تقنين مواقع التواصل الاجتماعي عنوان ندوة وطنية بالخميسات أطرها زيان والشعبي

صوت العدالة – عبد السلام اسريفي / حليم السعيدي/ المخروبي

نظمت مساء اليوم 8 مارس  الجمعية المغربية للدفاع عن كرامة المواطن بمعية فرعها المحلي للخميسات، ندوة وطنية حول موضوع ” مواقع التواصل الاجتماعي بين التقنين والواقع” أطرها كل من الأستاذ المحامي محمد زيان والأستاذ ابراهيم الشعبي إعلامي ورئيس المركز الوطني للاعلام وحقوق الانسان.

في كلمته الافتتاحية رحب رئيس الفرع المحلي للجمعية المغربية للدفاع عن كرامة المواطن الحسن زاهري بضيوف الندوة معتبرا تنظيمها في هذا الظرف إنما الغرض منه هو إزاحة اللبس الذي يحجب الحقيقة عن الكثير من مستعملي مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يعتبرون هذا الفضاء مكان للتعبير عن همومهم وانشغالاتهم بشكل قد يصل أحيانا الى الاعتقال.

وأضاف الرئيس الوطني رشيد غيتان  الذي سهر على تسيير هذه الندوة في سياق حديثه عن الموضوع أن مواقع التواصل الاجتماعي  تشكل بديلًا للمجتمعات أو  ما يعرف بظاهرة الإعلام الجديد أو السلطة الخامسة،فبات من  الأجدر توعية المجتمع عبر الندوات والمؤتمرات بكيفية استغلال هذه الوسائل بشكل يحافظ على الحق في التعبير ويصون كرامة الأشخاص وحياتهم الشخصية وحتى ممتلكاتهم.

فحماية الحياة الشخصية يضيف غيتان للأفراد لا تعني خلق آلية قانونية لردع حماس الشباب ،وتقييد حريات مستعملي هذه المواقع ،بل الأهم هو تقنين الفضاءات التواصلية بشكل يحمي الحياة الشخصية  للأفراد ويقوي الحريات الشخصية للأفراد،ويمكنهم بالتالي من التعبير عن همومهم وقضاياهم بكل حرية.

وفي كلمة وصفت بالمركزة، قال الأستاذ الاعلامي ابراهيم الشعبي في سياق حديثه عن مواقع التواصل الاجتماعي،أنه يجب الاشارة إلى أن هناك فرق ما بين الاعلام الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، فالأول تحكمه قوانين وأخلاق وله حدود وضوابط، والثاني أو ما يمكن أن نسميه بإعلام المواطن لا يخضع لأية شروط ولا تحكمه أية قوانين،ومن هنا يستمد قوته ويزداد انتشاره، هذا أمام تراجع الصحافة التقليدية، التي عجزت عن مواكبة التكنولوجيا وتطور الاحداث ، وبالتالي تكتفي بالمواكبة والاشتغال التقليدي.

وأضاف الشعبي، أن قوة مواقع التواصل الاجتماعي استمدتها من وجود فراغ، سببه عزوف المواطن عن تتبع الصحافة التقليدية وتوجهه نحو هذه الفضاءات الافتراضية،التي باتت تشكل سلطة قوية تجاوزت كل التصورات، حيث بلغ عدد مستعملي هذه الصفحات حسب الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات 22 مليون ونصف مستعمل.وهذا رقم كاف لنعتبر أن المواطن نجح في خلق سلطة خاصة به،يحاسب بواسطتها ويراقب المشرفين على تدبير السياسات العمومية بالبلاد، وهناك أمثلة كثيرة في هذا الباب،استطاع من خلالها رواد الصفحات الاجتماعية من إثارة اهتمام المسؤولين حول موضوع ما أو ظاهرة ما،أو حتى فرض منطق ما كما كان الشأن بالنسبة لمقاطعة بعض المنتوجات .

وختم المدير الجهوي لوزارة الاتصال بجهة طنجةـ تطوان سابقا  كلامه أن التقنين مسألة أساسية، لكن للأسف لا يحترم فيها القانون،لأن مدونة الصحافة والنشر هي مدونة للصحافة والنشر، بمعنى هي مدونة للصحافة ولباقي المواطنين الحق في أن ينشروا بدون شروط مسبقة.

وبدوره انطلق المحامي الأستاذ محمد زيان من حيث انتهى الشعبي، مؤكدا أن مواقع التواصل الاجتماعي هي فضاءات للتعبير عن الرأي، كان من المفروض عدم تقييدها بشروط مسبقة، كانت الغاية منها تكميم الأفواه وتضييق نطاق الحريات التي طالما ناضل من أجلها المغاربة.

