الرئيسية آراء وأقلام العدالة الجنائية

العدالة الجنائية

A425F7CA D91E 4F33 8366 2045D3B4CFD0.jpeg
كتبه كتب في 11 مارس، 2023 - 1:29 مساءً

​الطالبة بنتحايكت شيماء

مقدمة

الإنسان هو محور القانون الجنائي سواء أكان جانيا أم مجنى عليه ويتطور هذا القانون فقد أحاط الجاني بسياج من الحقوق التي تضمن له محاكمة عادلة وتنفيذا للعقوبة لصون كرامته وأدميته، في حين أن هذا القانون قد أغفل حق المجني عليه في الحصول على إجراءات سريعة  تمكنه من اقتضاء حقه في التعويض الجابر للضرر الذي لحقه من الجريمة ، في الوقت الذي يقر فيه هذا القانون بأن الإنسان هو الأذى يصلح أن يكون مجنياعليه في 

الجريمة .

ولما كان ذلك هو وضع الجاني فإنه ومن جانب أخر ضن المشرع الجنائي على  المجني عليه بأبسط حقوقه في الحصول على حقه أمام الضابطة العدلية في التحقيق الأولي والنيابة العامة في التحقيق الابتدائي وأمام المحاكم الجنائية في مرحلة التحقيق النهائي ، فكثير من المحاكم العسكرية تحرم المجني عليه من الاضطلاع بدور فاعل في إجراءات التقاضي، وبعض جهات التحقيق الابتدائي لا  تسمع للمجني عليه إلا كشاهد في الجريمة.

هذا وقد ضل ضحايا الجرائم الجنائية ردحا طويلا من الزمن نسيا منسيا، نظرا لتسليط الأضواء على حقوق المتهم من قبل المدارس الفقهية العديدة، والتي ركزت جل اهتمامها عليه، وبسبب مناصرة الفلاسفة وحركات الدفاع عن حقوق الإنسان له، فقد شاءت إرادة الخالق عزوجل أن تتجه أنضار الفقه والمؤتمرات الدولية ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان والمواثيق الدولية العالمية والإقليمية والتشريعية الوطنية صوب ضحايا 

الجرائم الجنائية لأجل تكريس حقوقهم وحمايتها.

وقد شهدت الحقبة الماضية بروز حركة فكرية بين فقهاء القانون الجنائي،

حيث كرست هذه الحركة جهدها لدراسة مشكلة المجني عليه من جميع جوانبها إلى الحد الذي برز معه علم جديد في نطاق الفقه الجنائي، يطلق عليه” علم المجني عليه وقد نجح هؤلاء الفقهاء في طرح الموضوع على بساط البحث

وحيث أن حق الضحية يبدأ من وقوع الجريمة، لذلك يجب العمل على كفالة هذا الحق له مند أن تقع عليه الجريمة ، وخاصة إذا كان مرتكب الجريمة أحد أفراد السلطات العامة، إذ يكون تحت يده أدلتها ويمكنه التلاعب فيها كيفما يشاء على سلطته.

ومن هنا كان لزاما على الفقه الجنائي الحديث أن يعيد الظر في المركز القانوي للمجني عليه في النظرية العامة للجريمة والعقاب وأن يتجه نحو الموازنة بين حقوق كل من الجاني والمجني عله بحيث لا يطفئ أحدهم على الأخر، وحق المجني عليه بعدم الإساءة إليه من قبل أجهزة العدالة الجنائية وحتى إد ما تعرض لمثل هذه الإساءة فإن له أن يطلب التعويض العادل .     

على أساس أن المصلحة العامة هي محل الحماية الجنائية ، وما لابد منه هو الاهتمام بالمجني عليه  في الجرائم التي تشكل خطرا على مصلحة فرد من أفراد المجتمع وأساس ذلك أنه في مثل هذه الجرائم ، فإن المجني عليه أدويه هم من يتحملون بطريقة مباشرة الأثار الضارة للفعل الجرمي والتي قد تدوم مدى الحياة وبالتالي فإنه إذا  كان  من مصلحة المجتمع أن يعاقب المسؤولون عن الافعال الإجرامية وأن يستعاد النظام العام الذي أهدرته الجريمة ، فإن للمجنى عليه ودويه أيضا حاجة طبيعية ومشروعة في أن تشفى صدورهم بتوقيع القصاص على المجرم في ان يحصلوا على تعويض عن الأضرار التي أصابتهم مما يتحقق معه  العدالة جنائية هذه الأخيرة التي نادت بها كل البشريةفمند أن وجت البشرية وهي تطمح إلى تحقيق العدالة بصفة عامة والعدالة الجنائية بصفة خاصة باعتبارها من الأمور التي تطمح إلى تحقيقها جل الدول فغياب العدالة يساوي بطبيعة الحال انعدام الامن والاستقرار داخل المجتمع وقوة الدولة تتمثل في مدى ضبطها للعدالة الجنائية، والمغرب شأنه شأن جميع الدول يسعى إلى تحقيق العدالة الجنائية داخل المجتمع ويظهر دلك جليا من خلال سن المشرع لمجموعة من القوانين الغاية والهدف منها هو تحقيق العدالة بصفة عامة والعدالة الجنائية بصفة خاصة .

اهمية الموضوع

تكمن اهمية الموضوع الذي نحن بصدد دراسته في كون العدالة الجنائية هي من الأمور التي تطمح جميع الدول في الوصول إليها وتحقيقها، فالمعلوم أنه ليس هنالك مجتمع خالي من الجرم والإجرام أو خال من الظلم والظالمين و المظلومين، فمرتكب الجريمة يحتاج كل منهما أن تطبق عليه قواعد العدالة حتى لا يشعر أي منهما ان هناك جور عليه وكذلك المجنى عليهم و المطالبين بحقوق الغير.

