الرئيسية أحداث المجتمع الإجرام نتاج نظام إجتماعي فاشل.. الجريمة والعقاب.. أية علاقة؟!!!

الإجرام نتاج نظام إجتماعي فاشل.. الجريمة والعقاب.. أية علاقة؟!!!

IMG 20181218 WA0099.jpg
كتبه كتب في 18 ديسمبر، 2018 - 11:37 صباحًا

 

بقلم : ع. السباعي
صوت العدالة

 

الآف المجرمين في المجتمع ،قتلة كانوا ،أو مغتصبين أوحتى حاملين لنزعات عدوانية غير مبررة… عرفوا في التاريخ بوحشيتهم وقساوتهم، لكن الحقيقة التي ننكرها جحودا أنهم كانوا جميعهم في يوم من الايام اطفالا صغار أبرياء، مثلهم مثل أي طفل تلتقي به يوميا على قارعة الطريق ،تداعبه وتحمله على كتفك وتقبله وتحتضنه. لو كان أي من هؤلاء المجرمين قد ولدوا في أسرة بظروف أكثر أمانا في مكان أخر مع توفر شروط مغايرة للحياة، لكانوا اليوم لربما ضمن علية القوم من اهل العلم والنبوغ. فما الذي يحدث؟!!

هل من المعقول قبول فكرة أن الطفل الذي تحتضنه الآن هو مشروع حثمي بين الامكان والممكن..وهو قابل أن يصبح أحد أكبر مجرمي التاريخ… أين يقع الخطا اذن؟!! ومن هو المتهم والمسؤول عن تحول هذا الطفل البريء الى مجرم متوحش؟!!

آن الأوان أن نعترف جميعا.. أن سلوك وفكر الإنسان ليس سوى منتوج إجتماعي، وافرازات مختلفة تنجم عن طريقة الحياة التي نعيشها وعن التجارب التي نمر بها في حياتنا. القاتل والمقتول، الجاني والمجني عليه ..جميعهم ضحايا لقوانين اللعبة التي نصطلح عليها بالنظام الاجتماعي. فالخطأ لا ينتج إلا الخطأ .. فعندما تكون طريقتنا في الحياة خاطئة فإنه من الطبيعي جدا ان يصبح بعضنا لصوصا وقتلة وبعضنا شرطة ومحامين. فيصبح أحدنا جاني والاخر مجني عليه.

إن طبيعة الثقافة السائدة في مجتمعاتنا اليوم ،تستند على أن الجريمة إختيار فردي وسلوك انحرافي ينبغي تهذيبه بالمعاقبة أحيانا والقصاص حينا آخر.. يبدو وكأنه القانون الطبيعي الذي لا يمكن مسائلته ابدا. فمن يخطئ ينبغي أن يعاقب ويتحمل نتائج تصرفاته، وقد انعكس للأسف هذا حتى على أساليب تربيتنا للأطفال.

إن تغيير النظام الاجتماعي وطريقتنا في الحياة سيؤدي الى انهاء جميع هذه الظواهر الاجتماعية الخاطئة حول الجريمة والعقاب وقوانين الزجر. لقد وضع البشر القوانين لكل شئ فشل في فهمه ومعالجته بالعقل والعلم والمنطق. من ينكر منا أننا بنينا السجون عندما فشلنا في وقف السرقة والقتل والجرائم ووضعنا قوانين له؟!!!. فعندما يسرق أحدهم سيارة او رغيف خبز مثلا، نلحقه بفئات عريضة في السجن، بدلا من ان نصنع ما يكفي الجميع فيكف الناس عن السرقة. إن جميع الجرائم تقريبا لها دوافع وأصول اقتصادية، وهي في الغالب انحرافات تنشا في العادة عندما يعيش البشر في ظروف إجتماعية قاسية ومجتمع قائم على التنافس.

إن جميع مشاكل البشر والمجتمعات لها حلول علمية، عندما نغير طريقة حياتنا وفهمنا للأشياء وسلوكات ودوافع الافراد ،ونقيم نظاما إجتماعيا قائما على إسناد الامور لأهل الاختصاص، لن نكون بحاجة الى ترسانة القوانين والسجون لوقف السلوك الانحرافي للانسان.. عندما نزيل دوافع الانحراف من جذوره فلن نجد بغدها أفرادا للتهذيب والتكييف قسرا مع نظام إجتماعي فاشل.

مشاركة