في مؤشر جديد على صعود القوة الزراعية المغربية، سجلت صادرات المملكة من الخضر والفواكه إلى السوق الإسبانية خلال الربع الأول من عام 2025 أرقاماً قياسية، تعكس تحولاً استراتيجياً في سياسة التصدير المغربية وتأثيرها المتزايد على سلاسل التوريد الأوروبية.
أرقام تكسر التوقعات
كشفت معطيات حديثة لموقع “فريش بلازا” المتخصص في الشؤون الفلاحية أن إسبانيا استوردت من المغرب خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري 188 ألف طن من الخضر والفواكه، بقيمة إجمالية بلغت 481 مليون يورو، مسجلةً ارتفاعاً بنسبة 24% في الكميات و23% في القيمة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.
ويمثل هذا النمو ذروة مسار تصاعدي بدأ منذ خمس سنوات، حيث ارتفعت الصادرات المغربية إلى إسبانيا من 156 ألف طن عام 2021 إلى المستوى الحالي، بنمو تراكمي يقارب 20%، بينما قفزت قيمتها المالية في الفترة نفسها من 311 مليون يورو إلى 481 مليون يورو، أي بزيادة 54%.
الطماطم المغربية تقود المعركة التجارية
تتصدر الطماطم قائمة الصادرات الزراعية المغربية إلى إسبانيا، تليها الفلفل الحلو والفاصوليا الخضراء، حيث شهدت صادرات الخضر وحدها ارتفاعاً بنسبة 34%، من 24 ألف طن إلى 32 ألف طن خلال الربع الأول مقارنة بالعام الماضي.
ويرجع المحللون هذا التوسع إلى عدة عوامل، أبرزها:
- الجودة العالية للمنتجات المغربية، التي تواكب المعايير الأوروبية.
- انخفاض تكاليف الإنتاج مقارنة بنظيراتها الإسبانية والفرنسية.
- فشل الآليات الوقائية في اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي في الحد من تدفق المنتجات المغربية.
احتجاجات أوروبية وغضب مزارعي الجنوب
لكن هذا النجاح لم يمر دون ردود فعل غاضبة من المنتجين الأوروبيين، وخاصة في إسبانيا وفرنسا، حيث اعتبروا أن المنتجات المغربية تشكل “منافسة غير عادلة” بسبب الفوارق في تكاليد الإنتاج.
وتصاعدت الاحتجاجات في الأشهر الماضية، حيث تم توثيق اعتداءات على شاحنات محملة بمنتجات مغربية من قبل مزارعين أوروبيين، في مشاهد أعادت إلى الأذهان أزمات تجارية سابقة.
استراتيجية مغربية طموحة في ظل تغير المناخ
في المقابل، يرى خبراء اقتصاديون أن الطلب الأوروبي على المنتجات المغربية سيواصل ارتفاعه، خاصة في ظل:
- ارتفاع تكاليف الطاقة والإنتاج في أوروبا بسبب الأزمات الجيوسياسية.
- التغيرات المناخية التي تؤثر على المحاصيل الأوروبية، بينما يحافظ المغرب على إنتاج مستقر نسبياً.
- التوسع في أسواق جديدة، مثل المملكة المتحدة التي تمثل 18% من صادرات الطماطم المغربية.
تحديات المستقبل: بين التصدير والأمن الغذائي
رغم هذا النجاح، تواجه السياسة الزراعية المغربية تحديات كبرى، أبرزها:
- ضرورة موازنة بين تعزيز الصادرات وضمان الأمن الغذائي المحلي.
- تحسين البنية التحتية اللوجستية لتسريع عمليات التصدير.
- إدارة الأزمات الدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي حول شروط المنافسة العادلة.
الخاتمة: معادلة صعبة بانتظار الحل
يبدو أن المغرب نجح في تحويل قطاعه الزراعي إلى قاطرة اقتصادية تدفع بعجلة النمو، لكن المعادلة تبقى حساسة: كيف يمكن تعزيز الصادرات دون إثارة حروب تجارية؟ وكيف يمكن تحقيق أرباح كبيرة مع حماية السوق المحلية؟
الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد ما إذا كانت الطماطم المغربية ستظل سلاحاً تجارياً ناجحاً… أم أنها قد تتحول إلى ورقة ضغط في مفاوضات أكثر تعقيداً.