إشكالية الموضوع:

ماهي العدالة الجنائية؟ وإلى أي حد استطاع المشرع المغربي تحقيقها؟

تتفرع عن هذه الإشكالية الرئيسية تساؤلات فرعية نجملهافيما يلي:

ما المقصود بالعدالة الجنائية؟ وما هي أجهزة العدالة الجنائية؟

ما موضوع العدالة الجنائية؟ والمبادئ التي تقوم عليها؟

المنهج المعتمد:

اعتمدت في عرض لعدالة الجنائية على لمنهج التحليلي لتحليل أهم المبادئ التي جاء بها قانون المسطرة الجنائية و التي لها دور في تحقيق العدالة الجنائية.

خطة البحث:

للإجابة على التساؤلات المطروحة اعتمدت التقسيم التالي:

المبحث الأول: ماهية العدالة الجنائية

المبحث الثاني: أليات تحقيق العدالة الجنائية

المبحث الاول: ماهية العدالة الجنائية

تهدف العدالة الجنائية إلى أن يتمتع الإنسان بضمانات معينة، سواء في مرحلة التحقيق الإعدادي، أو أثناء المحاكمة، بمعنى أن التشريع الجنائي لكل دولة يجب ان يضع ويحترم هذه المعايير في حسابه، حيث تستمد دولة الحق والقانون مشروعيتها من مدى قدرتها على تحصين حريات وحقوق الأفراد في مواجهة اجهزة العدالة الجنائية، وبهذا فإن حقوق الدفاع وضمانات المتهم، تعد إحدى مظاهر الخروج من حالة الطبيعة التي ترتكز على القوة و الغلبة إلى حالة الثقافة المؤسسة على العقد وعليه فما لمقصود بالعدالة الجنائية وما موضعها هذا ما سنتناوله في هذا المبحث حيث خصصت الحديث عن مفهوم العدالة الجنائية ( المطلب الاول) في حين تناولت الحديث عن موضوع العدالة الجنائية في ( المطلب الثاني).

   المطلب الأول: مفهوم العدالة الجنائية وأجهزتها

سنتناول الحديث عن مفهوم العدالة الجنائية ( الفقرة الاولى) على ان نخصص الحديث عن أجهزتها ( الفقرة الثانية ).               

الفقرة الاولى: مفهوم العدالة الجنائية

للعدالة الجنائية عدة تعريفات فهناك من يعرف العدالة الجنائية أنصار نظرية القانون الطبيعي بأنها ” الالتزام المطلق للقانون، ويصفون مخالفة القانون و الخروج عليه بالظلم، وأن العدالة الجنائية برأيهم الحق الطبيعي، حيث تتلخص أفكار هذه المدرسة ان العدل هو الالتزام المطلق بالقانون وأي مخالفة للقانون أو الخروج عنه تعني الظلمويرى بعض العلماء أن هذا الرأي مقبول إذا كان القانون الصادر بالإجماع السليم من المشرعين وحاصل  على الرضاء الصريح والرغبة من جميع أفرد المجتمع. وهذا أمر لا يتوقع أن يتحقق ولم                                                                                                                                        يسبق أن تحقق من  قبل ، كذلك القوانينتصدر بالأغلبية المطلقة من المشرعين وأحيانا تصدر بأوامر رئاسية أو ملكية بناءا على التفويض الذي يحصل عليه  الحكام.

وبالتالي يخلص اصحاب هذا الرأي إلى أن فكرة هذه المدرسة لا يتفق مع مفهوم العدل 

كما أن بعض فقهاء هذه المدرسة ومفكريها قد اختلفوا فيما بينهم حول القانون الذي يقترن بالعدل، هل هو القانون  الطبيعي أم القانون الوضعي.

وفي هذا يقول فريدمان ” مفهوم القانون الطبيعي كنظام يلزم احترام الاخاء ليصبح ممكنا عندما يعي الإنسان وضعه ومكانته في الكون عندما لا يكون القانون  مجرد جزء من المعتقدات الدينية ولكن عندما يوجد كمفهوم مستقل”

فيما رأي انصار نظرية المصلحة الاجتماعية أن المصلحة العامة للجماعة هي اتي تحدد معايير وأسس العدالة الجنائية فكل عمل يعود بمنفعة على المجتمع فهو عمل عادل بينما يعتبر العمل الضار بمصلحة الجماعة ظلما .

وبناء على ذلك لا يكون الفعل عادلا إلا إذا كان محققا لمصلحة المجتمع. واعتمدت أفكارهم على نظرية المنفعة وعندهم أن ما ليس نافعا لا يحقق العدالة في المجتمعوبتالي أي عمل ضار في المجتمع يعتبر عملا غير عادلاي فيه ظلم ورغم اتفاقهم على الجوهر إلى أنهم لم يتفقواعلى المعاير التي تحكم  تحديد ما هو نافع وما هو ضار.  

وفي نظرهم أن التشريع يبنى على الاعتقاد بان مبدا حرية المنشاة يؤدي تلقائيا إلى مزيد من المساواة.

في حين يرى أنصار مدرسة الحق الطبيعي ان هناك قانون طبيعي يحكم سلوك الأفراد حكاما ومحكومين، وهو نفس القانون  الذي يحكم الظواهر الكونية وعندهم إن العدالة تستند إلى القانون الطبيعي.

