الرئيسية آراء وأقلام “الجزائر الفرنسية”..أم “فرنسا الجزائرية”؟!!

“الجزائر الفرنسية”..أم “فرنسا الجزائرية”؟!!

IMG 20230902 WA0023 1
كتبه كتب في 13 سبتمبر، 2023 - 5:41 مساءً


محمد عزيز الوكيلي*

من أغرب ما تشهده الساحة السياسية والدبلوماسية العالمية، أن يخاطب رؤساء دولٍ، يفترَض أنها تحترم نفسها، شعوبَ دول أخرى مباشرة، فيما يمكن اعتباره تجاهلا للسلطة الحاكمة في الدولة المستهدفة بالخطاب، أو ربما رفضا للإقرار بمشروعية تلك السلطة، وهنا تكمن خطورة هذا السلوك الأرعن!!

هذا السلوك غير السليم، وغير السوي، يصبح أكثر غرابة وأشد خطورة على العلاقات بين الدول والأمم، عندما يصدر عن رئيس دولة عُظمى، يا حسرة، عضو في مجلس الأمن، متمتع بحق الفيتو، ويتغنى بامتلاك رصيد تاريخي يعتقد أنه يؤهله لإعطاء الدروس للدول والأمم في مجالات كالحرية والعدالة والمساواة… وهلمّ شعاراتٍ اتضح الآن أنها أفرغ من بطن بالونة، وأخف من وزن شعرة، بل فارغة بكل المعايير كالطبل، يرسل ضجيجه وصخبه من منطلق فراغ مكوّر وثلاثي الأبعاد!!!

إنها “فرنسا/الجزائر” في آن واحد، أو “الجزائر/فرنسا“، لأنهما الدولتان الوحيدتان، في زمن الناس هذا، اللتان اعتدى رئيساهما على سيادة ومشروعية المؤسسة الملكية بالمغرب الشريف، فتطاولا وتجرّآ على مخاطبة الشعب المغربي دون عاهله، وهو سلوك مَرَضي ينم عن عُقَد نفسية متجذّرة في لا وعي الرئيسين معاً، واللذان ظهرا للعالم كما لو كانا توأمين سياميين لصيقين يجتمعان على رأس واحدة، يفكران بنفس الدماغ، ويتكلمان بتحصيل الحاصل باللسان ذاته!!!

تبون بالأمس، بدلا من توجيه رسالة تعزية إلى العاهل المغربي كما يفعل الأسوياء، نشرت رئاسته بيانا مثيرا للسخرية على الصفحات الرئاسية بوسائل التواصل، وعبر وكالة الأنباء الجزائرية المضحكة/المبكية، يعبر فيه عن تضامنه مع الشعب المغربي “الشقيق”، واستعداده لتقديم، ليس ما يحتاج إليه هذا الشعب من دعم لمواجهة آثار الكارثة المدمرة، بل للاستجابة له “إذا طلب ذلك” من تلقاء ذاته، وكأن الشعب المغربي لا نظام يدبر شؤونه، وفوق ذلك، لا كرامة له ولا عزة نفس، حتى ينحني طالبا العون والنجدة من رئيس يمول ويسلح ويدرب مرتزقة يعرفهم العالم قاطبة بسيماهم، ثم يرسلهم من فوق ترابه الوطني، الجزائري، لقتل المغاربة جنوداً ومدنيين، وكأن شيئا لم يكن!!!

والمصيبة أن الرئيس تبون، في غمرة سلوكه الأرعن هذا، يعلم حق العلم ما يتحلى به المغاربة من العزة والأنفة والكبرياء على مر التاريخ، ولكن الرئيس أثبت للعالم من حوله أنه أجهل رئيس دولة بالتاريخ، وكيف لا، وهو الذي أطلق قنبلة تَلَقّي الأمير عبد القادر لمسدسين كهدية تقدير من يد الرئيس الأمريكي جورج واشنطن بلحمه وشحمه، وهو الرئيس الذي واراه مواطنوه التراب قبل ميلاد الأمير عبد القادر، الذي نعلم جميعا أنه ولقب الإمارة متوازيان لا يمكن أن يجتمعا في الشخص ذاته!!!

