الرئيسية أخبار وطنية مداخلة فريق الاتحاد المغربي للشغل في الجلسة العامة يوم الأربعاء 3 دجنبر 2025 لمناقشة العامة لمشروع القانون المالي 50.25 للسنة المالية 2026

مداخلة فريق الاتحاد المغربي للشغل في الجلسة العامة يوم الأربعاء 3 دجنبر 2025 لمناقشة العامة لمشروع القانون المالي 50.25 للسنة المالية 2026

IMG 20251203 WA0025
كتبه كتب في 3 ديسمبر، 2025 - 5:41 مساءً

صوت العدالة- متابعة

السيد الرئيس؛
السادة الوزراء؛
السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛
يشرفني أن أتناول الكلمة في هذا الموعد الدستوري التشريعي الهام باسم أعتد وأعرق منظمة نقابية قدمت الغالي والنفيس من أجل الاستقلال والحرية، مسيرتها النضالية والبطولية لها بصمتها في مسيرة التحرير واستكمال الوحدة الترابية.
إنها مناسبة من خلالها نهنئ جلالة الملك نصره الله، ونهنأ كل القوى الحية والمناضلة، ونهنأ عموم الشعب المغربي بما حققته بلادنا من انتصارات، نتيجة العمل الجبار والمتواصل لكل من الديبلوماسيتين الرسمية والموازية، عمل توج بالقرار التاريخي لمجلس الأمن ل 31 أكتوبر 2025 القاضي صراحة بوحدة بلادنا الترابية من خلال اعتماد مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. وهي لحظة اعتزاز وافتخار الطبقة العاملة المغربية بهذا الإنجاز التاريخي، وهي التي جعلت من الديبلوماسية النقابية جبهة لا تنحني ومبدءا لا يقايض، ولا يساوم كلما تعلق الأمر بالقضية الوطنية في المحافل الدولية الإقليمية والقارية والعالمية العمالية والنقابية.
ومناسبة أيضا للتعبير عن دعم ومساندة النضال المتواصل من أجل بناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين إلى أرضهم، والتنويه بمجهودات صاحب الجلالة رئيس لجنة القدس في إحياء فرص السلام في المنطقة، ونصرة الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة.

السيدات والسادة
قبل الدخول في مناقشة مضامين مشروع القانون المالي هناك ملاحظات لا بد من تسجيلها:

  • أولا – كما اتفق على ذلك في الميثاق الوطني للحوار الاجتماعي كان الأجدى أن تتم صياغته وفق مقاربة تشاركية مع الحركة النقابية وأن يتضمن بعضا من الأجوبة للإشكالات الحقيقية الملحة للطبقة العاملة وعموم المواطنين.
  • ثانيا -بقدر ما نسجل بإيجاب المكتسبات التي حققتها الطبقة العاملة في عمر هذه الحكومة في آخر جولة للحوار الاجتماعي من خلال الزيادة في الأجور على دفعتين، والتخفيف نسبيا من العبء الضريبي، إلا أن ذلك لم لم يغير شيئا من واقع الحال، أمام الارتفاع الصاروخي المسترسل في الأسعار خاصة المواد الأساسية مما أنهك القدرة الشرائية للطبقة الوسطى، إن وجدت، وعموم المأجورين.
    السيد الرئيس؛
    يأتي مشروع قانون المالية لسنة 2026 في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية وبيئية كبيرة على المستويين الوطني والدولي غير أن الرؤية التي طبعت المشروع رؤية طموحة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
    السؤال المطروح ألا يتطلب هذا التفاؤل اليقظة؟ لارتباطه من جهة بالسياق الدولي والتحولات الجيوسياسية، ومن جهة أخرى بالسياق الداخلي الذي لا يزال يطبعه:
  • تراجع في الإنتاج الفلاحي خاصة إنتاج الحبوب وتراجع نسبة إنتاج اللحوم نتيجة التغيرات المناخية وندرة المياه.
  • البطالة التي وصلت نسب مرتفعة تجاوزت 13%
  • الأداء المتعثر لمجموعة من القطاعات الاجتماعية.