فالحقوق الطبيعية هي التي يجب أن تحكم تصرفات أفراد المجتمع جميعهم .ولكن يؤخذ على أصحاب هذا الفكر أنهم يتحدثون عن الاستناد إلى الطبيعة دون معرفة ما وراءها ودون تحديد الطبيعة نفسها ومعاير الاعتماد عليها.    

وورد تعريفها في طروحات الباحثين الجنائيين المعاصرين بكونها نظام للمراقبة الاجتماعية لرصد الافعال الضارة بالمجتمع، وهذه المراقبة ليس بمعزل عن الرقابة الاجتماعية بشكلها العام

بناءا على ما سبق يتبين أن نظام العدالة الجنائية يهدف إلى الحد من الجريمة، وذلك عن طريق القبض على اكبر عدد من المجرمين وتقديمهم للعدالة، وتعزيز التقه بين الشعب والسلطة مما يجعل تنفيد القانون أمرا مهما.

الفقرة الثانية: اجهزة العدالة الجنائية

اجهزة العدالة الجنائية هي تلك الجهات الرسمية المكلفة بموجب القانون بحماية حقوق الناس و حرياتهم وأموالهم وأعراضهم وممتلكاتهم وتنفيذ القوانين المرعية وتطبيقها لضمان حماية هذه الحقوق من الجور والاعتداء من قبل الاخرين سواء أكانوا أفرادا أو مدنين ام مواطنين أم أصحاب سلطة، وهذا هو واجب الشرطة وذلك قبل وقوع الجريمة.

ولكن وفي حالة وقوع الجريمة فإنها معنية بالبحث والتحري و الملاحقة والقبض من أجل الكشف عن الغموض الذي يكتنف الجريمة وهذا هو واجب الضابطة العدلية ومساعديه ومنهم أفراد الشرطة العاملون في مجال الشرطة القضائية والبحث الجنائي، لكونهم الأكثر عونا للمدعي العام والنيابة العامة بشكل عام.

وإذا ما اكتمل دور البحث و التحري والتحقيق وجمع الأدلة وتوجيه التهمة وحصرها بأشخاص محددين فإننا سوف ننتقل إلى الدور النهائي في التحقيق وهي الجهات القضائية المعنية بالتحقيق والتدقيق وتطبيق النصوص القانونية وإصدار الاحكام.

وعليه يمكن القول بأن اجهزة العدالة الجنائية هي تلك الأجهزة المكلفة بحماية حقوق الضحايا قبل ان تقع الجريمة او بعد وقوعها، وحتى صدور الاحكام على فاعليها وتنفيذها، وهم الشرطة سواء المعنين بالضبط الإداري او الضبط القضائي، ومن تم النيابة العامة والمدعين العامين، وأخيرا الجهات القضائية.

وعله فالعدالة الجنائية كأجهزة رسمية مستقلة عن بعضها البعض فنيا وإداريا ولكل جهاز اختصاصات محددة وفقا للقانون إلا أن الإجراءات الشكلية الخاصة بالعدالة الجنائية تجعل هذه الأجهزة متصلة ومتداخلة في بعضها البعض.

وتسعى الحكومات إلى دعم وتطور هذا التداخل تحقيقا للهدف المشترك لأجهزة العدالة الجنائية.

تختص المحاكم الجنائية بالنظر في القضايا والفصل فيها إلا أنها مقيدة بالبلاغات التي تسجلها الشرطة والأدلة التي تجمعها الشرطة أو النيابة. 

وفي نفس الوقت تتأثر أعمال الشرطة كثيرا بقرارات الإدانة والبراءة التي تصدرها المحاكم.

ومن الناحية الأخرى فإن أداة المؤسسة العقابية يتوقف على قرارات المحاكم والعقوبات السالة للحرية والعقوبة بنوعها ومقدارها هي التي تحدد مهام المؤسسة العقابية.

المطلب الثانية: موضوع العدالة الجنائية

للعدالة الجنائية شقين شق موضوعي (الفقرة الاولى) وشق شكلي (الفقرة الثانية).

الفقرة الاولى: القواعد الموضوعية او القانون الجنائي

يضم القانون الجنائي مجموعة من القواعد القانونية التي تحصر أفعال الإنسان وامتناعاته التي تعد جريمة في نظر القانون وتضع لها عقوبات او تدابير وقائية لزجر مرتكبها

فاهو بدلك مجموعة من القواعد التي تجرم  أفعل الإنسان التي تعتبرها جرائم  لكونها تمس امن واستقرار المجتمع وتوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو بتدابير وقائية 

أو بمعنى أخر مجموعة من القواعد التي تهتم بتجريم فعل يلحق أضرار بالمجتمع ويحدد العقوبات المقررة لها كما يحدد الإجراءات والتدابير التي يجب اتخاذها في تحريك الدعوة العمومية

والقانون الجنائي بقواعده الموضوعية يستهدف اولا حماية المجتمع من الجريمة بمختلف اشكالها وثانيا يعبر عن إرادة جماعية لحماية قيم ومصالح معينة يعد العدوان عليها مستنكرا وغير مقبول .

وهذا يعطي ديناميكية وحركة دائمة, فالعدالة الجنائية تقتضي أن تكون نصوص القانون الجنائي محط تتبع مستمر من لدن المشرع ليزيد فيها وينقص ويعدل ويراجع بحسب الحاجيات المجتمعية المتطورة.

إذن فالقواعد الموضوعية هي قواعد قابلة للتغير المستمر فمكان مباحا بالأمس قد لا يبقى كذلك اليوم و مكان ممنوعا اليوم قد يصبح مباحا غدا  

الفقرة الثانية: القواعد الشكلية او المسطرة الجنائية

يضم قانون المسطرة الجنائية مجموعة من القواعد القانونية التي توضح الطرق المتبعة للبحث عن مرتكبي الجرائم والتحقيق معهم ومحاكمتهم وتنفيد العقوبة عليهم وتحديد السلطات المختصة بذلك.

