الرئيسية غير مصنف الفرحة الكبرى

الفرحة الكبرى

IMG 6135
كتبه كتب في 6 نوفمبر، 2025 - 6:38 مساءً

raihani
بقلم: نور الدين الرياحي

عمت الفرحة الكبرى المملكة في لحظة توجه جلالة الملك إلى شعبه مباشرة بعد تصويت مجلس الأمن الدولي على قرار تاريخي يزف إليه نتائج هذا التصويت.

طبعا عادة الشعب المغربي أنهم لا ينصتون إلا لملوكهم و لا يثقون في كلام إلا عندما يصدر عنهم.

فبالرغم من صدور القرار و تناقله عبر وسائل التواصل الإجتماعي و جميع هيآت الإعلام الوطنية و العالمية لأهميته لم يشف غليلهم إلا بلاغ القصور الملكية الذي أخبر بأن جلالة الملك سوف يخاطبهم ، فعم جو من الإستعداد لجميع فئات المجتمع لسماع النبأ العظيم ، و قطعت عديد من المنابر الإعلامية الوطنية و الدولية نشرات أخبارها ليكون الخطاب الملكي جزءا لا يتجزأ من قرار مجلس الأمن المتعلق بالنزاع المفتعل لصحرائنا المغربية طيلة نصف قرن من الزمن.

تتمة المقال تحت الإعلان

نصف قرن من تضحيات العرش العلوي و المغاربة أجمعين بأرواحهم و فلذات كبدهم و أموالهم من أجل كل حبة من حبات رمال صحرائهم الغالية عليهم و التي لو وضعوها في ميزان و خيروا بينها و بين أي غال و ثمين في الكون لاختاروها انه حب الوطن..

وابتدأ جلالة الملك كعادة الملوك العلويين في اللحظات الصعبة و التاريخية الخطاب بسورة من القرآن، و أية سورة سورة الفتح، و علموا عند ذاك أن بشائر فتح كبير سيتضمنه هذا الخطاب في يوم 31 أكتوبر و هو يوم أصرّ جلالة الملك بأن ما قبله ليس كمبعده و أنه فارق و فاصل بين عهد الباطل و الحق كما قال والده و بين جهاد أصغر و أكبر و فارق بين الحزن و الشكر كما قال جده قدس الله ثراهما.

وكأن جلالته يعيد ذلك التاريخ المجيد عندما خاطب جده المغفور له جلالة الملك محمد الخامس أب الأمة يوم 16 نونبر 1955

تتمة المقال تحت الإعلان

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ )

وبأن المغاربة خرجوا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر

وعندما افتتح والده المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني في 16 أكتوبر 1975 خطابه بآية بينة :

( قل جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا )

وذلك عندما أجابت محكمة العدل بأن العلاقة التي كانت تربط بين سكان الصحراء و الملوك المغاربة و اعترفت بأن لها الصلاحية للحكم في الملف و قالت بأن هناك مشكل قانوني بين المغرب و إسبانيا و سمحت بذلك بتمثيلية القاضي في شخص السيد موني مشيدا بهذا القاضي العدل ابن ساحل العاج و برئيسه السيد هوفيت بوانييه آنذاك.

وأجابت المحكمة بأن الصحراء لم تكن ارضاً مواتا.

وخلصت بأن هناك روابط قانونية و روابط بيعة بين المملكة المغربية و سكان الصحراء و فسر جلالة الملك الحسن الثاني قرار محكمة العدل معترفا بنشوة قانونية مفهوم هذا القرار كما جاء على لسان جلالته . معتبرا بأن هذا الحق كنا ننتظره بل اعتبر في تفسير القرار بأنه ابتهج بمصطلح البيعة أكثر من مصطلح السيادة لأن البيعة في المغرب كانت دائما مكتوبة و لم يكتفي المغرب بالبيعة الشفوية.

وأمام هذا الإقرار قال جلالته بأنه بعد هذا الاعتراف لم يبق إلا الدخول إلى ترابنا و الالتحاق بالشعب المغربي في الصحراء معلنا القيام بمسيرة خضراء كرجل واحد بنظام و انتظام للالتحاق بإخواننا في الصحراء ، و كانت المسيرة الخضراء 1975.

أبى جلالة الملك محمد السادس أن يتوج عهده الزاهر بالأوراش الكبرى و طيلة ستة و عشرون سنة من العمل الدؤوب و تمهيد كل الطرق الديبلوماسية بعلاقات شخصية و وطنية في صمت و نكران ذات لم ينم له جفن و لم يستقر له قرار حتى أرسى بحكمة و بصيرة أسس الاعتراف بالسيادة المغربية و انتزعها صريحة لا لبس فيها و لا غموض و لا جدال ، من جميع أمم الكرة الأرضية و دون أية معارضة من أي كان، مجلجلة في سماء الشرعية الدولية ممثلة في مجلس الأمن الدولي.

وكان القرار الأممي المسجل لسيادة المغرب على صحرائه دون أدنى معارضة ، و هي إشارة واضحة إلى ما تكنه الأمم العظمى و سائر دول العالم لشخصية جلالة الملك محمد السادس من تقدير و احترام و اعترافاً و معونة له على قيادة السفينة التي يحبها العالم بأسره إلى بر الأمان و السلم على يده بعدما اطلعوا على حسن طويته و تعلق شعبه الوفي بشخصه و حرصه على السلام و الطمأنينة لسائر الشعوب و مده جسور التعايش بين كافة الأجناس.

وكان ذلك القرار ، و كانت الفرحة الكبرى التي خرج فيها الشعب عن بكرة أبيه من طنجة إلى لكويرة هاتفا بحياة ملكه و سيادة بلده على صحرائه فرحة شبيهة بخطاب عودة أب الأمة إلى مملكته و فرحة مبدع المسيرة لما أعلن انطلاقتها.

متشبعا بمآثر جده المصطفى صلى الله عليم و سلم و إخوانه من الأنبياء و المرسلين فهو أمير المؤمنين ، و بما وقع يَوْمَ فَتْحِ الْبَيْتَ، لما صَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ، وَقَدْ لُبِطَ بِالنَّاسِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ، فَقَالَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، مَاذَا تَقُولُونَ وَمَاذَا تَظُنُّونَ ؟

قَالُوا: نَقُولُ خَيْرًا وَنَظُنُّ خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ، وَقَدْ قَدَرْتَ فَأَسْجِحْ قَالَ: فَإِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ:

لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ .

فكانت الفرحة الكبرى شبيهة بفرحة الشاعر محمد الطنجاوي التي غناها محمد عبد الوهاب .

«الله أكبر والفرحة الكبرى بساتين وعنبر

في كل بيت، كل حصن، كل منبر

قنديل أفراح.. ولون الثوب أخضر

والحب والأفراح والأطباق.. سكر

والفارس المغوار.. تحت حزامه الخنجر

عرش وشعب.. أي حب لا يقدر»

مشاركة