لا يخفى على المتتبعين للشأن الإداري بالمؤسسات العمومية الدور المحوري الذي تضطلع به فئة رؤساء المصالح ورؤساء الأقسام، باعتبارها حلقة أساسية في تنزيل السياسات العمومية وضمان استمرارية المرفق العام. ويبرز هذا الدور بشكل أوضح داخل قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بالنظر إلى تشعب الملفات، واتساع مجال التدخل، وحساسية المهام المرتبطة بتدبير المنظومة التربوية.
وتتحمل هذه الفئة مسؤوليات ثقيلة على المستويات الإقليمية والجهوية والمركزية، سواء على مستوى المديريات الإقليمية أو الأكاديميات الجهوية أو المصالح المركزية، حيث تشرف على تنزيل برامج الإصلاح الكبرى، وتتبع المشاريع الاستراتيجية، وضمان السير العادي للمؤسسات التعليمية طيلة الموسم الدراسي دون انقطاع.
ورغم حجم هذه المسؤوليات، لا تزال التعويضات المخولة لرؤساء المصالح والأقسام خاضعة لمقتضيات تنظيمية تعود إلى سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي، خاصة مرسومي 1976 و1997، والتي تحدد تعويضات شهرية أصبحت متجاوزة ولا تعكس واقع الأعباء الحالية، ولا حجم الضغط المهني، ولا وتيرة الاشتغال المستمرة التي تمتد إلى ما بعد التوقيت الإداري وخلال العطل ونهاية الأسبوع.
وتبرز المفارقة بشكل أوضح عند مقارنة هذه التعويضات بما استفادت منه فئات أخرى داخل المنظومة التربوية، حيث شهدت هيئة الإدارة التربوية، وكذا فئة المديرين الإقليميين ومديري الأكاديميات الجهوية، زيادات مهمة في الأجور والتعويضات خلال السنوات الأخيرة، في إطار تحيين المراسيم التنظيمية وتوحيد الأجرة الجزافية، وهو ما عمّق الفجوة بين فئات تخضع جميعها لنفس التسلسل الإداري.
ويؤكد المعنيون أن رؤساء المصالح والأقسام يشرفون على ملفات استراتيجية كبرى، من بينها الحركات الانتقالية، التعيينات، الامتحانات الإشهادية، الخريطة التربوية، الإحصاء المدرسي، صفقات البناء والتجهيز، تتبع المشاريع المهيكلة، وتدبير الموارد البشرية والمادية، فضلاً عن السهر على تنفيذ برامج الإصلاح المتعاقبة، من البرنامج الاستعجالي، إلى الرؤية الاستراتيجية، وصولاً إلى خارطة الطريق 2022-2026.
وفي ظل هذه المعطيات، تعتبر هذه الفئة أن وضعيتها الحالية لا تكرّس مبدأ الإنصاف الوظيفي، ولا تعكس حجم الالتزامات المهنية الملقاة على عاتقها، خاصة في غياب أي مراجعة شاملة لنظام التعويضات منذ سنوات، رغم التحولات العميقة التي عرفها قطاع التربية الوطنية.
وفي هذا السياق، يطالب المعنيون بإعادة النظر في التعويضات المرتبطة بالمهام والمسؤولية، وتحسين التعويضات الجغرافية، وتمكينهم من السكن الإداري، إلى جانب تفعيل آليات الحركية الإدارية بما يضمن مسارات مهنية عادلة ومحفزة، أسوة بباقي القطاعات الوزارية التي قامت بتحيين أنظمتها التعويضية.
وتبقى هذه المطالب، بحسب المتابعين، ذات طابع مؤسساتي ومرتبطة بجودة الحكامة الإدارية، لما لتحفيز الأطر الإدارية من أثر مباشر على نجاعة تدبير المنظومة التربوية وتحقيق أهداف الإصلاح المنشود.
الرئيسية أحداث المجتمع رؤساء المصالح والأقسام بقطاع التربية الوطنية: مسؤوليات جسيمة وتعويضات لا تواكب حجم الأعباء
رؤساء المصالح والأقسام بقطاع التربية الوطنية: مسؤوليات جسيمة وتعويضات لا تواكب حجم الأعباء

كتبه Srifi كتب في 21 ديسمبر، 2025 - 12:21 مساءً
مقالات ذات صلة
21 ديسمبر، 2025
بالصور : فريد شوراق رفقة عامل إقليم آسفي يتابعان ميدانيًا عملية توزيع المساعدات
أبو إياد / مكتب مراكش قام الدكتور فريد شوراق، ممثل وزارة الداخلية، بزيارة ميدانية إلى مدينة آسفي، في إطار مواكبة [...]
21 ديسمبر، 2025
الأستاذ محمد قريش، القاضي بالمحكمة الابتدائية بطنجة، يقدم قراءة في قانون العقوبات البديلة
صوت العدالة- عبد السلام العزاوي اعتبر الأستاذ محمد قريش، القاضي بالمحكمة الابتدائية بطنجة، قانون العقوبات البديلة، جديد مما طرح مجموعة [...]
21 ديسمبر، 2025
نقابة تثير بمجلس المستشارين جدل رسوم التسجيل في سلك الدكتوراه وتطالب بتوضيحات حكومية
أثار فريق الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين ملف فرض رسوم سنوية للتسجيل في سلك الدكتوراه ببعض الجامعات العمومية، متسائلا [...]
21 ديسمبر، 2025
اجتثاث الأشجار يثير الجدل في مشاريع التأهيل بمدينة اليوسفية
أثارت عمليات اجتثاث الأشجار وتوسيع التبليط، التي رافقت عددًا من مشاريع التأهيل والإصلاح بمدينة اليوسفية، موجة من الجدل في أوساط [...]
