الرئيسية وكالات الرباط – قراءة في خلفيات تمديد ولاية “المينورسو” لسنة كاملة: المغرب يرسخ موقعه كفاعل مسؤول في مسار التسوية الأممية

الرباط – قراءة في خلفيات تمديد ولاية “المينورسو” لسنة كاملة: المغرب يرسخ موقعه كفاعل مسؤول في مسار التسوية الأممية

images 93
كتبه كتب في 2 نوفمبر، 2025 - 3:03 مساءً

يبدو أن قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء المغربية “المينورسو” لسنة إضافية، لم يكن مجرد إجراء إداري روتيني، بقدر ما عكس تحولًا دقيقًا في مقاربة المجتمع الدولي لقضية الصحراء المغربية، وللدور المحوري الذي باتت تلعبه الرباط في تثبيت الاستقرار الإقليمي ودعم الحلول الواقعية للنزاعات.

ففي الوقت الذي اعتبر فيه البعض أن تمديد مهمة البعثة دون تعديل جوهري لا يحمل جديدًا، شدد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، على أن الخطوة تمثل مؤشرًا واضحًا على تجذر المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي، باعتباره الإطار الوحيد القادر على تحقيق تسوية واقعية ودائمة.

وفي حديثه للقناة الثانية مساء السبت، أوضح بوريطة أن “المينورسو” لم تعد، منذ سنوات، بعثة لتنظيم الاستفتاء كما وُلدت في بدايتها، بل أصبحت أداة داعمة للمبعوث الشخصي للأمين العام في جهود الوساطة والتقريب بين الأطراف. هذا التحول – كما يرى مراقبون – يُجسد نجاح الدبلوماسية المغربية في إعادة توجيه مسار القضية نحو منطق الحل السياسي الواقعي، بعيدًا عن الطروحات المتجاوزة.

لكن بوريطة لم يُغفل الإشارة إلى التحديات المالية التي تواجه منظومة حفظ السلام الأممية، بعد تراجع الدعم الأمريكي بنحو 22 في المئة، ما فرض على البعثة نوعًا من “التقشف الميداني” شمل تقليص عدد الطائرات المروحية وإغلاق بعض المواقع. ومع ذلك، فإن التمديد لمدة سنة كاملة يُعد اعترافًا ضمنيًا من مجلس الأمن بضرورة منح الوقت الكافي لإنضاج المشاورات السياسية بقيادة المبعوث الشخصي للأمين العام، ستافان دي ميستورا.

ويؤكد محللون أن التحول في مدة الولاية يعكس ثقة الأمم المتحدة في استقرار الوضع الميداني بالصحراء المغربية، وفي قدرة المغرب على ضبط الإيقاع الأمني والسياسي بالمنطقة، بما يضمن استمرار العملية السياسية في أجواء هادئة وبنّاءة. كما أن الموقف المتوازن للدول الخمس الدائمة العضوية، وخصوصًا الولايات المتحدة وفرنسا، يعزز من موقع المملكة كشريك موثوق في إدارة القضايا الاستراتيجية ذات البعد القاري والدولي.

ختامًا، يظهر أن تمديد ولاية “المينورسو” لعام كامل لم يكن مكافأة رمزية للمغرب، بل تجسيدًا لثقة مجلس الأمن في الرؤية المغربية القائمة على الواقعية والتعاون. فالمملكة، التي التزمت طيلة السنوات الماضية بنهج الحوار والانفتاح، تواصل اليوم ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية مسؤولة تدافع عن وحدتها الترابية ضمن إطار الشرعية الدولية وبروح الشراكة مع الأمم المتحدة.

مشاركة