانص عليه الدستور في احترام تام للمعايير الدولية المعتمدة في باب استقلال السلطة القضاءية، وهو ماشهدت به المرجعيات الدولية في الباب خاصة منها الأوروبية. وهكذا فان استقلال القضاء اصبح مضمونا بشكل تام، ولا عذر لاي قاض ان هو لم يصن استقلاله ويحكم ضميره ولا شيء غير ضميره، اقول واؤكد ان ليس هناك اي قوة تملك ان تؤثر على استقلال القاضي. ان القاضي يملك حقه الكامل في الحكم وفق مايراه ويقدره هو, وليس غيره في اطار ماينص عليه الدستور والقانون. وعلى هذا الاساس فان الذي ينبغي اليوم التاكيد عليه هو حق المواطن على القاضي في ان يحكم في قضيته باستقلال وحياد ونزاهة. لذلك فكما تضمن القانونان التنظيميان كافة ضمانات استقلال السلطة القضاءية تضمنا المقتضيات التي تؤسس لمساءلة القاضي ان هو اخل بواجب القضاء بحكم عادل داخل اجل معقول.
و لذلك فان القانون التنظيمي للمجلس الاعلى للسلطة القضاءية اذ نص على احقية هذا المجلس في وضع نظامه الداخلي فانه اشترط مصادقة المحكمة الدستورية عليه، وذلك لاهمية المواضيع التي يمكن لن يتناولها هذا النظام واتصالها الوثيق بحقوق الاشخاص، وارتباطها بباقي المؤسسات الدستورية تماما كما هو الحال بالنسبة للنظام الداخلي لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين وغيرهما .
وعلى هذا الاساس تكتسي الانظمة الداخلية للمؤسسات الدستورية اهمية خاصة مما جعل مؤسسة الرقابة الدستورية السابقة والحالية تولي اهتماما بالغا بها ، لم تواكبه الدراسات القانونية ولا الراي العام الحقوقي بما يستحق من اهتمام.
وقد ترددت كثيرا في ابداء رايي علنا في بعض مالدي من راي مخالف لما ورد في النظام الداخلي للمجلس الاعلى للسلطة القضاءية الى ان شجعني بعض الاصدقاء على إعلان هذا الراي إبراء للذمة واقامة للحجة ونصحا خالصا لمن يهمه الامر ،خاصة وان الموضوع خطير جدا اذا لم يتقرر عدم دستوريته ، وسينسف لامحالةكل الاصلاحات التي تعبت كثيرا في انجازها وانا وزيرا للعدل والحريات مع غيري من الغيورين على القضاء واستقلاله ونزاهته لما فيه خير الوطن و المواطن .
ان الامر يتعلق بما نص عليه النظام الداخلي من اشتراط بيان هوية المشتكي امام المجلس الأعلى للسلطة القضاءية ، ومعلوم ان الشكايات التي تقدم في هذا الباب اشكال والوان. نعم حينما يتعلق الامر بشكاية بسبب الخرق الخطير لقانون الشكل أو الموضوع مثلا فانه من الطبيعي ان يعلن المشتكي عن نفسه لانه في هذه الحالة ليس له من سبيل غير ذلك، لكن ما العمل اذا كان هناك مواطن يشتغل الى جانب قاض فاسد واراد ام يبلغ عن فساده؟ هل نلزمه بذكر اسمه والإمضاء بتوقيعه ؟ وهل مع هذه الاشتراطات سنضمن وجود من يبلغ عن الفساد من الوسط القضاءي والاداري ؟ ومثل ذلك معارف القاضي الفاسد وجيرانه !!! مع العلم ان حالات التبليغ عن الفساد يكون مصدرها في الغالب هذه الاوساط كما جرى العمل على ذلك عقودا من الزمن يعرفها كل من اشتغل في المؤسسات التي تعنى بشان القضاة ، وان من شأن اشتراط الكشف عن هويتها سيجعل التبليغ سبه مستخيل ان لم يكن مستحيلاعلى ، وهو ماسيفرغ كل الاصلاحات المنجزة من مضمونها ويمنح الفساد مساحات واسعة لكي يصبح عصيا على الحصار محصنا من المساءلة.