وتسمى المسطرة الجنائية بالقانون الشكلي لأن قواعدها تقتصر على كيفية تطبيق نصوص القانون الجنائي، فبما ان القانون الجنائي ينظم موضوع التشريع الجنائي ذاته وهو تحديد مبادئ التجريم والعقاب والمسؤولية الجنائية وتعين الجرائم وعقوبتها، فإن المسطرة الجنائية تنضم كيفية تنفيذ هذه المبادئ بتحديد الهيئات المكلفة بالبحث عن الجرائم والتحقيق فيها وتحريك الدعوى العمومية والحكم فيها مع تنفيد الحكم على المحكوم عليه، وهي في كل ذللك تعمل في دائرة مبدأين أساسيين ومتقابلين وهما:

ضمان حقوق المجتمع في توقيع الجزاء على المجرمين بشكل حازم وفعال وضمان الحقوق الفردية .

ولذلك نجد أن تعريفات المسطرة الجنائية كلها تدور حول التوفيق بين هذين الهدفين فمن الفقهاء من عرفها بانها العلم الذي يعني بتنظيم السلطات والمحاكم الجنائية، ويحدد اختصاص كل منها ويرسم الطرق الواجب إتباعها امام تلك  السلطات والسبل التي يمتنع عليها سلكوها، حتى لا يكون في تصرفها مكان للارتجال والإساءة إلى حقوق الافراد. ودهب جانب اخر من الفقه إلى ان قانون المسطرة الجنائية يعني بتنظيم البحث عن مرتكب الجريمة والحكم فيها وتنفيذ العقوبة المحكوم بها

المبحث الثاني: أليات تحقيق العدالة الجنائية

يضمن الدستور المغربي لكل فرد الحق في سلامته الشخصية والجسدية والمعنوية والحق في قرينة البراءة، وفي محاكمة عادلة.

كما يعترف الدستور المغربي بجريمة التعذيب كجريمة يعاقب عليها القانون، ويعتبره معاملة قاسية ولاإنسانية هذا وينص الفصل 23 أيضا على انه لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص او اعتقاله او متابعته أو إدانته إلا في الحالات وطبق للإجراءات التي ينص عليها القانون.

كما يصنف الاعتقال التعسفي أو الاسري والاختفاء القسري جرائم خطيرة.

وعلى نفس المنوال فقد اهتم قانون المسطرة الجنائية بإبراز المبادئ و الاحكام الاساسية في مجال حقوق الإنسان وتوفير ظروف المحاكمة العادلة، وكان توجهه الاساسي يرمي إلى تحقيق تلك المبادئ السامية والمحافظة عليها باعتبارها من الثوابت في نظام العدالة الجنائية المعاصرة حيث نص على العديد من المبادئ الغاية منها هو تحقيق العدالة بصفة عامة و العدالة الجنائية بصفة خاصة.

كأن تكون المسطرة الجنائية منصفة وحضورية وحافظة لتوازن حقوق الأطراف وان يفسر الشك لصالح المتهم وأن يتمتع كل شخص بالحق في العلم بجميع أدلة الإثبات القائمة ضده ومناقشتها وان يكون له الحق في مؤازرة المحامي إلى غير ذللك من الضمانات التي تعتبر من اليا تحقيق العدالة الجنائية .

وهو ما سنتناول الحديث عنه حيث سنتناول الحديث عن الضمانات الفردية في مرحلة التجريم والعقاب في (المطلب الاول) والضمانات لفردة في مرحلة الإجراءات والإثبات( المطلب الثاني).

المطلب الأول: الضمانات الفردية في مرحلة التجريم والعقاب

سنتناول الحديث عن شرعية التجريم والعقاب (الفقرة الأولى) على أن نعرج الحديث عنمبدأ عدم رجعية النص الجنائي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مبدأ شرعية التجريم والعقاب

يعتبر مبدا شرعية التجريم والعقاب او لا جريمة والعقوبةإلا بنص الحجر الاساسي للتشريع الجنائي، ومعناه ان اي سلوك صادر عن الفرد لا يعد جريمة ولو أضرت بالغير إلا إذا نص القانون على تجريمه وقرر له عقوبة محددة.

ومعلوم ان تحديد الافعال التي تعد جرائم وبيان عناصرها والعقوبات المقررة لها كل ذللك من اختصاص السلطة التشريعية المختصة احتراما لمبدا الفصل بين السلطات وبذلك يمثل النص القانوني أهمية خاصة في تقرير مبدا شرعية التجريم والعقاب بحيث يصبح القانون المكتوب هو المصدر الوحد للتشريع الجنائي دون غره من مصادر القانون كالعرف مثلا

هذا وقد حاز هذا المبدأ من العناية والاهتمام الرسوخ ما جعله مبدا عالميا تأخذ به جل التشريعات الجنائية الحديثة.

وتجدر الإشارة إلى أن الشريعة الإسلامية كانت سباقة لإرساء هدا المبدأ فقد جاء في قوله تعالى ” وماكنا معذبين حتى نبعث رسولا فالحق سبحانه وتعالى حرم على نفسه عقاب الناس قبل ان يبعث إليهم الرسل لهدايتهم وبيان الواجب والمحظور عليهم.