وعليه وإيمانا منا في فريق الاتحاد المغربي للشغل بجسامة التحديات فإننا نعتبر من أولى الأولويات:

1- في الجانب الاجتماعي ضرورة النهوض بالرأسمال البشري والحرص على اندماجه الاقتصادي والاجتماعي:
إذ لا تزال البطالة معضلة بنيوية وهيكلية ارتفع معدلها إلى %13.3 خاصة لدى النساء والشباب والأشخاص الحاصلين على شهادة، وقفز إلى 37% بين الشباب و20 بالمائة لدى النساء، فيما لا يتجاوز معدل النشاط 43 بالمائة، مع مشاركة نسائية ضعيفة (18 بالمائة)”.
ينضاف إلى ذلك فقدان حوالي 198 ألف منصب شغل سنة 2023 معظمهم بالقطاع الفلاحي إضافة لأزيد من 400 ألف منصب شغل المفقودة لسنتي 2021-2022؛
كما أن ارتفاع معدل الشغل الناقص جراء تقليص ساعات العمل والمرتبط بالدخل غير الكافي أو بعدم ملاءمة الشغل مع المؤهلات، وهي المعضلة التي ما فتئت تتفاقم مع ارتفاع اعتماد التشغيل بالمناولة.
وتؤكد تقارير رسمية أن “ثلثيْ العاملين في القطاع غير المهيكل محرومين من الحماية الاجتماعية،
ورغم المجهودات المبذولة على مستوى جلب الاستثمارات وارتفاع نسبة التصنيع، لا زال قطاع التشغيل يسجل:
• ضعف التصريح بالأجراء، ففي الوقت الذي يصل عدد أجراء القطاع الخاص إلى 6 مليون و700 ألف أجير، فإنه حسب آخر تقرير للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي:
* لا يتجاوز عدد الأجراء المصرح بهم 3 ملايين و800 ألف أجير،
* وفقط 2.5 مليون منهم يصرح بهم بشكل مسترسل،
* وأن %47 من المتقاعدين يتقاضون معاشات تقل عن الحد الأدنى للأجور؛
* استمرار الهشاشة الشغلية وسط النساء، وتراجع نسبة تشغيل اليد العاملة النسائية المسجلة قبل 2020؛
• تعرض أزيد من 180 ألف عاملة وعامل بشركات المناولة لأبشع أنواع الاستغلال في قطاعات النظافة والحراسة والإطعام بالمؤسسات التعليمية، في خرق سافر لكل القوانين الشغلية، وفي غياب دفاتر تحملات ملزمة في القطاع الخاص وفي الإدارات والمؤسسات العمومية؛
• تغول القطاع غير المهيكل على النسيج الاقتصادي الوطني متهربا من الواجبات الجبائية والاجتماعية ويستحوذ على حوالي 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لأرقام بنك المغرب.
• تدهور القدرة الشرائية لعموم المغاربة، فحسب تقرير للمندوبية السامية للتخطيط فإن %80.6 من الأسر صرحت بتدهور مستوى معيشتها خلال 12 شهرا السابقة نتيجة الارتفاعات الصاروخية في جميع المواد والتي باتت تكتوي بها جيوب عموم المغاربة وفي مقدمتهم الطبقة العاملة.
• استمرار الفجوة بين الجنسين خاصة في ولوج النساء والفتيات إلى التعليم والصحة والشغل وملكية الأرض والسكن والحماية الاجتماعية ومختلف الخدمات العمومية، وفي المشاركة في صنع السياسة العمومية وفي مختلف المسؤوليات الإدارية.
• حرمان فئة عريضة من الحماية الاجتماعية إذ رغم كل المبادرات والبرامج الهادفة إلى تعميم ورش الحماية الاجتماعية لا تزال فئة عريضة من العاملات والعمال دون أية تغطية صحية ولا حماية اجتماعية كعاملات وعمال الإنعاش الوطني، والعمال والعاملات المنزليين، ومساعدي التجار، والنساء ربات ومعيلات الأسر والأشخاص في وضعية إعاقة، والمسنات والأشخاص الذين لا يتوفرن على أية حماية اجتماعية وجميع من يتواجدون في وضعية فقر وهشاشة مما يستوجب إعادة النظر في «المؤشر» وفي «الاستهداف» المحددين لاستحقاق التغطية الصحية والدعم من عدمهما.
هي مؤشرات اجتماعية تفرض الانتباه إلى أن كل البرامج التي وضعتها الحكومة لدعم القدرة الشرائية أفرغها المتحكمون في سلاسل التوزيع من خلال الرفع الصاروخي في الأسعار دون حسيب أو رقيب مما حد من تأثيرها في ضمان العيش الكريم لفائدة الأسر المغربية لن يستقيم إلا عبر ما يلي:
• إرساء سياسة اجتماعية شاملة تجعل من الانسان محور التنمية؛
• سياسة اقتصادية مهيكلة تقوم على تحفيز الاستثمار المنتج الذي يخلق فرص الشغل القار واللائق للجميع؛
• إصلاح جذري وشامل لقطاعي التعليم والصحة، ورصد أغلفة ومناصب مالية مهمة لذلك؛
• وضع إجراءات صارمة لتحسين ظروف العمل، ولضمان شروط الصحة السلامة التي تشكل جوهر الكرامة المهنية؛
• تخصيص مناصب كافية لمفتشي الشغل حماية لحقوق العاملات والعمال؛ المطالبة بزيادة عامة في الأجور والرفع من المنح الهزيلة للتقاعد ورد الاعتبار لمن أفنوا شبابهم في خدمة الوطن؛
• وضع سياسة واضحة عبر آليات كفيلة بتلجيم المتحكمين والمزايدين والمضاربين في الأسعار؛
• رفع الظلم عن الفئات الهشة والمستبعدة اجتماعيا وتخفيض نسبة الفقر بالعالم القروي، والاهتمام بأوضاع أكثر من مليون عامل زراعي يشتغلون في بعض الضيعات الكبرى في ظروف صعبة ولساعات طويلة مقابل أجور زهيدة، ولنا في صرخة اشتوكا آيت باها أكبر دليل على درجة الاستغلال الذي تعيشه هذه الفئة.
• الرفع من نسبة ولوج النساء لسوق الشغل في أفق الوصول إلى نسبة %30 التي وعدت بها الحكومة في برنامجها
• تخصيص غلاف مالي كفيل بتنفيذ استراتيجية وطنية لمناهضة العنف والتمييز خاصة في أماكن العمل من خلال التصديق على الاتفاقية 190 ومراجعة القوانين بما يضمن بيئة عمل آمنة نفسيا وجسديا واقتصاديا واجتماعيا؛
• مراجعة السياسة التنموية الترابية بما يحقق العدالة المجالية ويرفع التهميش عن الواحة والجبل
كل هذا كنا بالفعل ننشد تقوية بناء الدولة الاجتماعية.
دون أن ننسى:
• التحديات المرتبطة بالبيئية بالنظر لندرة المياه والتصحر التي لا تنعكس فقط على نسبة النمو وعلى ثيرة الاقتصاد الوطني بل أيضا على وضعية العاملات والعمال وظروف صحتهم وسلامتهم، باعتبارهم الأكثر عرضة للخطر وبالتالي حماية الإنسان قبل الاقتصاد من خلال التسريع بـ:
• التحول إلى الطاقة الخضراء؛
• خلق مناصب الشغل المستدامة؛
• ضمان التحوُّل العادل للوظائف؛
• فرض شروط العمل اللائق؛
• إلزامية احترام كافة الحقوق الشغلية وضمان سيادة القانون؛
• لمراهنة على الاستثمار في الرأس المال البشري؛
• حماية العمال من كل أنواع التحايل والاستغلال.

