
أثار تصريح الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، و الذي نشرته الزميلة ” الصباح ” تحت عنوان “لا تقادم في أداء الضرائب” ، جدلا واسعا داخل الأوساط القانونية والمالية، بعد تأكيده أن الضريبة يمكن استخلاصها “ولو مر عليها قرن من الزمن”. تصريح يضع نفسه في مواجهة مباشرة مع نصوص قانونية صريحة تؤطر التقادم الجبائي بالمغرب.
الوزير اعتبر أن الضرائب لا تتقادم لأنها ليست مرتبطة بملفات جنائية، غير أن المادة 123 من مدونة تحصيل الديون العمومية تنص حرفيا على أن:
“يسقط بالتقادم حق المحاسب المكلف بالتحصيل في تحصيل الديون العمومية التي لا يطالها أي إجراء من إجراءات التحصيل داخل أجل أربع سنوات ابتداء من تاريخ الشروع في التحصيل”.
النص حاسم : حق الدولة في التحصيل يسقط بعد أربع سنوات ، ولا وجود في أي تشريع لعبارة “قرن من الزمن”.

كما أن ما سماه الوزير “الضريبة على التجزئات السكنية” مفهوم غير موجود في المنظومة الجبائية المغربية. فالتشريع لا يعرف سوى الرسم على عمليات تجزئة الأراضي المنصوص عليه في القانون 47.06 المتعلق بالجبايات المحلية.
وفي اتصال هاتفي للجريدة مع الخبير في المالية والضرائب الدكتور جواد لعسري ، قدّم الأخير تفصيلا دقيقا في الموضوع.
وقال: “لا يوجد في القانون المغربي أي اقتطاع ضريبي يحمل اسم الضريبة على التجزئات السكنية، وأي استعمال لهذا المفهوم غير صحيح من الناحية القانونية”.
وأضاف أن الديون الضريبية والرسوم الترابية تتقادم بنص القانون ، سواء في وعائها أو إجراءات تحصيلها، وأن المنظومة الجبائية المغربية تعتمد تقادما مزدوجا: تقادم الوعاء وتقادم التحصيل.
وأوضح الخبير أن المادة 160 من المدونة العامة للضرائب تقرّ بوضوح أن:
“الضرائب والرسوم المفروضة من طرف الإدارة تتقادم داخل أجل أربع سنوات من تاريخ استحقاق الضريبة، ولا يجوز بعد هذا الأجل تصحيح أو مراجعة الأساس إلا في الحالات المنصوص عليها قانونا”.
وهو ما يعني أن حتى حق الدولة في مراجعة الوعاء نفسه يسقط بانصرام أربع سنوات .

كما أشار لعسري إلى أن الإطار المؤسسي لضبط آجال التبليغ والتصحيح والمراجعة منصوص عليه في الباب التاسع من المدونة العامة للضرائب، المادة 123 ، التي تُقيد الإدارة بآجال صارمة، وتسقط حقها إذا تجاوزتها.
وشدّد الدكتور لعسري على أن. مدونة تحصيل الديون العمومية تعتمد بدورها نظاما كاملا لتقادم إجراءات التحصيل، عبر التقادم الرباعي المنصوص عليه في المادة 123، إضافة إلى مواد فرعية تمنع بقاء الملفات مفتوحة بلا حدود زمنية.
وختم الخبير تصريحه بالتأكيد على أن:
“القانون المغربي واضح: التقادم موجود في الوعاء، وموجود في التحصيل، وموجود في الجبايات المحلية، وموجود في الديون العمومية. ولا يوجد أي نص تشريعي يجيز تحصيل ضريبة مرّ عليها قرن من الزمن”.


