قدم وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين مداوي، أمام لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين، عرضا مفصلا حول مشروع الميزانية الفرعية للوزارة برسم سنة 2026، التي سجلت زيادة بنسبة 5.36 في المائة مقارنة بسنة 2025، في خطوة تعكس توجها إصلاحيا يستهدف إعادة هيكلة المنظومة وتعزيز قدراتها البيداغوجية والبحثية.
وأوضح الوزير أن الاعتمادات المالية المخصصة للقطاع شملت 10.54 مليارات درهم لكتلة الأجور، ونحو 4.98 مليارات درهم للمعدات والنفقات المختلفة، إضافة إلى 1.79 مليار درهم للاستثمار، منها 940 مليون درهم كاعتمادات التزام. كما تم الإعلان عن إحداث 1759 منصبا ماليا جديدا لتقوية الموارد البشرية، تماشيا مع إصلاح بيداغوجي شامل يجري تعميمه على مختلف الأسلاك الجامعية.
ويتضمن برنامج التوسعة إحداث 29 مؤسسة جامعية جديدة عبر جهات المملكة، تشمل كليات للعلوم القانونية والسياسية، ومدارس للتجارة والتسيير، إضافة إلى كليات للطب والصيدلة بكل من كلميم وبني ملال والعيون، وذلك استجابة للارتفاع المتزايد في عدد الطلبة المتوقع أن يتجاوز 1.3 مليون خلال الموسم 2024-2025.
وترتكز الرؤية الحكومية على توحيد الضوابط البيداغوجية، وإطلاق شهادات جديدة لدعم الكفاءات اللغوية والرقمية، وتفعيل التكوين بالتناوب مع المقاولات. كما تم تقديم منصة رقمية وطنية لتدريس اللغات بخمس لغات، في سياق تعزيز المهارات اللسانية داخل الجامعة. وأكد الوزير أن مشروع القانون رقم 59.24 يمنح لأول مرة للبحث العلمي بابا مستقلا، باعتباره رافعة أساسية لتنمية المعرفة وربط الجامعة بالنسيج الاقتصادي.
وبخصوص البحث العلمي والابتكار، خصص مشروع ميزانية 2026 ما مجموعه 538 مليون درهم، بزيادة تفوق 6 في المائة مقارنة بالسنة الماضية، لتمويل برامج بحث وطنية ودولية من بينها “PNARDI” و”PRIMA” و”Horizon Europe”. كما أعلن عن إعداد استراتيجية وطنية للبحث والابتكار 2026-2035، تقوم على مأسسة بنية وطنية للابتكار وتعزيز الربط بين الجامعة والمقاولة.
وفي الجانب الاجتماعي، أفادت الوزارة بأن الطاقة الاستيعابية للأحياء الجامعية ارتفعت بنسبة 7 في المائة عبر إضافة ما يقارب أربعة آلاف سرير جديد، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 59.780 سريرا، مع برمجة بناء خمس مدن جامعية بطاقة إجمالية تبلغ 15 ألف سرير. كما بلغ عدد المستفيدين من المنح 429 ألف طالب بنسبة استجابة تقدر بـ95 في المائة، إلى جانب تقديم 14.5 مليون وجبة خلال السنة. وتعمل الوزارة أيضا على تطوير نموذج جديد للإيواء بشراكة مع القطاع الخاص، وتعزيز خدمات الدعم الصحي والنفسي لفائدة الطلبة.
وفي ما يتعلق بالبنيات الجامعية، تم تخصيص 276.7 مليون درهم لتجهيز وبناء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، ضمن برنامج يهدف إلى رفع عدد مهنيي الصحة في أفق 2030. كما رصدت اعتمادات إضافية لتوسيع الطاقة الاستيعابية للمؤسسات الجامعية وإحداث مراكز للامتياز.
وأكد الوزير أن ورش الإصلاح التشريعي يتقدم بوتيرة ثابتة، حيث تمت المصادقة على حزمة من القرارات والمراسيم والقوانين، شملت التكوين الطبي والهندسي والتوجيه الجامعي. كما تم الإعلان عن إحداث مديرية مركزية للرقمنة، وإطلاق مشروع المركز الوطني لنظم المعلومات بتمويل أجنبي يصل إلى 15 مليون دولار، بهدف توحيد قواعد البيانات ورفع جودة الخدمات الرقمية بالجامعة.
ويأتي هذا المخطط في إطار رؤية شاملة تسعى إلى تعزيز حكامة القطاع، وتطوير جودته، ووضع الطالب في صلب السياسات العمومية المتعلقة بالتعليم العالي والبحث العلمي.
