الرئيسية أخبار وطنية إقليم سيدي بنور بين تطلعات الساكنة وتحركات السلطة: زيارة العامل تسلط الضوء على واقع يحتاج إلى مراجعة شاملة

إقليم سيدي بنور بين تطلعات الساكنة وتحركات السلطة: زيارة العامل تسلط الضوء على واقع يحتاج إلى مراجعة شاملة

IMG 20250531 WA0096
كتبه كتب في 1 يونيو، 2025 - 7:44 صباحًا

صوت العدالة : نورالدين عمار

في مبادرة تعكس حرصًا على القرب من واقع المرافق العمومية، قام عامل إقليم سيدي بنور، السيد منير هواري، ليلة الجمعة الماضية، بزيارة ميدانية فجائية إلى المستشفى الإقليمي، إحدى أبرز المؤسسات الصحية بالإقليم، والتي لطالما شكلت موضوع شكايات متكررة من قبل المواطنين وهيئات المجتمع المدني.

هذه الخطوة، التي اتسمت بطابعها العملي والمباشر، فتحت النقاش من جديد حول أداء المرافق العمومية بالإقليم، ومدى التزامها بخدمة المواطن طبقًا لمبادئ الحكامة الجيدة.

الزيارة للمستشفى الإقليمي ، همّت على وجه الخصوص سير الخدمات، حضور الموارد البشرية، ظروف الاستقبال، والتجاوب مع الحالات الاستعجالية.
ومن الملفت للنضر قلة الأطر الطبية والإدارية ، وهو ما يعكس تحديات مرتبطة بتدبير الموارد والرقابة والتتبع، في ظل تغييب واضح لدور بعض المسؤولين الترابيين القطاعيين، وعلى رأسهم المندوب الإقليمي للصحة، الذي تسجل عدة أطراف محلية ملاحظات متكررة بشأن محدودية تواصله الميداني وتدخله في تحسين الوضع الصحي، داخل تراب الإقليم.

من ضمن الملاحظات التي تعود بشكل متكرر في النقاش العمومي المحلي، تبرز قضية إقامة عدد من المسؤولين خارج الإقليم، وبالضبط بمدينة الجديدة، واستعمالهم اليومي لوسائل النقل التابعة للدولة.
وإن كان من حق الموظف اختيار مقر سكنه وفق ما يكفله القانون، فإن استمرار استفادته من سكن وظيفي داخل الإقليم دون استغلاله كما ينبغي، واستعمال وسائل الدولة خارج نطاق العمل، يطرح تساؤلات مشروعة حول مدى احترام مبادئ النجاعة وتكافؤ الفرص وربط الامتيازات بالالتزام بالخدمة العمومية.

القوانين المنظمة لاستعمال سيارات الدولة، لاسيما المرسوم رقم 2.05.1367، واضحة في تحديد الأغراض المهنية كشرط أساس لاستعمالها، وهو ما يفتح الباب لمطالبة بعض الفاعلين المحليين بإعادة النظر في طرق تدبير هذا المورد العمومي، ضمانًا لحسن استعماله.

الغياب الإداري: هل هو عرض أم مرض؟
من المؤشرات التي تدعو للقلق، تسجيل حالات غياب متكررة لبعض رؤساء المصالح بالإدارات العمومية، مما يعرقل مصالح المواطنين، ويؤثر على نجاعة الأداء الإداري.
وفي ظل الارتباط الوثيق بين الالتزام الوظيفي وجودة الخدمات، يبدو أن المرحلة تستدعي تفعيل آليات المتابعة والتقييم، وعدم التساهل مع الممارسات التي تُفقد المواطن الثقة في مؤسسات دولته.

فالمرفق العمومي، كما ينص عليه دستور 2011 في فصله 154، يجب أن يخضع لمبادئ الشفافية والنجاعة والمحاسبة، وهو ما يُلقي بمسؤولية كبيرة على مختلف المتدخلين، سواء تعلق الأمر بالسلطة الترابية، أو الإدارات القطاعية، أو المجالس المنتخبة.

يمثل العامل، وفقًا للفصل 145 من الدستور والظهير المنظم لعمل الولاة والعمال، السلطة المركزية في الإقليم، ومسؤولًا عن تتبع سير المصالح الخارجية، وتنسيق جهودها، ورفع التقارير للجهات المعنية، واقتراح ما يراه مناسبًا من تدابير لتقويم أي خلل.
ويتيح له القانون صلاحيات واسعة تمكنه من لعب دور محوري في ترسيخ ثقافة الانضباط الإداري، وربط المسؤولية بالمحاسبة، دون المساس بمبدأ التدرج والتواصل المؤسساتي.

ولعل التحرك المفاجئ صوب المستشفى لم يكن فقط تفقدًا، بل أيضًا رسالة غير مباشرة لكل من يعنيه الأمر بأن منطق التغاضي قد انتهى، وأن المرحلة المقبلة قد تحمل مقاربة أكثر حزمًا ومسؤولية في التعامل مع مظاهر الاختلال الإداري.

الساكنة، التي تتابع باهتمام هذه التطورات، تأمل في أن تكون هذه الزيارة بداية لمسار تصحيحي متكامل، يعيد الاعتبار لقيمة الخدمة العمومية، ويرسّخ ثقافة القرب والمواكبة، لا من باب الرقابة فقط، بل أيضًا من أجل التشارك في بناء إدارة حديثة ومنتجة تُراعي كرامة المواطن، وتُحفّز الموظف الملتزم، وتفتح الأفق أمام جيل جديد من المسؤولين المحليين الميدانيين.

زيارة العامل حملت رسائل متعددة الأبعاد:

للمسؤولين الغائبين: الرقابة قادمة، والأداء يُقاس بالميدان لا بالتصريحات.

للموظفين الملتزمين: الدولة تعترف بالمجهود وتدعم الكفاءات.

للمواطن: هناك إرادة في الإصلاح، لكنها تحتاج إلى صوتك ومشاركتك ويقظتك.

ولمن يعتقد أن الفوضى ستستمر: المسؤولية اليوم لم تعد مجرّد امتياز… بل عهد أمام الدولة والمجتمع.

1000252101
مشاركة