في إطار الجهود الوطنية الرامية إلى التصدي لجرائم غسل الأموال وتعزيز فعالية آليات مكافحتها، احتضنت المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، مؤخراً، اجتماعاً موسعاً ترأسه السيد محمد زواكي، وكيل الملك لدى المحكمة، بحضور عدد من نوابه المكلفين بملفات غسل الأموال، الجريمة السيبرانية، والجريمة العابرة للحدود.
الاجتماع، الذي تميز بحضور النائب الأول لوكيل الملك الأستاذ أكردي، المكلف بالتنسيق القضائي، إلى جانب السادة النواب: الحرور، عشوان، بن جلون، زيدوح، وناصر، شكل محطة هامة لتقييم حصيلة تدبير الملفات المرتبطة بغسل الأموال، وبحث سبل تعزيز التنسيق بين النيابة العامة ومختلف الأجهزة الأمنية المختصة، بغية تسريع وتيرة معالجة القضايا المعروضة وتحقيق أقصى درجات النجاعة في تتبعها.
وشهد اللقاء مشاركة نوعية لممثلي الأجهزة الأمنية، من ضمنها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والفرقة الجهوية للشرطة القضائية، فضلاً عن الفصيلة السرية التابعة للدرك الملكي، وهو ما يعكس الطابع الاستراتيجي لهذا الاجتماع والأهمية الخاصة التي تحظى بها الجرائم ذات الطابع المالي في أولويات السياسات الجنائية الحديثة.
وقد تركزت المداولات حول ضرورة توطيد أسس التنسيق المؤسساتي وتطوير مقاربات عملية للتفاعل الفوري مع مستجدات القضايا، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، خصوصاً في ظل الطبيعة المعقدة والعابرة للحدود التي تطبع جرائم غسل الأموال.
كما خلص الاجتماع إلى عدد من التوصيات العملية التي تهدف إلى تعزيز اليقظة داخل الأجهزة المكلفة بالتحقيق، وتكثيف تبادل المعلومات والمعطيات بين الضابطة القضائية والنيابة العامة، بما يكفل متابعة دقيقة وفعالة لجميع الشكايات ذات الصلة.
ويأتي هذا اللقاء في سياق سلسلة من الاجتماعات التنسيقية التي أطلقتها رئاسة النيابة العامة على المستوى الوطني، حيث سبقه لقاء تمهيدي مركزي شارك فيه مسؤولون قضائيون كبار، جرى خلاله تدارس الإشكالات القانونية والتقنية المرتبطة بغسل الأموال، والتأكيد على ضرورة تطوير أدوات الرصد والتحقيق، والتصدي لمصادر تمويلها التي تتجاوز الحدود الوطنية.
ويعكس هذا المسار التشاركي الإرادة الجادة للسلطات القضائية والأمنية في تحصين الاقتصاد الوطني من المخاطر المرتبطة بالمال غير المشروع، وترسيخ دعائم دولة القانون ومبادئ الشفافية والمساءلة