ولأن تبون وماكرون معجونان بنفس الخميرة الفاسدة، فقد طلع علينا، بالأمس فقط، رئيس الجمهورية الفرنسية، المتردية، بالسلوك ذاته، مخاطبا الشعب المغربي بلهجة مبيّتة وهو يقول بوقاحة منقطعة النظير: “إنني أقف اليوم لأخاطب المغاربة”!!!

بأي حق تخاطب المغاربة يا فاقد البوصلة؟! بحق الدم والقرابة؟ ام بحق تاريخ مشترك كنت فيه الجلاد وكان الشعب المغربي فيه الضحية؟ أم بحق نص دستوري فرنسي أو مغربي يجيز لك القفز على كل التشريعات والقوانين والأعراف والقيم والمبادئ والأخلاق الإنسانية والكونية،كي تخاطب شعبا يتمتع بنظام ملكي هو بالنسبة له كالتوأم، وكأنك بلا كابح يكبح حماقاتك التي لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد، والتي أعتقدُ جازما أن أوروبا كلها قد ضاقت بها ذرعا وباتت تحصي الأيام والساعات في انتظار ان يطرأ طارئ يبعدك عن الإليزي، الذي لطختَ سمعته بميوعتك وسوء خلقك وتدبيرك!!!

لكن إذا ظهر السبب بَطُلَ العحب، فأنت لا شك تفعل ذلك تحت تأثير الواقع المُرّ الذي تعيشه مع مواطنيك، بعد أن أقمتَ أنت بينك وبينهم فتقاً لن تستطيع رتقَه، وحفرةً لن تقدر على ردمها ولو استحضرت كل جعجعات الماسونية التي لوّحت بك إلى ذلك المنصب مرتكبةً بذلك إحدى أكبر خطيئاتها في التاريخ الحديث!!!

وقفتَ إذَن كالتلميذ الغبي المتبلّد، لتخاطب شعبا يستلقي على قفاه ضحكاً عليك، تماما كما فعل إزاء خليلك الجزائري، الذي ما زال خدّاه يحملان أثر قبلاتك المحمومة، وبالتالي المريبة والمشبوهة، وكأنكما، كما سبقت الإشارة، تستعملان الدماغ ذاته، واللسان ذاته، لتزيدا في تعميق الهوة بينكما وبين المغاربة ملكا ومواطنين، ولتعطيا للعالم الصورة الحقيقية لدخيلة رئيسين مريضين عقليا ونفسيا، غريبَي الأطوار، يستحسن أن يفكر المنتظم الدولي والضمير العالمي في صيغة تصلح كوصف سياسي ودبلوماسي مبتكَر يمكن أن ينطبق عليهما معاً، في أفق اتخاذهما مادة للبحث والدراسة في أقسام وشعب الدراسات الجامعية، في مجالي القانون الدولي والعلاقات الدولية…

شخصيا، وبكل تواضع، أقترح أن يندرج اسما الرئيسين الفرنسي والجزائري في سجل غينيس للأرقام القياسية، لأنهما بحق، وعن جدارة واستحقاق، حطما كل الأرقام في الغباء السياسي، والشذوذ الدبلوماسي، فضلا عن الانحراف الأخلاقي الذي يمكن أن يطال رؤساء دول يعيشون معنا في زمن الناس هذا!!!

هل نحن هنا بإزاء “جزائر/فرنسية“؟ أم “فرنسا/جزائرية“؟ أم بإزاء “فرنسا” أم “فرائر”؟ أم أي اسم آخر لكائن سريالي كاريكاتوري يمكن أن يجمع بين هاتين الظاهرتين ويفي بالغرض؟!!

أترك مهمة ابتكار اسم يناسب هذا الكائن، الخرافي بامتياز، لإبداعية القارئ الكريم!!!


  • إطار تربوي
مشاركة