الرئيسية آراء وأقلام عندما يحتفل النظام الجزائري بالهزيمة: “نصر من ورق وديبلوماسية من كرتون” على خلفية تعليق عطاف الأخير.

عندما يحتفل النظام الجزائري بالهزيمة: “نصر من ورق وديبلوماسية من كرتون” على خلفية تعليق عطاف الأخير.

images 94
كتبه كتب في 2 نوفمبر، 2025 - 11:20 مساءً

بقلم: عبد السلام اسريفي

يبدو أن النظام الجزائري وجد أخيرًا ما يحتفل به: هزيمته المدوية في مجلس الأمن! فبعد صدور القرار رقم 2797 حول الصحراء المغربية، خرج وزير الخارجية أحمد عطاف أمام الإعلام بوجهٍ متهلل ليعلن “انتصار الجزائر”… على من؟ الله وحده يعلم! ربما انتصرت على المنطق، أو على نفسها، أو على الخجل.

قال الرجل، بثقة منقطعة النظير، إن بلاده “أفرغت القرار من محتواه”. لكن السؤال البسيط الذي ينسف خطبته كلها هو:

إذا كنتم قد أفرغتموه من محتواه، فلماذا لم تصوتوا لصالحه؟

كيف يحتفل المنتصر بخسارة صوته؟ وكيف يزهو من يقول لا في الوقت الذي يقول فيه العالم بأجمعه نعم؟
الأمر يشبه أن يخرج فريق خاسر بخماسية نظيفة ليصرّح مدربه: “لقد سيطرنا على المباراة” — ربما في الأحلام!

في الحقيقة، ما فعله عطاف لا علاقة له بالدبلوماسية، بل هو عرض مسرحي للهروب من الواقع.
القرار الأممي واضح وضوح الشمس:.

أعرب عن دعمه الكامل للأمين العام الأممي ولمبعوثه الشخصي في تيسير وإجراء المفاوضات، استنادا إلى مقترح الحكم الذاتي المغربي، بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، ومتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة، مرحبا في الوقت ذاته بأي مقترحات بنّاءة تقدمها الأطراف استجابة لهذا المقترح المغربي.

إشادة بدور المغرب في الدفع بالحل السلمي.
أما الجزائر؟ فاسمها ورد فقط باعتبارها طرفًا معنيًا مطالبًا بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، لا كزعيمة تحرر ولا كوصيّ على الشعوب.

ومع ذلك، يخرج النظام ليغني نشيد “الانتصار العظيم”!
كأنها حفلة تنكرية ديبلوماسية يتبادلون فيها التهاني على “إفراغ قرار” لم يشاركوا حتى في صياغته.

وجاء قبله المندوب الجزائري في الأمم المتحدة ليكمل العرض، بخطابٍ امتد أكثر من 13 دقيقة من الهذيان السياسي، حاول فيها إقناع العالم بأن الهزيمة كانت “اختيارًا استراتيجيًا”!
قال كل شيء إلا الحقيقة: أن الجزائر فشلت في تمرير أي تعديل أو تحفظ، وأن حتى الدول التي كانت تسايرها من باب المجاملة آثرت الصمت هذه المرة،وامتنعت عن التصويت، دون استعمالها لحق الفيتو،أمام صدمة الرجل، الذي تحول في ثانية إلى قنبلة قابلة للانفجار.

ولأنهم يعرفون أن الداخل الجزائري لا يقرأ القرارات الأممية، فقد اختاروا التهريج بدل التوضيح. الإعلام الرسمي يصفق، والمحللون “المعلّبون” يهللون، كأنهم في حفل زفاف دبلوماسي لا أحد يعلم من العريس فيه!

أما الحقيقة فهي مُرّة:
الجزائر خسرت الجولة كما خسرت ما قبلها.
المغرب عزز موقعه، والعالم أجمع تبنى لغته.
والمضحك أن النظام الجزائري لا يزال يصر على أن “الكرة في ملعب الأمم المتحدة” بينما الملعب نفسه أصبح ملكيًا مغربيًا بالكامل!

إنه مشهد مثير للشفقة: نظام يصرف المليارات على مشروع وهمي في تندوف، ثم يعود ليقول لشعبه: “لقد انتصرنا!”
انتصرتم على ماذا؟ على العقل؟ على الواقع؟ على الحقيقة؟

منذ نصف قرن والجزائر تكرر نفس الأسطوانة: “نحن مع تقرير المصير”.
لكنها لم تقل لشعبها أن أبناء تندوف أنفسهم يريدون تقرير مصيرهم من الجزائر، لا منها.

قرار مجلس الأمن 2797 لم يكن مجرد وثيقة دبلوماسية، بل كان شهادة وفاة سياسية لمشروع البوليساريو، وورقة نعي صريحة لأحلام الانفصال التي كانت تُغذّي بها الجزائر أوهامها.
الواقع الدولي تغيّر، والمغرب يتقدم بثقة، بينما النظام الجزائري لا يزال يعيش في زمن البيانات الثورية بالآلة الكاتبة.

فليحتفلوا إذًا، ما دام الاحتفال هو الشيء الوحيد الذي يجيدونه.
وليواصل عطاف خطاباته التي تشبه نشرات الطقس: كلام كثير، نتائج صفر.
التاريخ سيسجل أن الجزائر خسرت المعركة واحتفلت بها، وأن دبلوماسيتها باتت مثل فيلم كوميدي طويل عنوانه:

“نصر بلا انتصار… وهزيمة يُصفّق لها التلفزيون الرسمي.”

مشاركة