بقلم الأستاذ مصطفى أمجكال
مهما بلغنا من النضج العقلي و الفكري و الثقافي ، و مهما بلغنا من حس المسؤولية الاجتماعية و الأخلاقية و الإنسانية ، نبقى كائنات هشة و ضعيفة مرتهنة بالظروف و الحيثيات و الوقائع المرئية و المسموعة ، قد ينفعل العقل العبقري لشيء سمعه فتصدر عنه أنواع من الحماقات أو الاشياء الغير مفهومة ، لأن ” العقول عندما تنفعل ، تجنح و تجمح ” كما قال فولتير .
لم أستوعب هذه المقولة إلا بعد وقت طويل من التفكير في معناها و عمقها ، فالمعلوم أن العاطفة هي التي تنفعل و تتأثر بالمشاهد و الأحداث ، تنفعل للمسموعات و المرئيات ، في حين العقول تحلل و تناقش ، و تفسر بموضوعية و تجرد ، فنقول العقلاني في مقابل العاطفي ، لكن أدركت أن العقول لها انفعالات خطيرة و خطيرة جدا ، عواطفنا تتاثر بمشهد ما فنبكي و ندرف دموعا و نبدى أحزانا، لكن العقل في لحظة انفعال فكري لقضية ما قد ينتج افكارا هدامة و مواقف كارثية ، ينافح عنها و يستدل و يبرهن عليها بشتى البراهين ، في حين قد تكون قضية زائفة و خرافة محضة ، لنضع السؤال مرة أخرى ، كيف لهذا العقل الهائل القوي المفكر أن ينفعل لمثل هذه الافكار الساذجة و الخرافية ؟؟ إنها ظروف التفكير و الإطارات التي يشتغل فيها و الحيثيات التي يعمل من خلالها.
إنها الطائفة التي ينتمي إليها هي من يحدد مسارات التفكير لديه ، أو ربما هي الجهة التي يخدمها هي من يملي عليه تحريف الحقائق و تزويرها و وضع اساسات يصوغها صياغة عقلانية منطقية لكنها في منطق العقل المتجرد السليم محض افتراء و كذب .