صوت العدالة : حسن بوفوس
نفدت عناصر الدرك الملكي بالمركز القضائي للعيون واحدة من أكبر وأخطر العمليات الأمنية خلال الأسابيع الأخيرة، بعد تمكنها من تفكيك شبكة إجرامية متخصصة في الهجرة السرية، تحولت أنشطتها إلى الاختطاف وطلب الفدية في سابقة تعكس حجم خطورة هذه التنظيمات التي أصبحت تستغل المهاجرين في عمليات ابتزاز شبيهة بأساليب “المافيا العالمية”.
واكدت مصادر امنية أن فصول القضية بدأت عندما تقدّم أحد أقارب مختطف بشكاية مستعجلة للمصالح الدرك الملكي بالعيون ، يؤكد فيها تلقيه اتصالات تهديدية من مجهولين، يطالبون بفدية مالية كبيرة مقابل إطلاق سراح قريبهم الذي جرى استدراجه بدعوى تهجيره نحو إحدى الجزر الإسبانية.
فور التوصل بالشكوى و علمه بحيتيات الشكاية ، أعطى قائد السرية الدرك الملكي بالعيون تعليماته لفتح تحقيق استعجالي، بتنسيق و تعليمات مباشرة مع القائد الجهوي للدرك الملكي بالعيون ، ليتم تشكيل فريق بحث برئاسة قائد المركز القضائي اعتمد على وسائل تقنية متطورة، إلى جانب عمليات تمشيط ميدانية مكثفة في المناطق المشبوهة ضواحي المدينة.
وقد أسفرت هذه التحريات عن تحديد موقع وجود “الرهائن” داخل منزل معزول يُستغل كمخبأ سري للعصابة وسط الصحاري، كانت تنقل إليه ضحاياها بعد استقطابهم من مدن مختلفة عبر وسطاء يغرونهم بوعود “رحلات مضمونة” نحو الضفة الأخرى.
وبعد مراقبة دقيقة لمحيط المكان، تمت مداهمة الموقع في عملية أمنية محكمة، جرى خلالها تحرير سبعة رهائن كانوا محتجزين في ظروف قاسية، تظهر عليها آثار الإجهاد وسوء المعاملة.
وخلال التدخل نفسه، أوقفت عناصر الدرك الملكي أحد أفراد الشبكة، فيما تمكن باقي المتورطين من الفرار مستغلين تضاريس المنطقة. كما تم حجز سيارة رباعية الدفع مجهولة المصدر كانت تستعمل في نقل الضحايا وتسهيل تحركات الشبكة بين مسالك صحراوية وعرة.
وتؤكد نفس المصادر أن هذه الشبكة لم تكن تعد تستطيع تنظيم رحلات الهجرة السرية، لتتحول لإعتماد أسلوب إجراميا جديداً يقوم على
استدراج الراغبين في الهجرة من عدة مدن واحتجازهم في منازل سرية والاتصال بعائلاتهم للمطالبة بفدية مالية
هذه التحولات الخطيرة تأتي في وقت شددت القيادة الجهوية للدرك الملكي فيها الخناق على شبكات الهجرة بالمسالك البحرية، ما دفع بعض العصابات إلى أساليب أكثر تطرفاً وتعقيداً.
وتبرز هذه العملية حجم الجهود الكبيرة التي تبذلها مصالح الدرك الملكي بالأقاليم الجنوبية وخصوصا بالقيادة الجهوية و من خلالها سرية العيون و المراكز التابعة لها ، حيث أصبحت المنطقة وجهة لعصابات منظمة تسعى لاستغلال امتدادها الصحراوي وخصوصية جغرافيتها لتنفيذ عمليات تهريب البشر، الاتجار في المهاجرين، بل وتحوّل بعضها إلى أشكال من الاختطاف.
ويعتبر هذا التدخل رسالة واضحة لهذه الشبكات مفادها أن الأجهزة الأمنية يقظة وتتابع تحركاتها بدقة، خصوصاً بعد تسجيل ارتفاع مقلق في حالات النصب والابتزاز المرتبطة بالهجرة السرية.
هذا و قد تم وضع الموقوف تحت تدابير الحراسة النظرية رهن إشارة التحقيق، فيما تواصل عناصر الدرك الملكي أبحاثها لتعقب باقي أفراد الشبكة، التي يُرجّح أنها تتكون من عدة أشخاص موزعين بين وسطاء ومنفذين وسائقين.
وتدعو المصادر ذاتها المواطنين إلى الحذر من الوعود الكاذبة لشبكات التهريب، خاصة بعد بروز أساليب احتيالية تصل إلى حد الاختطاف وطلب الفدية، ما يجعل أي تعامل مع هذه الشبكات مخاطرة قد تنتهي بمآسٍ خطيرة.

