الرئيسية آراء وأقلام إن البقر تشابه علينا إذا ما اقترن بالجهل والجهالة

إن البقر تشابه علينا إذا ما اقترن بالجهل والجهالة

received 671852106652031 1
كتبه كتب في 27 سبتمبر، 2019 - 1:55 صباحًا

محمد منصف لمحورك

قآل مؤسس جريدة” نيويورك” تايمز آرثر سالزبورجر عندما تقوم بإعطاء إنسان معلومات صحيحة ثم تتركه وشأنه ،ربما تجعله مُعَرَّضاً للخطأ في رأيه لبعض الوقت ولكن فرصة الصواب سوف تظل في يده إلى الأبد،لكن أن تقدم المعلومات عن أي إنسان مشوهة أو ناقصة أو محشوة بالدعاية والزيف فإنها تدمر كل جهاز تفكيره وتنزل به إلى ما دون مستوى الإنسان”

و في خضم النقاش السائد حول تقارير المجلس الجهوي للحسابات،و الذي عرف تداولا واسعا في مختلف المنابر الإعلامية، و هو توجه مثمن ، نظرا لمستويات التفاعل معه ، و كذا مضمون و حجم الإنتقادات التي واكبت مضامينه في أوساط النقاش العمومي ،حيث ان إعلام الجمهور بنتائج الرقابة من أهم المعايير الدولية للرقابة المالية ؛ لأنه يرتبط أساسا، بالشفافية و الوظيفة الديموقراطية لتدبير الشأن العام.
و الواقع أن نشر تقارير المجلس الأعلى للحسابات ، يحتاج إلى توضيح دقيق ، يفرض بالضرورة تأكيد نمط تحديد مسؤوليات، و الجهات المخول لها حق إثارة هذه المسؤوليات، بناء على نتائج رقابة هذه المؤسسة الدستورية وذلك تفاديا لأي جدل أو توظيف سياسي لنتائج و خلاصات التقارير.

من خلال إستقصاء مختلف الطروحات و المطالب التي تداولتها وسائل الإعلام ، حول نتائج و خلاصات التقارير ، نلاحظ أنها تركزت أساسا على الدفع في اتجاه تورط المسؤولين عن تدبير المرافق العمومية، نظرا لحجم الإختلالات الواردة فيه ،لكن هذا القول يحتاج إلى تدقيق قانوني،وتحديد حصري لطبيعة المخالفات المضمنة في مدونة المحاكم المالية لتتضح الرؤية حول الأساس السليم لتفعيل مسؤولية المقصرين في تدبير المال العام ،و توضيح كافة الأسس القانونية التي تؤسس لمشروعية المتابعات، حتى يكون للمضمون أثر قانوني في تحديد طبيعة المسؤولية بناء على خلاصات و ملاحظات تقارير المجلس ، هل هي جنائية ؟ أم تأديبية ؟ أم سياسية ؟

فمسألة تقدير أفعال ذات طابع جنائي يعود لقضاة المجلس الأعلى للحسابات ، و ذلك بمناسبة البحث و التدقيق أثناء تنفيذ المهام الرقابية المدرجة في البرنامج السنوي للمراقبة . فبمجرد ما يتم إكتشاف الصبغة الجنائية للإختلالات ، يقوم الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات بإحالة القضايا إلى الوكيل العام بمحكمة النقض طبقا للمادة 111 من مدونة المحاكم المالية.

و لقطع الشك باليقين حول طبيعة الملاحظات و الإختلالات الواردة في التقرير السنوي للمجلس ، و التي لا تستدعي القول بضرورة تكريس المتابعات الجنائية بناء على هذا التقرير . فالملاحظات التي يبديها قضاة المجلس، و التي غالبا ما يشار إليها بالإختلالات، المقصود بها الإختلالات من وجهة نظر العلوم المالية و الإدارية و التي تؤطرها معايير محددة، كالكفاءة و الاقتصاد و الفعالية و النجاعة . وهي معايير تثبت مدى قدرة و جاهزية المسؤول الحكومي و الإداري على تطبيقها في التدبيرين، المالي و العمومي .

وبالتالي يبقى النقاش الحقيقي و السليم من جدوى نشر تقارير المجلس الأعلى للحسابات ، و كذا طبيعة مسؤولية الأشخاص المسجلة في حقهم تلك الإختلالات ، هو تفعيل المسؤولية السياسية ، و ذلك في اتجاهين أساسين . الإتجاه الأول تفعيل البرلمان لمسؤولية الرقابية على أعمال الحكومة ، ثم الإتجاه الثاني، إستغلال الحكومة لنتائج التقارير من أجل صياغة نقد ذاتي و القيام بالإصلاحات الضرورية .

وبالرجوع لقانون “مدونة المحاكم المالية” رقم62/99، الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.02.124 الذي ينص في الفصل 96 يتولى المجلس الأعلى للحسابات ممارسة الرقابة العليا على تنفيذ القوانين المالية ويتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصروفات الأجهزة الخاضعة لرقابته بمقتضى القانون.وبالرجوع ايضا للمهام المنوطة للمجالس الجهوية للحسابات سنجد انها تشمل التدقيق والبت في الحسابات والتسيير بحكم الواقع، التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، مراقبة استخدام الأموال العمومية تم مراقبة التسيير
بمعنى أن تقرير المجلس الجهوي حول بعض الجماعات باقليم تازة لا يشمل المسؤولية الجنائية على عكس ما توقعه البعض، حيث انه تشمل المسؤولية السياسية التي لا يترتب عنها عقوبات حبسية مادام أن التقارير تورط فيها مسؤولين جماعيين في الولايات السابقة و لا علاقة لمن تحمل المسؤولية بعدهم.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ ندمين.

مشاركة