صوت العدالة : محمد زريوح
اختُتمت يوم امس الاثنين الدورة الرابعة عشر من مهرجان الناظور الدولي للسينما والذاكرة المشتركة، التي انعقدت تحت شعار “ذاكرة السلام”. وشهدت الفعالية إعلان “إعلان الناظور” للسلام والعدالة الانتقالية، الذي تم التوافق عليه من قبل نخبة من المفكرين والمثقفين من مختلف أنحاء العالم، في خطوة تهدف إلى تعزيز العدالة والسلم في مجتمعات ما بعد النزاعات.

وحدد المشاركون في الندوة مجموعة من المبادئ الأساسية التي تشكل أساس هذا الإعلان، حيث أكدوا أن العدالة الانتقالية تُعدّ من أبرز الأدوات لتحقيق التحول الديمقراطي في المجتمعات التي عانت من ويلات الحروب والصراعات. فهي تسهم بشكل فعال في بناء السلام الاجتماعي، على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها المجتمعات في مسار التحول نحو الديمقراطية.

وأشار الإعلان إلى أهمية بناء الثقة بين مكونات المجتمع، خاصة بين النخب السياسية والمجتمع المدني، حيث تعتبر الثقة أحد الأسس التي تساعد في تحقيق مصالحة حقيقية. ومن هذا المنطلق، شدد المشاركون على أن العدالة الانتقالية لا يمكن أن تتحقق إلا بتوافر إرادة سياسية صادقة من الدولة والمجتمع المدني على حد سواء، من خلال الكشف عن الحقائق، المساءلة، جبر الضرر، وتعويض الضحايا.
وأوضح المشاركون أن أي تجربة في العدالة الانتقالية يجب أن تكون ملائمة للواقع المحلي. فلا يمكن استنساخ تجارب دول أخرى وفرضها على الدول ذات السياقات المختلفة، بل يجب أن تتماشى مع خصوصيات كل بلد وحاجاته. كما شددوا على أهمية المصالحة السياسية باعتبارها خطوة أساسية في بناء السلام، مؤكدين على أن التجربة المغربية تعدّ نموذجاً ناجحاً في هذا المجال.

وعلى صعيد آخر، أكد “إعلان الناظور” على ضرورة إصلاح المؤسسات وضمان عدم تكرار الانتهاكات السابقة، وهو ما يعتبر من الركائز الأساسية لبناء مجتمع مستدام وآمن. كما أكد الإعلان أن العدالة الانتقالية تتطلب تركيزاً على حقوق الضحايا، وخاصة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وليس الاقتصار على الحقوق المدنية والسياسية.
وفي ختام الإعلان، تم التأكيد على ضرورة تكاتف المجتمع الدولي لتحقيق العدالة الانتقالية، حيث اعتبر المشاركون أن الطريق لتحقيق السلام والعدالة لا يُعبّد بسهولة، بل يتطلب تضامناً دولياً فعّالاً يضمن التمسك بالقيم والمبادئ المشتركة، لبناء مجتمعات تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة والسلام الاجتماعي.
