بقلم: عبد السلام اسريفي
في خروج إعلامي جديد لا يخلو من التناقض، حاول وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إقناع الرأي العام في بلاده بأن المغرب فشل في تمرير قرار يتعلق بالصحراء المغربية داخل مجلس الأمن، متناسياً أن ما صدر عن المجلس مؤخراً يشكل في جوهره انتصاراً دبلوماسياً واضحاً للمملكة المغربية وترسيخاً لخيار الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي للنزاع المفتعل.
ففي مقابلة مع قناة “الجزائر الدولية”، قال عطاف إن “الولايات المتحدة الأمريكية تسعى للعب دور الوسيط، والوسيط يجب أن يتخلى عن موقفه الوطني ويبحث عن حل يرضي الطرفين”، قبل أن يضيف أن “حق تقرير المصير هو حجر الزاوية في قضية الصحراء”.
لكن هذا الخطاب، الذي يحاول تغليف خيبة الجزائر بلغة دبلوماسية، سرعان ما يتهاوى أمام الحقائق الميدانية والقرارات الأممية التي تؤكد أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي باتت تحظى بدعم متزايد من القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا.
كيف يمكن لوزير الخارجية الجزائري أن يتحدث عن “فشل مغربي” وهو في الآن ذاته يهاجم واشنطن باعتبارها “حاملة القلم” في صياغة القرار الأخير؟
الجواب بسيط: محاولة لتسويق الوهم داخلياً، وصناعة انتصارات دبلوماسية وهمية تخفف من وطأة العزلة الإقليمية التي تعيشها الدبلوماسية الجزائرية، بعد أن فشلت في إقناع أي طرف مؤثر بموقفها من قضية الصحراء.
لقد أظهرت مناقشات مجلس الأمن بوضوح أن المجتمع الدولي بات مقتنعاً بجدية وواقعية المقترح المغربي، مقابل تراجع ملحوظ للأطروحة الانفصالية التي تروج لها الجزائر عبر أذرعها الإعلامية والسياسية.
أما حديث عطاف عن “نجاح” بلاده في تمديد مهمة بعثة “المينورسو” لسنة إضافية، فهو مجرد محاولة بائسة لتلميع صورة دبلوماسية فقدت بوصلتها، لأن التمديد ليس إنجازاً جزائرياً بل إجراءً روتينياً دأب عليه مجلس الأمن منذ سنوات في إطار الحفاظ على الهدوء الميداني.
في المحصلة، لا يتعلق الأمر إلا بمحاولة جديدة من النظام الجزائري لترويج رواية موجهة للاستهلاك الداخلي، بعد أن بات واضحاً أن قضية الصحراء المغربية حُسمت واقعياً وسياسياً، وأن ما تبقى هو تفاصيل تسوية تحت مظلة الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب منذ 2007 واعتبره العالم الخيار الوحيد القابل للتطبيق.

