شهدت المؤسسة التعليمية الزيتونة بمدينة الجديدة، يوم الجمعة 20 يونيو 2025، انطلاقة المرحلة التجريبية للمشروع الوطني الأول “كلنا مغاربة.. كلنا يد واحدة: لتعزيز الوحدة الوطنية”، وذلك ضمن أولى محطات البرنامج التربوي والتنموي الطموح “برنامج إدماج وتنمية لتنمية مستدامة”، الذي اختار لنفسه شعارًا مركزيا هو” ثورة متجددة ومتواصلة يحمل مشعلها جيل عن جيل”، ويتكون من ثلاث محطات رئيسية، تضم في مجموعها 15 مشروعًا.
ويستند هذا البرنامج إلى مرجعيات كبرى تؤطر السياسات العمومية الوطنية، من بينها التوجيهات الملكية السامية، ودستور المملكة، والبرنامج الحكومي للفترة 2021-2026، إضافة إلى مضامين النموذج التنموي الجديد، والرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين 2015-2030، فضلاً عن القانون الإطار 17-51.
واستُهلت فعاليات هذا الحدث التربوي بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم بصوت التلميذة أروى علامة، تلتها ترديد النشيد الوطني، ثم عرض فني بعنوان “الملحمة”، أدّاه تلامذة المؤسسة، حيث عبّروا من خلاله عن ارتباطهم بالوطن، عبر سرد بصري حيوي لتاريخ المغرب من الماضي إلى الحاضر واستشرافًا للمستقبل.
وبالمناسبة، قدم الدكتور عادل بالحمري، أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الأول بسطات، والمسؤول عن تنزيل المشاريع الأربعة الأولى، عرضًا مفصلًا حول مضامين وأهداف مشاريع هذه المرحلة التجريبية من برنامج “إدماج وتنمية مستدامة”.
وأكد الدكتور عادل في عرضه أن هذا المشروع الوطني ينبني على قناعة عميقة مفادها أن الثورة المتجددة التي يتطلع إليها مختلف الفاعلين، لا بد أن تقوم على منهج إبداعي فعال، وسريع في وتيرته، لكنه متزن في أهدافه، ويرتكز على ترسيخ القيم وتفعيل المبادرات التي تبني جيلاً وطنيًا جديدًا.
هذا الجيل، بحسب الدكتور عادل، يتطلب مقاربات متجددة في أساليب النهوض بالتنمية الاجتماعية، بما يعزز التنشئة السليمة والتنمية الشاملة، ويدعم ركائز الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد.
وفي ذات السياق، أبرز المتحدث أن البرنامج يهدف إلى تمكين الناشئة من مهارات حديثة، تُسهم في انخراطهم الواعي والفعّال داخل محيطهم، موضحًا أن مدرسة الريادة ضمن هذا المشروع تسعى إلى ترسيخ حب الانتماء، وتقوية العلاقة بين جيل المستقبل ومحيطه، من خلال التفاعل الإيجابي مع قضاياه.
وقد لقي العرض تفاعلًا واسعًا من طرف الحضور، خاصة أنه كان مدعومًا بنماذج تطبيقية ومشاريع ميدانية تبرز الإمكانيات الواقعية لتنزيل البرنامج داخل المؤسسات التعليمية، مما يجعل منه أداة فعالة لتأهيل التلميذ المغربي ليكون فاعلًا إيجابيًا في محيطه المحلي والوطني.
وفي أعقاب الكلمات التي ألقيت من قبل عدد من المتدخلين، تمت دعوة الضيوف إلى جولة استطلاعية شملت مختلف تفاصيل هذا البرنامج الوطني، مع تركيز خاص على مشروع “كلنا مغاربة.. كلنا يد واحدة: لتعزيز الوحدة الوطنية”.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الحدث البارز عرف حضور الأستاذ رشيد شرويت، المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالجديدة، ممثلا لمدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء-سطات، إلى جانب فريق إعداد المشروع وعدد من الضيوف.
وقد نظم النشاط من طرف مؤسسة “ابتسامة من أجل جيل المستقبل”، بشراكة مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الدار البيضاء – سطات.
