بقلم: عبد السلام اسريفي
في مشهد يكشف أكثر مما يخفي، أعلنت رئاسة الجمهورية الجزائرية أن الرئيس عبد المجيد تبون استجاب لطلب نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، القاضي بمنح عفوٍ خاصٍ للكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال. خطوة وصفتها الرئاسة بـ”الإنسانية”، لكنها في عمقها تحمل رسائل سياسية متعددة الاتجاهات.
فبعد أن رفضت الجزائر في وقتٍ سابق طلبًا فرنسيًا مماثلًا، تأتي الاستجابة لألمانيا لتبدو — في قراءة المراقبين — انحناءة سياسية محسوبة أكثر من كونها استجابة إنسانية. فبرلين لم تطلب وحدها، بل تحدثت بلسان باريس، التي يبدو أنها وجدت في “الوسيط الألماني” طريقًا خلفيًا لتليين الموقف الجزائري المتصلب.
قبول الطلب الألماني يعيد طرح السؤال القديم الجديد:
هل تغيّر الخطاب الرسمي الجزائري فعلاً؟
أم أن المرادية اختارت أن تُظهر ليونة شكلية بعد عزلة دبلوماسية أرهقت خطابها “السيادي”؟
مصادر مقربة من المشهد السياسي ترى أن القرار يعكس تحولًا تكتيكيًا في التعامل مع أوروبا، خاصة مع وجود مؤشرات على انفراج فرنسي–جزائري قريب، ربما تُرسم ملامحه بهدوء في الكواليس، بعيدًا عن صخب التصريحات النارية.
أما بوعلام صنصال، الكاتب المثير للجدل، الذي قضى سنوات من العزلة بين باريس والجزائر، فقد تحوّل اليوم إلى عنوان رمزي لانكسار “العنتريات” أمام واقعية السياسة.
فالإنسانية التي استُحضرت في بلاغ الرئاسة قد تكون في ظاهرها رحمة، لكنها في باطنها رسالة إذعان دبلوماسي بلغة لبقة.

