يشهد قطاع صناعة السيارات في المغرب قفزة غير مسبوقة جعلت المملكة تتحول إلى قوة إنتاجية صاعدة في القارة الإفريقية ومنافس مباشر لدول أوروبية كإسبانيا، وفق ما أوردته صحيفة “إلدياريو” الإسبانية التي نبهت إلى تزايد القلق في الأوساط الصناعية الإسبانية من النمو السريع للمغرب في هذا المجال.
وبلغة الأرقام، تشير دراسة لشركة “أوليفر وايمان” الدولية إلى أن تكلفة إنتاج سيارة واحدة في المغرب لا تتجاوز 110 دولارات، مقابل 955 دولاراً في إسبانيا و3.300 دولار في ألمانيا، أي أن تكلفة التصنيع في المغرب أقل بحوالي:
9 مرات من نظيرتها الإسبانية،
و30 مرة من نظيرتها الألمانية.
هذا الفارق الكبير في كلفة اليد العاملة والتصنيع جعل من المغرب الوجهة الأكثر جاذبية في إفريقيا لصناعة السيارات، خاصة بفضل النجاعة الإنتاجية، البنية التحتية المتطورة، والمناطق الصناعية المؤهلة مثل القطب الصناعي بطنجة المتوسط والقنيطرة.
وفي المقابل، تواجه المصانع الإسبانية تراجعاً في تنافسيتها، بسبب ارتفاع كلفة اليد العاملة والطاقة والضرائب، ما جعل العديد من الشركات الأوروبية تنقل خطوط إنتاجها إلى المغرب للاستفادة من التكاليف المنخفضة وبيئة الأعمال المستقرة.
ومن بين أبرز الشركات المستفيدة من هذا التحول، مجموعة “ستيلانتيس” المالكة لعلامات “بيجو” و”سيتروين”، التي وسعت طاقتها الإنتاجية في المغرب بنسبة تفوق 20% خلال السنتين الأخيرتين، وتستعد لإطلاق إنتاج طرازات جديدة، منها “بيجو 208” وربما “سيتروين C4” في مرحلة لاحقة.
ويُنتج المغرب حالياً أكثر من 700 ألف سيارة سنوياً، نصفها تقريباً مخصص للتصدير نحو أوروبا، ما جعله أكبر مصدر للسيارات في إفريقيا بإيرادات تفوق 100 مليار درهم سنوياً (نحو 10 مليارات دولار)، أي ما يعادل 14% من مجموع صادرات المملكة.
كما يعمل في هذا القطاع أكثر من 220 ألف عامل وتقني ومهندس، في ما يناهز 250 مصنعاً موزعة بين طنجة والقنيطرة والدار البيضاء، وهو ما يعكس حجم الرهان الاقتصادي الذي يمثله هذا المجال في هيكلة الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل.
ويرى محللون أن هذا التفوق الكمي والنوعي يضع المغرب على عتبة التحول إلى قطب صناعي عالمي، خاصة مع توجه المملكة نحو الجيل الجديد من السيارات الكهربائية والهجينة، مستفيدة من وفرة الطاقات المتجددة والبنية اللوجستية الرائدة في القارة الإفريقية.