لذلك لاابالغ إذا قلت انه ليس من المقبول ان يتضمن النظام الداخلي للمجلس الاعلى للسلطة القضاءية اي قيد على حرية المواطن في التشكي والتظلم خاصة هذا القيد الذي اقدر انه مجحف في حقه في اللجوء الى مؤسسة دستورية جليلة من مستوى المجلس الأعلى للسلطة القضاءية والتي يبقى لها الحق الكامل في ان تقدر مدى جدية تظلمه وصحة المعطيات الواردة به، وءلك للاسباب التالية:
اولا، ان الدستور ينص صراخة في الفصل154على ان المرافق العمومية تخضع لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، ولااشك قيد انملة في ان اشتراط بيان هوية المشتكي سيمس في الصميم ماينبغي ان يخضع له مرفق القضاء من محاسبة ومسؤولية.

ثانيا، ان الفصل156 من الدستور ينص ايضا على ان المرافق العمومية تتلقى ملاحظات مرتفقيها واقتراحاتهم وتظلماتهم وتؤمن تتبعها.فمن اين لاحد ان يقيد حقا مطلقا ورد به نص الدستور بقيد يفرغ الحق من مضمونه بمقتضى نظام داخلي؟ ان واجب المرافق العمومية يقتضي تلقي التظلمات كل التظلمات وتتبعها وليس وضع الموانع القانونية امامها.!!!
تالتا، ان المادة 85 من القانون التنظيمي للمجلس الاعلىللسلطة القضاءية تنص على ان الرءيس المنتدب للمجلس يتلقى ماينسب الى القاضي من اخلال يمكن ان يكون محل متابعة تاديبيةا. ومعلوم ان المطلق يبقى على اطلاقه ولايمكن لقانون ادنى من مستوى النظام الداخلي ان يقيد مطلق الحق الوارد به قانون تنظيمي يكمل الدستور نظرا لما ينص عليه الدستور نفسه من تراتبية قانونية جديرة بالاحترام التام ، ولاجله شرعت المحكمة الدستورية التي ترعى مدى دستورية النص المعروض عليها بناء على تلكم التراتبية .
رابعا، ان إتفاقية مكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب واصبحت جزءا من قانونه الداخلي، كما هو مقرر ب مقتضى الدستور تنص في المادة 13 على ان على كل دولة طرف ان توفر للناس سبل الاتصال بهيئات مكافحة الفساد. ، وهي هنا المجلس الاعلى للسلطة القضاءية،دون بيان هوياتهم.فهل يعقل بعد هذا النص الصريح اشتراط ما من شانه ان يمنع فءات عدة من امكانيةالتواصل مع هذه المؤسسة احقاقا للحق وازهاقا للباطل؟،
خامسا،ان الاتفاقية نفسها تنص أيضا في المادة 7 على واجب كل دولة طرف في ارساء تدابير تيسر قيام الموظفين العموميين بابلاغ السلطات المعنية عن افعال الفساد عند انتباههم الى مثل هذه الافعال اثناء اداء وظاءفهم. وهذا المقتضى يهم حتما فئة من الناس من الوسط القضاءي والاداري الذي يمكن ان يكون به شيء من الفساد، وبالتالي فان اشتراط بيان الهوية سيحرم هذه الفئة من اداء هذا الواجب كما تمت الاشارة الى ذلك سابقا.
سادسا، ان الاتفاقية المذكورة تنص صراحةفي المادة 11 على ان تتخدكل دولة طرف دون مساس باستقلالية القضاء تدابير لدعم النزاهة ودرء فرص الفساد داخل الجهاز القضاءي وذلك باعتبار ماللقضاء من دور في مكافحة الفساد.
سابعا، انني لو سمح المجال لمزيد من حشد الدلاءل لاوردت المزيد منها مما احتفظ به لافصل فيه القول في منا سبة اخرى مؤمنا أشد الإيمان ان ماسقته اعلاه كاف لاستدراك ماذكر ولتصحيح مااعتل ممن له حق الاستدراك او التصحيح . والله اعلم واحكم..

مشاركة