وهدا المبدأ كرسه المشرع في الفصل الثالث من مجموعة القانون الجنائي حيث نص على انه ” لا يسوغ مؤاخذةأحد على فعل لا يعد جريمة بصريح القانون ولا معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون” كما نص الدستور على هذا المبدأ حيث نص على انه لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله او متابعته أو إدانته، إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون.

فمضمون مبدأ الشرعية الجنائية يبين إذن مهمة القانون الجنائي الذي تنحصر في التنصيص على الجرائم والعقوبات المخصصة لها، وتقييد القانون الجنائي وخضوعه إلى مبدا الشرعية إذا كان يمثل حماية للأفرادفهو يمكن أن ينقلب سلاحا خطيرا يهدد حريتهم أو ينال من حقوقهم. 

ذللك أن حق الدولة في العقاب يعطيها سلطة وامتيازا في توقيع العقوبة على الأفراد، إلا أن هذا الحق إذا لم يستعمل الاستعمال الصحيح فسيؤدي إلى النيل حريات الافراد وحقوقهم ولذلك وجب إحاطته بقواعد وضمانات حتى لا يساء استعماله، فعمد قانون المسطرة الجنائية إلى تنظيم القواعد المتعلقة باستعمال حق العقاب ف المجتمع حتى تكتمل وضيفة تحقيق العدالة الجنائية على وجه قانوني يضمن حقوق الأفراد والمجتمع معا.

الفقرة الثانية: عدم رجعية النص الجنائي

تعتبر قاعدة عدم رجعية النصوص الجنائية نتيجة لازمة لمبدا شرعية الجرائم والعقوبات، فالنص الجنائي لا يسري إلى على الافعال التي ارتكبت في ظله، ولا يجوز تطبيقه بأثر رجعي، والقول بخلاف ذلك بقدر ما يسئ إلى مركز المتهم يصطدم بمبدأ شرعية التجريم والعقاب.

ولأهمية القاعدة ويمتها، كرستها معظم التشريعات الجنائية المقارنة بل وأصبغت عليها قيمة دستورية، فالدستور المغربي نص على المبدأ وجعله ينطبق على كافة القوانين . 

حيث ينص الفصل 6 من دستور 2011 في فقرته الاخيرة على انه “ليس للقانون اثر رجعي”. 

كما اقره القانون الجنائي في فصله الرابع الذي نص على أنه ” لا يؤاخذه احد على فعل لا يكون جريمة بمقتضى القانون الذي كان ساريا وقت ارتكابه” 

وتفترض قاعدة الرجعة أن لا يطبق القانون الجنائي عماسبقه من وقائع، فلا يتناول بالتجريم فعلا كان مباحا قبل نفاذة، ولأتطبق عقوبة أشد على فغل سابق على نفاذة إذا كان معاقبا عليه بعقوبة أخف وقت ارتكابه.

هذا وتستند هذه القاعدة إلى اعتبارات ترتبط بالعدالة الجنائية وحماية الأفراد، فهذا المبدأ يمثل ضمانة قوية للأمن وطمأنينة الأفراد ولتأمين الاستقرار داخل المجتمع، لأن إقراره هو الذي يرسم الحدود الفاصلة بين المباح من الأفعال والمحظور منها، فهو بذلك يمثل ضرورة من ضرورات الاستقرار القانوني.

وحتى يكون العقاب على فعل من الأفعال مشروعا لابد وأن يكون هذا الفعل مجرما ومعاقبا عليه قبل ارتكابه. 

ثم إن مقتضيات العدالة والإنصاف تأبى أن يؤاخذه شخص على سلوك كان وقت ارتكابه مباحا، او مفاجأته بالعقاب على تصرف كان مشروعا وقت القيام به، لأن ذلك من شأنه ان يفقد الناس الثقة بالقانون حيث تسود الفوضى وعدم الاستقرار.

إلا أن هذا المبدأ لا يطبق بصفة مطلقة إنما ترد عليه استثناءات كما يلي:

• حلة النصوص القانونية المفسرة

القانون التفسيري هو الذي يستهدف المشرع من خلاله توضيح نص قانوني سابق واستجلاء معناه.فهو بذللك لا يضيف أحكاما جديدة ولا يعدل أحكاما قائما، ولذلك فإن نصوصه التفسيرية تلحق بالنصوص السابقة التي صدرت تفسيرا لها وتندمج معها، وتكتسب بذلك تأثيرا رجعيا فتسري على الوقائع التي حدثت خلال الفترة الفاصلة بين تاريخ النصين القانونين المفسر والمفسر، والتي لم يفصل فيها نهائية. وليس في ذللك مساس بقاعدة عدم رجعية النص الجنائي مدام النص الجديد لم يخلق جريمة ولا عقوبة جديدة.

• حالة النصوص الجنائية الاصلح للمتهم

وهو استثناء هام يرد على قاعدة عدم الرجعية، ويتعلق الأمر بالنصوص الجنائية التي تخدم مصلحة المتهم والتي تسري بأثر رجعي على الأفعال التي ارتكبت قبل صدوره ما دام لم يصدر بشأنها حكم بات.

وقد جاء النص على هذا الاستثناء في الفصل 6 من القانون الجنائي الذي جاء فيه” في حالة وجود عدة قوانين سارية المفعول بين تاريخ ارتكاب الجريمة والحكم النهائي بشأنها يطبق القانون الاصلح للمتهم وبناء على هذا النص، فإن أعمال هذا الاستثناءيقتضي تحقيق شرطين:

الشرط الأول: أن يكون القانون الجديد أصلح للمتهم من القانون الذي ارتكبت الواقعة الإجرامية في ظله.

