الرئيسية غير مصنف بين قبة البرلمان وفضائح الأمس: هل يملك أوزين حق محاكمة الإعلام؟

بين قبة البرلمان وفضائح الأمس: هل يملك أوزين حق محاكمة الإعلام؟

IMG 2783
كتبه كتب في 16 ديسمبر، 2025 - 8:41 مساءً

أثار التصريح الأخير للبرلماني محمد أوزين تحت قبة البرلمان، والذي هاجم فيه عددًا من المواقع الإلكترونية، موجة واسعة من الاستغراب والتساؤل حول حدود المزايدة الأخلاقية في الخطاب السياسي، خاصة عندما تصدر عن أسماء ارتبطت في الذاكرة الجماعية بمحطات مثيرة للجدل خلال توليها مسؤوليات حكومية سابقة.

فالرأي العام المغربي لا ينسى أن أوزين، حين كان وزيرًا للشباب والرياضة، ارتبط اسمه بفضيحة المركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله، التي تحولت إلى رمز لسوء التدبير وربط المسؤولية بالمحاسبة، وانتهت بإعفائه من مهامه. وهي محطة شكلت درسًا قاسيًا في أن المنصب العمومي ليس حصانة أخلاقية ولا منصة لإلقاء المواعظ.

كما أن المغاربة لم ينسوا أيضًا ما راج وتداول على نطاق واسع في مرحلة سابقة من تسجيل صوتي منسوب إليه، وُصفت فيه فئات من الشعب المغربي بأوصاف مسيئة، وهو ما خلف حينها صدمة واستياءً عميقين، وطرح أسئلة جوهرية حول صورة المسؤول السياسي وحدود احترامه لكرامة المواطنين. سواء اعترف المعني بالأمر أو نفى، فإن أثر تلك الواقعة ظل حاضرًا في الذاكرة العامة، ولا يمكن تجاوزه بسهولة بخطاب أخلاقي ظرفي.

من هذا المنطلق، يبدو مستغربًا أن يخرج اليوم نفس الفاعل السياسي لينصّب نفسه قاضيًا أخلاقيًا، ويوزع الدروس على الإعلام الرقمي، متناسيًا أن حرية الصحافة، مهما اختلفنا مع بعض ممارساتها، تظل أحد أعمدة البناء الديمقراطي، وأن النقد الحقيقي يبدأ أولًا بمراجعة الذات والاعتراف بالأخطاء قبل محاسبة الآخرين.

إن الركوب على الأحداث الراهنة، ومحاولة مداعبة مشاعر المغاربة بخطاب شعبوي، لا يمحو تاريخًا سياسيًا مثقلًا بالأسئلة، ولا يمنح صك الغفران لمن حُرم منه بسبب ممارساته السابقة. فالمغاربة اليوم أكثر وعيًا، ويميزون جيدًا بين النقد المسؤول، والمزايدة التي تهدف فقط إلى استعادة الأضواء.

وإذا كان بعض المواقع الإلكترونية يستحق فعلًا التقويم أو النقد، فإن الطريق إلى ذلك يمر عبر احترام الذكاء الجماعي للمغاربة، وليس عبر خطابات انتقائية تصدر ممن كان الأولى به أن يلتزم التواضع السياسي، وأن يدرك أن المصداقية لا تُستعاد بالكلمات، بل بالمواقف فالنصيحة لا يمكن قبولها من العاهرة التي تدعي الشرف لأن ماضيها مليء بالخطايا وغارق في الفساد والرذيلة.

مشاركة