مضيفا، أن الدولة خلال تدبيرها للسياسات العمومية، تسعى جاهدة لايجاد فضاءات للتعبير والتفاعل،أو بعبارة أخرى مكان لتقديم التظلمات بشكل جديد،وهي بهذا، إنما ترغب في ايجاد آلية للمراقبة والمواكبة. وقد نجحت في هذا، حيث تم اعتقال الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين انساقوا وراء حماسهم،دون أن يعلموا أن هناك قوانين تنظم هذه الفضاءات، بل تخضعها للقانون الجنائي.

وأعتبر المحامي المثير للجدل، أن الصحافة ضرورة لا محيد عنها، لأنها هي مرآة الشعوب،بل الوجه الحقيقي للدول، لكن، هناك من تزعجه هذه السلطة، ويرى أنها تهدد مصالحه وحتى نفوذه وسلطته، لذلك، يحاربها ويتمادى في محاصرتها والتضييق عليها، مقدما أمثلة كثيرة، ابتداء من حميد المهداوي وتوفيق بوعشرين وفايسبوكيين، كانوا بمثابة كبش فداء لهذا السلاح الجديد، الذي راح يستعمله لوبي المصالح بالمملكة لكبح جناح المتمردين عليه.

وختم زيان كلمته بقوله، فالتقنين عملية مهمة،حيث لا يعقل أن يتخذ الناس من بعض المواقع أو الصفحات مكانا لقذف الآخرين أو ابتزازهم أو الحاق الضرر بحياتهم الشخصية،لكن،هذا لا يعني أن تركب بعض الجهات على الموضوع وتستمر في فسادها واستنزافها لخيرات البلاد والعباد،فالاستقرار رهين بوجود توازن على مستوى القرارات،ولا يعقل أن يتم الزام طرف دون آخر،خاصة على مستوى الواجبات والحقوق.

وتفاعلا مع القاعة،قال الشعبي ردا على بعض الأسئلة، أن القانون الجديد يلزم مدير النشر للموقع الالكتروني أن يكون حاصلا على الاجازة وعلى البطاقة المهنية، وهذه شروط لم تكن في الماضي، اعتمدها المجلس الوطني لتقنين القطاع وتخليق مهنة المتاعب، مضيفا في ذات الموضوع، أن الغاية من فضاءات التواصل الاجتماعي هي إفراز سلوك جديد لسلطة المواطن، يمكن عبرها من تمرير رسائل للمسؤولين وإثارة انتباههم وحتى فضح ممارسة وتعسف البعض منهم، لكن هذا يجب أن يصاحب بسلوك واع، يراعي القوانين والضوابط والأخلاق،مستشهدا ببعض الممارسات التي تسيء بشكل كبير لهذه المساحة الزرقاء للتعبير،وتعطي بالتالي الفرصة للدولة التدخل لفرض الضوابط وتطبيق القانون، الذي غالبا ما يرمي المستعمل الحماسي العفوي وراء قضبان السجن.

ومن جانبه، ركز نقيب المحامون سابقا زيان في رده على سيول الأسئلة التي نزلت من القاعة، أن الغاية من وجود هذه الفضاءات، هي توفير آلية سليمة للتعبير واقتسام الأخبار وفضح الخروقات، لكن، ممارسة هذا الحق، لا يجب أن ينسينا باقي الحقوق الأخرى المرتبطة بالموضوع، لذلك، اعتبر أن الواجب يفرض على المغاربة الانخراط في اللعبة بشكل ايجابي حتى يمكن قطع الطريق على هؤلاء الذين تزعجهم هذه المواقع والفضاءات. مضيفا، أن العزوف والمتابعة من بعيد، يضمن البقاء والاستمرار للوبي الاقتصادي الذي يمتص خيرات البلاد.

وفي كلمة ختامية، قال الرئيس الوطني رشيد غيتان، أن دعوة محمد زيان لهذه الندوة، هي رسالة مشفرة للمسؤولين بالاقليم،عليهم التقاطها بشكل صحيح،موضحا أنه بات من الضروري تقنين قطاع الصحافة بالاقليم،الذي اتخذه البعض وسيلة للاسترزاق والابتزاز،متسائلا عن الأسباب التي منعت مجموعة من المواقع المحلية من حضور هذه الندوة في الوقت الذي تجدها بأبواب العمالة والمجالس المنتخبة وحتى على موائدها.

وفي نهاية هذه الندوة، تم تكريم الأساتذة محمد زيان وابراهيم الشعبي،تحت تصفيق الحضور،مع أخذ صورة تذكارية ستبقى خالدة في أذهان كل الذين قطعو العشرات من الكيلومترات ، فيما ضربت الجمعية المنظمة موعدا آخر مع موضوع آخر في الشهور القليلة القادمة.