الرئيسية أحداث المجتمع جمعية الهيئات ووزير العدل.. السقوط في فخ “المسكنات” واللدغ من الجحر مرتين!

جمعية الهيئات ووزير العدل.. السقوط في فخ “المسكنات” واللدغ من الجحر مرتين!

IMG 20251225 WA0079
كتبه كتب في 25 ديسمبر، 2025 - 9:07 مساءً

​ذ/ عبد اللطيف أيت بوجبير

​بينما كان المحامون في ربوع المغرب ينتظرون موقفا حازما يترجم غليان القواعد، خرج علينا “دخان أبيض” مغشوش من مقر اجتماع جديد، بآليات قديمة، ووعود شفاهية لا تسمن ولا تغني من جوع، في مشهد يعيد للأذهان سيناريوهات “الاستغفال التشريعي” التي باتت ماركة مسجلة في تدبير القوانين المهنية بالمغرب.
ويبدو أن ​آلية “تفتيت الغضب” وربح الوقت هي الاستراتيجية التي باتت معتمدة، و​بكل حسن نية -أو ربما عن سبق إصرار- قبلت جمعية هيئات المحامين بالمغرب العودة إلى نفس “الآلية الخاصة” التي جربت في معركة المسطرة المدنية ولم تحصد منها المهنة سوى الخيبات.
إن القبول بالحوار تحت سقف وزارة العدل في الوقت الذي تسير فيه المسطرة التشريعية في طريقها بسرعة البرق، ليس “ذكاء تفاوضيا”، بل هو خطيئة استراتيجية لا تغتفر.
​الحقيقة التي يرفض “حكماء” المهنة والجمعية رؤيتها، هي أن السيد الوزير يمارس سياسة “تنويم المهنيين” وتقديم مسكنات ظرفية قبل توجيه الضربة القاضية. فالحديث عن “إلغاء المواد الخلافية” في مراحل التشريع هو مجرد سراب، فإذا لم يتم التوافق على المشروع قبل إحالته، فإن أي حديث عن اتفاق لاحق هو مجرد محاولة لامتصاص غضب الشارع المهني إلى حين تمرير النص بصبغته الأصلية، مع رتوشات شكلية لا تمس الجوهر.
إن تاريخ ​التعامل بين الجمعية والوزير شاهد على وعود مخلفة وتعتيم مريب، ف​كيف يمكن لجمعية عريقة أن تجلس للتفاوض حول “مواد خلافية” لم يطلع عليها عموم المحامين حتى الآن؟ المشروع رقم 23-66 لا يزال حبيس الرفوف والتسريبات، مما يضع علامات استفهام كبرى حول الجدوى من حوار حول “مجهول”.
​لقد صرح الوزير سابقا بأنه لن يحيل المشروع على البرلمان إلا بعد التوافق، ثم أخلف وعده ببرودة دم يحسد عليها. وبدلا من أن يكون رد فعل الجمعية هو التمسك بسحب المشروع فورا وإعادته إلى طاولة الحوار لتعديله بشكل جذري، نراها تهرول نحو “لجان تقنية” لن تزيد الطين إلا بلة، ولن تخرج إلا بتعديلات “ماكياج” تغطي قبح التراجعات الخطيرة في القانون.
و​يبدو أن وزير العدل يستلهم تجربة وزير الثقافة والشباب (بوسعيد) في تعامله مع قانون المجلس الوطني للصحافة؛ حيث يتم عزل الجسم المهني وتغييبه تحت مسمى “المشاورات”، بينما يطبخ القانون في مطابخ ضيقة بعيدا عن أعين المعنيين. غاية وزير العدل واضحة: تهدئة الوضع، ربح الوقت، ثم فرض الأمر الواقع.

​إن جموع المحامين بالمغرب يعيشون اليوم حالة من الامتعاض والغضب العارم من استراتيجية الجمعية التي تراوح مكانها، بل وتكرر نفس الأخطاء القاتلة.
إن السيد رئيس الجمعية، هو اليوم أمام محكمة التاريخ؛ فإما أن ينتصر لاستقلالية المهنة ومكتسباتها، وإما أن يدون إسمه كقائد لمرحلة “الاستسلام الناعم” أو حتى الصريح، لوزارة تصر على لي ذراع المحاماة المغربية.
​المطلوب اليوم ليس “آليات حوار” مطاطة، بل موقف بطولي يبدأ بالمطالبة بسحب المشروع فورا، ورفض التفاوض تحت “مقصلة” المسطرة التشريعية، أما الاستمرار في هذا المسار التنازلي، فهو ببساطة منح الوزير “الضوء الأخضر” للإجهاز على ما تبقى من حصانة الدفاع، ومن مهنة كانت تسمى مهنة المحاماة، وكانت توصف بأنها مهنة قانونية حرة مستقلة كان مبرر وجودها الدفاع عن الحقوق والحريات.

مشاركة