بقلم: عبد السلام اسريفي
قراءة تحليلية في الاختيارات والأداء
تعادل المنتخب الوطني المغربي أمام نظيره المالي، في المباراة التي احتضنها مركب مولاي عبد الله، أعاد إلى الواجهة النقاش حول جاهزية “أسود الأطلس” وقدرتهم على الذهاب بعيداً في المنافسة، كما فتح باب التساؤل حول اختيارات الناخب الوطني وليد الركراكي، الذي سبق أن أكد في أكثر من مناسبة أن المنتخب قادر على مجاراة أي خصم مهما بلغت قوته.
تعادل مخيب ومخاوف مشروعة
النتيجة المسجلة اعتُبرت مخيبة لآمال الجماهير المغربية، ليس فقط لكون المباراة أُجريت على أرض الوطن، بل لأن الأداء العام لم يرقَ إلى مستوى التطلعات، خاصة مع اقتراب الأدوار الإقصائية، حيث تزداد صعوبة المواجهات أمام منتخبات تعتمد كرة واقعية وفعالة، على غرار السنغال، كوت ديفوار ومصر.
اختيارات تقنية مثار جدل
عدد من المتتبعين للشأن الكروي الوطني اعتبروا أن بعض اختيارات الركراكي لم تكن موفقة. الاعتماد على الصيباري في مركز الجناح، وإشراك النصيري كورقة بديلة، واللعب بالياميق في خط الدفاع، وتغيير ربع الفربق، كلها قرارات أثارت نقاشاً واسعاً، خصوصاً في ظل تراجع مستوى أوناحي والمرابط، وغياب حكيمي،وهم عناصر أساسية في منظومة التوازن داخل الفريق.
كما شكّل التغيير المبكر لإبراهيم دياز نقطة خلاف واضحة، بعدما أبان اللاعب عن جاهزية بدنية وتقنية تؤهله لإتمام المباراة كاملة، وكان قادراً على تقديم حلول هجومية إضافية، في وقت لم ينجح فيه الخنوس في إحداث الفارق المنتظر.
تفوق مالي وتراجع في النجاعة
في المقابل، قدم المنتخب المالي مباراة قوية من حيث التنظيم والاندفاع البدني، ونجح في إيقاف المد الهجومي المغربي عبر غلق المساحات والضغط المتواصل، إضافة إلى استغلال بعض الهفوات الدفاعية، خصوصاً مع تقدم المدافعين المغاربة في لحظات غير محسوبة، ما تسبب في أخطاء، أسفرت واحدة منها عن ضربة جزاء أربكت حسابات المنتخب الوطني.
محدودية الحلول وتكرار النهج
على المستوى التكتيكي، بدا المنتخب المغربي محدود الخيارات، حيث اعتمد بشكل متكرر على الكرات الطويلة والكرات الثابتة، دون تحقيق النجاعة المطلوبة. ورغم عدم نجاح هذا الأسلوب، استمر الفريق في النهج نفسه إلى غاية صافرة النهاية، ما عزز الانطباع بغياب التنويع الهجومي والمرونة التكتيكية.
مسؤولية مشتركة
ورغم توجيه الانتقادات للناخب الوطني، فإن المسؤولية تبقى مشتركة بين الطاقم التقني واللاعبين. فقد أضاع المنتخب فرصاً سانحة للتسجيل، أبرزها تلك التي أهدرها النصيري، حين فضّل التسديد بدل تمرير الكرة لزميله الزلزولي الذي كان في وضعية مريحة للتسجيل.
آفاق المرحلة المقبلة
المرحلة القادمة تفرض على وليد الركراكي مراجعة عدد من اختياراته، مع التركيز على:
إشراك اللاعبين الأكثر جاهزية
تنويع الأسلوب الهجومي وتسريع الارتداد
تقليص الاستحواذ غير المجدي
تحسين النجاعة أمام المرمى
استثمار عناصر الخبرة، مثل حكيمي، حتى ولو في فترات محدودة من المباراة
خلاصة
تعادل المنتخب المغربي أمام مالي لا يمكن اختزاله في سبب واحد، لكنه دق ناقوس الخطر قبل دخول الأدوار الحاسمة. فالمنتخب يملك الإمكانيات البشرية والتقنية، غير أن حسن التدبير التكتيكي والفعالية في التفاصيل الصغيرة سيظلان عاملين حاسمين في تحديد مساره في باقي المنافسة.