2- وفي الجانب الاقتصادي:
للأسف لا زلنا نستورد أكثر من %60 من حاجياتنا من الحبوب وأكثر %80 من الزيوت وأكثر من %50 من السكر، إلى جانب استيراد عدد من المنتجات الصناعية الأخرى.
وعليه فبلادنا مطالبة بإعطاء الأولوية الكبرى لتحقيق السيادة الغذائية والسيادة الطاقية وتحقيق نسبة أكبر للاندماج المحلي في القطاع الصناعي كرافعة أساسية لتحقيق سيادة الاقتصاد الوطني واستقلاليته، لضمان الاحتياجات الأساسية لكافة المغاربة من خلال:
• تسريع التحول البنيوي نحو صناعات جديدة. وجعل الإنتاج المحلي أكثر قدرة على المنافسة خاصة في المواد الاستهلاكية الأساسية؛
• الاهتمام أكثر بالزراعة المعيشية وتشجيع الاقتصاد التضامني والاجتماعي والنهوض بوضعية الفلاح الصغير للمساهمة في تحقيق السيادة الغذائية والتخفيف من التبعية للخارج؛
• تقييم الاستثمارات والمشاريع الاستثمارية الموجهة للنهوض بالاقتصاد مع إعطاء الأولوية للمشاريع الاستثمارية الأكثر تشغيلا واستدامة لمناصب الشغل؛
• الانتقال التدريجي نحو الطاقات المتجدد.
• التعامل مع ندرة الماء كمعطى هيكلي وتبني سياسة رشيدة في تدبير الماء لتجنيب بلادنا الأسوأ.
رغم المجهودات التي قامت بها الحكومة للرفع من ميزانيات القطاعات الاجتماعية، والرفع من المناصب المالية المخصصة لها لكن وبالنظر لحجم التحديات المطروحات، تظل هذه الزيادات على أهميتها غير كافية لسد الخصاص وتجويد الخدمات الاجتماعية، ويظل جهاز مفتش الشغل من أكبر المناصب المالية ضعفا في هذه الميزانيات مما يضعف آلية مراقبة وتفتيش عالم الشغل وحماية آلاف العمال من الخروقات القانونية المضمونة باتفاقية العمل الدولية وتشريعات الشغل.

مشاركة