ويكون النص الجنائي في صالح المتهم إذا يسقط وصف التجريم عن الفعل الذي ارتكبه الجاني، او يخفف من وصف التجريم كاعتبار الفعل جنحة بعد أن كان جناية أو يعفى من العقاب أو يخفف منه، أو يضيف مانعا من موانع المسؤولية أو عذرا من الأعذار القانونية المخففة.

الشرط الثاني: ألا يكون قد صدر حكم نهائي في موضوع الدعوى العمومية الناشئة عن الجريمة المرتكبة قبل نفاذ القانون الجديد الأرحام  بالمتهم.

والمقصود هنا بالحكم النهائي، الحكم الباث الذي حاز قوة الشيء المقضي فيه، واستنفذ بذللك كل طرق الطعن.

• النصوص حالة التي تقرر تدبيرا وقائيا لم يكن موجودا من قبل

بموجب الفقرة الثانية من الفصل 8 من القانون الجنائي، فإنه” لا يحكم إلا بالتدابير الوقائية المنصوص عليها في القانون النافذ وقت صدورالحكم” ومؤدى هذا النص انه غذا ارتكب شخص جريمة، وقبل انتهاء محاكمته صدر قانون جديد يوجد تدبيرا وقائيا لم يكن مقرر من قبل فإنه يطبق عليه حتى ولو اعتبر اشد من القانون السابق الذي ارتكبتالجريمة في ظله.

ويجد ذلك تبريره في كون ان التدابير الوقائية الجديدة هي ليست بطبيعتها عقوبات تستهدف الزجر والردع، وإنما الغاية منها هي مواجهة الخطورة الإجرامية لدى مرتكب الجريمة ومنعه من ارتكاب جرائم أخرى, وبذلك فهي مقررة لمصلحة المتهم والمجتمع معا. ومن تم تسري فور نفادها على ما ارتكب قبل صدورها من جرائم ما دام لم يصدر بشأنها حكم نهائي.

• حالة القوانين الجنائية الشكلية او الإجرائية

إن القواعد الجنائية الشكلية وعلى خلاف القواعد الجنائية الموضوعية لا تتصل بعملية التجريم والعقاب وإنما هي مقررة أساسا لضمان حسن سر العدالة الجنائية, فهي تنظم المحاكم وتبين اختصاصاتها، كما تنظم إجراءات البحث التمهيدين والتحقيق الإعدادي، والمحاكمة، وتنفذ العقوبات..

ولذلك فإن المحاكم تطبيق هذه القواعد بأثر فوري مباشرة بمجرد صدورها على جميع الأشخاص الذين يحاكمون أمامها بغض النظر عن تاريخ ارتكاب للأفعال التي توبعو من أجلها.

وهي تطبق على هذا النحو ولو لم تكن في مصلحة المتهم، لأنها لم تخلق جرائم جديدة ولا تشدد عقوبات. 

المطلب الثاني: الضمانات الفردية في مرحلة الإجراءات والإثبات

سنتناول الحديث عن قرينة البراءة (الفقرة الاولى) والمحاكمة العادلة ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: قرينة البراءة

نصة المادة الأولى من قانون المسطرة الجائية على اعتبارالبراءة هي الاصل إلى أن يثبت إدانة الشخص بحكم مكتسب لقوة الشيئي المقضي به بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية هذا المبدأ يكرس ما تضمنه الدستور من ان المملكة المغربية تتعهد ” بالتزامماتقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق ووجبات وتؤكد تشبتها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا”

والجدير بالدكر أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 دجنبر1948 كان قد نص على هدا المبدأ في مادته الحادية عشر كما يلي” كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه” وأكدته المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية.

وبرجوعنا إلى المادة الاولى من قانون المسطرة الجنائية نجدها تنص على ما يلي:

كل متهم أو مشتبه فيه بارتكابه جريمة معينة يعتبر بريئا غلى أن تثبت إدانته قانونا بمقرر مكتسب لقوة الشيءالمقضي به، بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية

يفسر الشك لصالح المتهم

فلو ألقي القبض على شخص للاشتباه في ارتكابهجريمة ما فإنه يعتبر بريئا عندما يبحث معه كمشتبه فيه أمام الضابطة القضائية او كظنين أمام النيابة العامة، أو امام قاضي التحقيق، او كمتهم أمام المحكمة، وحتى لو أدين ابتدائيا من أجل المنسوب إليه، أو حتى لو تم تأييد الحكم استئنافيا فإنه يعتبر بريئا طالما أن هذا الحكم لم يكتسب قوة الشيء المقضي به

الفقرة الثانية: تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة

حرص قانون المسطرة الجنائية على تكريس هذا المبدأ الذي نادى به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة10)، وبينت خصوصيته المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

وقد تم تدعيم هذا المبدأ وتعزيزه بالنص صراحة على ضمانات أخرى من بينها:

• ضرورة استعانة ضباط الشرطة القضائية بمترجم إذا كان لشخص المستمع إليه يتحدث لغة أو لهجة أخرى لا يحسنها ضباط الشرطة القضائية، أو الاستعانة بشخص يحسن التخاطب مع المعني بالأمر إذا كان اصما أو أبكما، وإمضاء المترجم على المحضر

• التأكيد على هذه الضمانات كذلك أمام النيابة العامة المادة 47 بالإضافة لترسيخها امام قضاة التحقيق وقضاة الاحكم

• تقوية دور المحامي أثناء الاستنطاق الدي تقوم به النيابة العامة للمتهم في حالة تلبس، إذا اصبح من حقه أن يلتمس إجراء فحص طبي على موكله او يدلي نيابة عنه بوثائق أو إثباتات كتابية او يعرض تقديم كفالة مقابل إطلاق سراحه