ويهدف مشروع “كلنا مغاربة.. كلنا يد واحدة”، في جوهره، إلى تعزيز تأثير السياسات الوطنية على المستوى الدولي، والدعوة إلى الاعتراف الرسمي بمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد ونهائي لقضية الصحراء تحت السيادة المغربية. كما يسعى المشروع إلى ترسيخ قيم المسيرة الخضراء، وتعزيز الوعي الوطني لدى الأجيال الجديدة، وتنمية روح المواطنة والتعبئة الداخلية، مع ربط أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج بوطنهم الأم.
وتتضمن المبادرة إنجاز أكبر خريطة في العالم للمملكة المغربية على شكل تركيب (Puzzle)، تُجسد وحدة الوطن وتلاحم العرش والشعب، وتحمل رسالة قوية إلى المنتظم الدولي، وعلى رأسه منظمة الأمم المتحدة، بضرورة تبني مبادرة الحكم الذاتي كحل نهائي لقضية الصحراء المغربية.
وتشمل المرحلة الأولى من هذا البرنامج أربعة مشاريع رئيسية تتسم بالقوة من حيث الرؤية والتأثير، وهي:
كلنا مغاربة، كلنا يدا واحدة: لتعزيز الوحدة الوطنية
نهضة المجتمع بإدماج الناشئة في الشأن الترابي
بالإبداع نتجاوز التحديات وبالابتكار نصنع الأثر
بالتطوع نثري حياتنا ونضيء حياة الآخرين
ويغطي برنامج “إدماج وتنمية لتنمية مستدامة” ثلاث محطات رئيسية، تضم في مجملها 14 مشروعًا تربويًا وتنمويًا، تمتاز جميعها بواقعيتها، وابتكارها، وقابليتها للتنفيذ، بالإضافة إلى أثرها الملموس على صعيد المؤسسات التربوية.
وفي تصريح للصحافة، قالت الدكتورة نعيمة كي، أستاذة التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني، متخصصة في علم الجغرافيا، إنها تشتغل ضمن فريق إعداد مشروع “كلنا مغاربة، كلنا يد واحدة”، الذي يهتم بإنجاز خريطة “الخريطة الخضراء”، وهي عبارة عن خريطة تفاعلية تشتغل على شكل لعبة “البازل”.
وأوضحت بالمناسبة، أن هذه الخريطة ستنطلق من خلال التركيز على إحدى الجهات المغربية، حيث سيتم استخراج منها كل المعطيات الخاصة بالعمالة أو الجهة أوالجماعة المحلية، سواء كانت حضرية أو قروية.
وعن الهدف من ذلك، قالت أنه سيتم بعد ذلك، رفقة التلاميذ مثلا، من استخراج جميع المعطيات المجالية الممكنة، وهو ما يتيح لنا بناء معرفة دقيقة من خلال تحليل هذه المعطيات، وأن هذا المشروع سيمكن من قراءة المجال، وسيفيد المسؤولين التربويين من تنشئة جيل صاعد واعٍ بكل المقومات المجالية، سواء الطبيعية، أو البشرية، أو الخِدماتية.
وفي مرحلة لاحقة،تضيف المتحدثة، سيتم تقسيم الجماعة الترابية إلى وحدات صغيرة، موضحة، أنه إذا كانت الجماعة حضرية فسيتم الإشتغال على الأحياءالسكنية، وإذا كانت قروية فسيتم الإشتغال على الدواوير السكنية.
واعتبرت أن هذا التقسيم هو أساس لعبة “البازل”، التي من خلالها سيتعرف الناشئة على تفاصيل جماعاتهم المحلية عبر تركيب أجزاء الخريطة، إلى أن يتم الوصول إلى تشكيل خريطة كاملة لجماعة ترابية معينة. بعد ذلك، سيتم دمج هذه الخرائط لتُشكل خريطة على الصعيد الإقليمي، ثم الجهوي، ثم الوطني.
والهدف من هذه اللعبة التعليمية، هو تربية الناشئة على القيم الوطنية، وتحفيزهم على التنافس الإيجابي من أجل اكتساب المعرفة المجالية الأولية، بالإضافة إلى تنشئتهم على روح المسؤولية في تدبير الشأن المحلي، خصوصاً بعد تزايد اختصاصات الجهات والجماعات الترابية في المرحلة الحالية.



