ص.م عبد الرحيم الراوي – مقال رأي
على مدى أسابيع قليلة شهدت مواقع التواصل الاجتماعي نقاشا محتدما بين مؤيد لقرار وزير التربية الوطنية في تحديد 7 شتنبر موعدا لانطلاق الدراسة مع اعتماد صيغتين للتدريس – حضوري أو عن بعد- وبين رافض لهذا القرار بعلة أن الوزارة لم تستطع الحسم في طريقة التدريس وأن هذا سيخلق حالة من الارتباك في صفوف أولياء التلاميذ وكذا الأساتذة الذين سيكون عليهم مضاعفة الجهود وهذا ما يرفضه أغلب الأساتذة.
وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية التي سيطر فيها فيروس كورونا على الحياة اليومية، لا سبيل أمام الوزارة إلا التقليص من حضور التلاميذ إلى المؤسسات التعليمية، احتراما للتدابير الاحترازية واستمرارا للمنظومة البيداغوجية مع احترام تكافؤ الفرص، وفي هذا السياق يطرح السؤال حول أي الحلول تبقى أقرب للصواب؟.
للإجابة على هذا السؤال لابد من استحضار تحذيرات المنظمات الدولية بما فيها ” اليونيسكو” من مخاطر توقف الدراسة، وأن ذلك يمكن أن يخلق تأثيرات نفسية خطيرة، لاسيما تلاميذ المرحلة الابتدائية الذين يحتاجون لتنمية العمليات المعرفية والحركية والدعم المستمر لاكتساب مهارات الكتابة والقراءة.
هذا الواقع يوازيه واقع آخر، مرتبط بصعوبة التعليم عن بعد الذي أفرز مردودية هزيلة وخلق شكوك في الأرقام التي قدمتها الوزارة حول نجاح تجربة الدراسة عن بعد، في ظل عدم توافر نسبة كبيرة من تلاميذ القرى على تغطية شبكة الأنترنيت، فضلا عن أسباب كثيرة تجعل من خيار التعليم عن بعد غير ذي نتيجة تذكر.
في مقابل هذا التوجه، هناك من يرى أن سنة بيضاء أفضل من سنة تقتل التلاميذ، أو على الأقل تأجيل الدخول المدرسي إلى غاية تأهيل المؤسسات لاستقبال التلاميذ، ويؤيد هذا الطرح مجموعة من الأساتذة الذين يرون في أن تحديد الدخول المدرسي واعتماد صيغتين للتدريس مؤرق بالنسبة لهم في ظل الإكراهات المادية والبشرية ومخاطر تفشي الفيروس.
ولعل هذا الاختلاف في الآراء بين مؤيد ورافض لخيارات الوزارة لن يجنب التلاميذ مخاطر تفشي الفيروس وكذلك لن يقدم حلولا لآثار توقف الدراسة، ويبقى الحل الأقرب إلى الصواب اعتماد نظام التناوب وفق تطور الحالة الوبائية وهو اقتراح تعالت مؤخرا الأصوات المطالبة به، ولتدعيم هذا الحل لابد من منح صلاحيات للأكاديميات الجهوية في تنزيل هذه الخيارات وفق تطور الحالة الوبائية في الجهة، لأن التعليم عن بعد يبقى خيار استثنائيا لا قاعدة، بغض النظر عن سلبياته، وتبقى حلول الوزارة في منح الاختيار للأسر توجه مضمونه تلافي شبهة الاختيار الأسواء وليس تهربا من المسؤولية، وهذا ما أكده بلاغ الوزارة صباح اليوم 31 غشت الذي أعفى الأسر من المصادقة على طلبات الإختيار، وأضافت أن اختيار إحدى الصيغتين ممكن أن يتم من خلال المنصة الإلكترونية لموقع الوزارة.