• تحديد أجال لإنجاز الإجراءات القضائية وللبث في القضائية لتحقيق السرعة والفعالية في أداء العدالة الجنائية ولاسيما في قضايا المعتقلين، ومن ذلك ما نصت عليه ( المواد 180 و196و215و234و528و540)

• فتح طرق أخرى لتبليغ الاستدعاءات والمقررات القضائية بإمكانها تسريع وثيرة البث في القضايا و تتمثل هذه الطرق في أعوان كتابة الضبط أو أحد أعوان القضائيين أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع الإشعار 

• بالتوصل أو بالطرق الإدارية وإذا كان المرسل إليه يوجد في الخارج يوجه إليه الاستدعاء بواسطة السلم الإداري على الطرق الدبلوماسية أو بواسطة البريد المضمون، عذا إذا كانت مقتضيات الاتفاقية الدولية تقضي بغير ذلك  يسلم الاستدعاء إلى الشخص نفسه أو في موطنه أو في محل عمله او في أي مكان أخر يوجد فيه ويجوز أن يتسلم في الموطن المختار يعتبر محل الإقامة موطن لمن لا موطن له بالمغرب يجب أن يسلم الاستدعاء لأي غلاف مختوم لا يحمل إلى الاسم الشخصي والعائلي وعنوان سكنى الطرف وتاريخ التبليغ متبوعا بتوقيع العون وطابع المحكمة  في حالة رفض الطرف الاستدعاء يعتبر الاستدعاء مسلما تسليما صحيحا في اليوم العاشر الموالي للرفض الصادر من الطرف أو من الشخص الذي له الصفة في تسلم الاستدعاء

• الحفاض على مبادئ الشريعة السلامية وقيم وتقاليد المجتمع المغربي في معاملة المرأة، والنص ف هذا الخصوص على احترام حرمة النساء وعدم تفتيش المرأة إلا بواسطة جنسها

• تعزيز مراقبة حقوق المعتقلين والسجناء، بالنص على زيارة المؤسسات السجنية من قبل قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق وقضاة الأحداث وقضاة تطبيق العقوبات ورئيس الغرفة الجنيحة لدى محكمة الاستئناف، وذلك بكيفية دورية ومنضمة، علاوة على الدور الذي تقوم به اللجنة الإقليمية التي يترأسها الوالي أو العامل، والتي دعم القانون الجديد تركيبها البشرية بإشراك فعاليات المجتمع المدني وتوسيع دائرة القطاعات الحكومية المشاركة فيها، وتمديد صلاحيتها لتشمل مراقبة المؤسسات المكلفة برعاية الأحداث الجانحين

• تقوية مراقبة القضائي لإعمال الشرطة القضائية، حيث أصبح متعينا على وكيل الملك معاينة أماكن الوضع تحت الحراسة النظرية مرة كل أسبوع على الأقل، للتحقق من شرعية الاعتقال وظروفه.  كما أصبحت النيابة العامة ملزمة بتقييم أداء ضباط اشرطة القضائية وتنقيطهم. وهو ما سيمكن رؤساءهم الإداريين من التعرف بكيفية منضمة على مؤهلاتهم وقدراتهم ومجهوداتهم في مجال الشرطة القضائية، مع المحافظة على صلاحيات الغرفة الجنحية لذى محكمة الاستئناف كسلطة تأديبية بالنسبة لضباط الشرطة القضائية.

• النص على إشراف وزير العدل على السياسة الجنائية وتبليغها للوكلاء العامين للملك للسهر على تطبيقها حيث جاء في المادة 51 يشرف وزير العدل على السياسة الجنائية ويبلغها إلى الوكلاء العامين للملك الذين يسهرون على تطبيقها وله أن يبلغ إلى وكيل الملك ما يصل إلى علمه من مخالفات للقانون الجنائي، وان يأمر كتابة بمتابعة مرتكبيها ويكلف من يقوم بذلك، أو أن يرفع إلى المحكمة المختصة ما يراه الوزير ملائما من ملتمسات كتابية.

• تعريف المحضر الذي ينجزه ضباط الشرطة القضائية وتحديد الشكليات المتطلبة في إنجازه توخيا للدقة والضبط وسلامة الإجراءات. فالمحضر حسب المادة 24 هو الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضباط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامه ويضمنها ما عاينه او مالقاه من تصريحات أو ما قام به من عمليات ترجع لاختصاصه ويجب أن يتضمن المحضر اسم محرره وصيفته ومكان عمله وتوقيعه ويشار غلى تاريخ وساعة إنجاز الإجراء وساعة تحرير المحضر غذا كانت تخالف ساعة إنجاز الإجراء بالإضافة غلى ما سبق يتعين أن يتضمن المحضر على هوية الشخص المستمع إليه ورقم بطاقة تعريفه عند الاقتضاء وتصريحاته والأجوبة التي يرد بها على الأسئلة ضابط الشرطة القضائية .

• وجوب إشعار المشتكي بقرار الحفظ الذي تتخذه النيابة العامة بشأن شكاية داخل 15 يوما اتخاذه ليمكنه سلوك الإجراءات التي يخولها اه القانون للحفاظ على حقوقه.

