الرئيسية آراء وأقلام أش واقع….لماذا يموتون في البحر؟

أش واقع….لماذا يموتون في البحر؟

355.jpg
كتبه كتب في 26 سبتمبر، 2018 - 11:44 صباحًا

29497545 276109792931562 5435977060998709248 n

لماذا يموتون في البحر؟ هذا سؤال المفروض أن تطرحه الحكومة المغربية على كل أعضائها،وتبحث فيه بشكل دقيق وتبحث له عن مخارج آمنة للتقليل من آثاره.

من السهل أن نقول أنهم مضطرون للهجرة الى الخارج، حيث الحلم وبلاد الحقوق والحريات والمال والمستقبل، لكن، ليس هذا وحده كاف حتى تتضح الصورة ويكون جوابنا شافيا.فالشباب الذي يقطع البحر وهو يعلم أنه إما مسجون في إحدى السجون أو طعم للحيتان،لم يعد في يفكر في النتائج، ولا حتى في الأسباب، كل ما يهمه هو الهروب من الواقع والبحث عن سماء أخرى ، قد تكون ّأرحم.

لا أعتقد أن الشباب يغادر بسبب الفقر وحده ولا بسبب الظلم وحده، ولكن هناك دوافع أخرى تجعله يفضل تغيير الوطن بوطن مفترض، فبالاضافة الى الفقر والعوز والظلم والقهر، هناك أسباب مرتبطة باستيلاب الشخصية من قبل الدولة،بمحاولة غسل العقول وتكريس قيم تؤسس للفشل والاحباط، وهذا منطق تنهجه كل الدول التي تخشى الكفاءات وتهاب التغيرات من أسفل الهرم.

فالدولة في مجموع مؤسساتها،تسعى الى تكريس واقع يضمن الاستمرار،منطق يقوي الواقع الحالي ويزكي السياسات العمومية،خصوصا فيما يتعلق بمحاولة تغيير سلوك المواطن اتجاه المؤسسات،واطلاعه ومعرفته لحقوقه الكاملة،واكتسابه للجرأة الكبيرة في قول “لا” أو “كفى”.لذلك ، تجدها تلعب مجموعة من الأوراق ، الهدف منها هو الحفاظ على الوضع الراهن، وتكريس أعراف معينة، باتت مهددة من قبل موجات التغيير الشبابي” المقاطعة نموذجا”.

وهذا منطق يمكن أن نقول أنه متجاوز لحد الساعة،ولا يمكن أن ينجح أو يستمر للأسباب التالية: أولا أن المواطن تعلم كيف يدافع عن حقه،وكيف يحافظ عليه، بل استطاع الانخراط في موجات التغيير وتفاعل معها بشكل ايجابي، الى درجة أنه أصبح يدعو اليها ويسعى في  انتشارها، وما الحملات الفايسبوكية ومواقع التواصل الاجتماعي إلا دليل على ما نرمي اليه، ثانيا أن الدولة بكل مؤسساتها لم تعد تهتم بالتنسيق المؤسساتي،ولم تعد تعمل بمنطق الجماعة كما في دول الجوار، بل نجد كل مؤسسة لها أوراق خاصة بها تلعبها بشكل من الأشكال، حتى دون الرجوع الى المؤسسة الأم، وهذا بالطبع خلق خلل تنظيمي مس أهم القطاعات، وانعكس سلبا على المردودية والاستمرارية.ثالثا وهذا هو الأهم في نظرنا، دخول الدولة في صراع مباشر مع المواطن: قمع،اعتقال، تشريد،….رجعت الى سنوات الرصاص بجلباب آخر ، داكن اللون.

كل هذه الأسباب وأخرى، يجد المواطن نفسه غريبا في وطن المفترض أنه وطنه،ما يجعله يفكر في التخلص من هذا الواقع،والبحث عن بديل حتى وإن كانت النتيجة هي الموت أو السجن. وحسب دراسة قامت بها مؤسسة اسبانية مختصة في الهجرة السرية،كل الموقوفين بالتراب الاسباني يعزون سبب هجرتهم ومغامرتهم في قوارب الموت الى الفقر والظلم،ما جعلها توجه نداء الى الحكومة المغربية لنهج سياسة مواطنة تراعي فيها مطالب الشعب وتستجيب لانتظارات المواطنين.

فالمواطن المغربي، لا يطلب الكثير، ولا يطمع في الكثير، كل ما يهمه هو أن يعيش بكرامة في وطنه رفقة أسرته، وهذا مطلب دستوري، بل تتبناه وتدافع عنه كل التشريعات وتنص عليه كل المواثيق الدولية،فكيف يعقل أن تتجاهله الحكومات المغربية المتعاقبة؟

على كل،رحلة الموت مستمرة، ولن تتوقف ما لم تتوقف أسبابها، والدولة بكل مؤسساتها عليها التفكير بشكل مسؤول في ايجاد الحلول الناجعة للخروج من المأزق،والطريق لن يكون سهلا في وجود عناصر مقاومة كثيرة،خاصة في ظل انفتاح المؤسسة الملكية على محيطها وتبنيها لسياسة مجتمعية ناجعة،فالحكومة عليها استيعاب الرسائل الملكية، وتنزيل مضامنها التنزيل السليم،فلا يعقل أن يستمر الوضع على ما هو عليه الآن،فالدول تتسابق نحو تحقيق نسب متقدمة من التنمية من خلال دمقرطة مؤسساتها والبحث عن أسباب الرفاهية لشعوبها،فلم يعد من حقنا التراجع عن المكتسابات، ولا حتى انتظار الحلول من الخارج، فالمواطن المقهور لا ينتظر، له متطلبات يومية ضرورية،وله انتظارات مستقبلية، بات من الواجب التعامل معها التعامل الصحيح حتى نقلل من أعداد وفيات البحر والقوارب عرض المتوسط….

مشاركة