• توضيح مسطرة التعاون القضائي مع الدول الأجنبية، وإدراج مسطرة تسليم المجرمين ضمن قانون المسطرة الجنائية بشكل ملائم لمقتضيات القانون الدولي

• تناول القانون مسطرة الإكراه البدني بكيفية منسجمة مع ما تضمنه القانون رقم 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم1.00.175 الصادر ف 28 من محرم 1421(3ماي2000)، سواء من حيث مدة الإكراه البدني أو من حيث المسطرة أو أسباب الإعفاء المواد من 635 إلى 647، واعتبار الإعسار سببا لعدم تطبق الإكراه، ,أٌر مراقبة قضائية مسبقة على طلبات الإكراه، مع إبقاء على حق الطعن في صحة إجراءاته أو في الصعوبات التي تعترض تطبيقه، ورفع السن الأدنى لتطبيق الإكراه البدني من 16 إلى 18 سنة وخفض السن الأقصى إلى 60سنة بدل 65 سنة.

• تمت مراجعة بعض أجال رد الاعتبار بتخفيضها على نحو يكفل لإعادة إدماج الأشخاص المستفيدين منه في المجتمع المواد من 688و689و692. 

بالإضافة إلى هذه المبادئ الاساسية فإن القانون أتي بمستجدات هامة الهدف منها هو ضمان المحاكمة العادلة وتدعيم حقوق الإنسان في المحاكمة الجنائية وحماية حقوق الافراد متهمين كانو أو ضحايا أو شهودا من جهة، وإعطاء نضام العدالة الجنائية الوسائل الضرورية لمكافحة الجريمة وفقا لمبادئ حقوق الإنسان والقانون المقارن من جهة أخرى أخذا بعين الاعتبار خصوصيات المجتمع المغربي والإمكانيات المادية والبشرية المتوفرة لنظامالعدالة الجنائية ببلادنا. ومن أهم هذه المستجدات:

اعتماد أليات جديدة لمكافحة الجريمة وحماية الضحايا

توفير أجوبة ملائمة للانحراف البسيط والمتوسط عبر ألياتين قضائيتين ألا وهما القضاء الفردي والأمر القضائي في الجنح فالمشرع من خلال هاتين الاليتين قد توخى الحرص على سرعة وفعالية نضام العدالة الجنائية.

الاعتماد على ثنائية التحقيق فبعدما كان التحقيق مقتصرا على محاكم الاستئناف تم إحداث مؤسسةالتحقيق لدى المحاكم الابتدائية

إقرار بدائل جديد للاعتقال الاحتياطي الا وهو نظام المراقبة القضائية كبديل جديد جاء به قانون المسطرة الجنائية لسنة 2002

إعادة النضر في طرق الطعن من خلال السماح بإمكانية الطعن بالاستئناف في القرارات الصادرة عن غرف الجنايات لدى محاكم الاستئناف من قبل اطراف الدعوى. بالإضافة إلى ذلك من مستجدات قانون المسطرة الجنائية الجديد انه سمح بالطعن بالنقض في القرارات القاضية بالبراءة أو الإعفاء كما أحدث وسيلة جديدة هي الطعن بإعادة النضر في القرارات الصادرة عن محكمة النقض حفاضا على حقوق الأفراد

الاهتمام بالأحداث الجانحين وتقويم سلوكهم بقصد إعادة إدماجهم في المجتمع، وهذه الحماية لم تقتصر على الحدث الجانح بل شملت حتى الأحداث الموجودين في وضعية صعبة كذلك

       خاتمة:

إن العدالة هي الوجه الحقيقي للحضارة الإنسانية حيث بمقدور المجتمع وتطور جهاز العدالة فيه وبموازاة لهما، يمكن قياس مدى سمو حضارات هذا المجتمع أو مدى انحطاطها، وتدخل العدالة الجنائية في هذا الإطار باعتبارها جزء من العدالة بصفة عامة، حيث أنها تعكس السياسة الجنائية للدولة، وبدنها لن يحيا المجتمع بالأمن والاستقرار فبدون عدالة لن نجد سوى البغي، والاستبداد وكل صور الهمجية والاستعباد التي لا يصاح معها الحديث عن حضارة المجتمع في الفرد أو عن كرامة الفرد في المجتمع.

لائحة المراجع:

الكتب:

د. سر الختم عثمان  ” العدالة الجنائية ( المفهوم لأزمة الأسباب سبل العلاج)  

د .محمد الأمين البشري: العدالة الجنائية ومنع الجريمة 

د. ثائر سعدون العدوان، العدالة الجنائية للأحداث 

الدكتور عبد الكريم الرداد ” دور اجهزة العدالة الجنائية في حماية حقوق ضحايا الجريمة”  دراسة مقارنة ما بين القوانين الوضعية و الشريعة .

الدكتور احمد الخمليشي ” شرح قانون المسطرة الجنائية الدعوى العمومية- الدعوى المدنية –البحث التمهيدي- التحقيق الإعدادي الجزء الاول. 

الدكتور عبد السلام بنحدو ” الوجيز في شرح المسطرة الجنائية المغربية” 

الدكتور العلمي عبد الواحد” مبدأ الشرعية في النظام الجنائي المغربي”

الدكتور نور الدين العمراني” الوجيز في شرح القانون الجنائي العام المغربي”

الدكتور أحمد أبو العلاء” دليل الباحث في قانون المسطرة الجنائية المغربي “

المقالات:

مقال بعنوان العدالة الجنائية بين التثبيت و التحديث 

مقال بعنوان ” العدالة الجنائية بين المواثيق الدولية والتشريع الجنائي لمغربي”   

القوانين:

القانون المسطرة الجنائية ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25من رجب 1423( 3 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية.

القانون الجنائي ظهير شريف رقم 1.59,413 صادر في 28 جمادى الثانية 1382 ( 26 نونبر1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي 

قانون المسطرة المدنية ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1,74,447 بتاريخ 11 رمضان 1394( 28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية

مشاركة